محمد المقبلي: فكرنا قبل تونس ونتائج اليوم لا تعنينا

27 يناير 2015
المقبلي أحد رموز شباب الثورة اليمنية (العربي الجديد)
+ الخط -


يؤمن الكاتب والناشط المستقل محمد المقبلي، باعتباره أحد مؤسسي حركة 15 يناير التي دشنت انطلاقة ثورة التغيير اليمنية، بأن السلمية هي الوسيلة المُثلى للوصول للتغيير المنشود.
المقبلي رئيس القطاع الطلابي بمجلس شباب الثورة وعضو الهيئة السياسية العليا، ومسؤول ملف الشباب في الحوار الوطني يفتح قلبه لـ "العربي الجديد" في حوار:

لماذا خرج الشباب في بداية 2011 ضد النظام الحاكم؟ هل جاء ذلك تأثرا بما حدث في تونس ومصر أم أن هناك دوافع وحيثيات أخرى؟

كانت الثورة بالنسبة لشباب اليمن فكرة تختمر منذ انطلاق الحراك السلمي في جنوب اليمن عام 2007 لعدة أسباب، في مقدمتها، غياب مشروع دولة حقيقية، تحقق مطلبات العصر بالنسبة لجيل شاب فتح عيونه على العصر الحديث ووجد ذاته في مؤخرة الأمم.
كما أن الحساسية من التوريث السياسي كانت واحدة من أبرز المخاوف لدى الشباب اليمني.
ذلك حتى لا يسيطر أبناء النظام على مستقبلنا كما سيطر آباؤهم على ماضي آبائنا ومستقبلهم.

مع ذلك، شكلت الموجة العربية السلمية التي بدأت من تونس، حافزا معنويا لنا لإخراج الثورة إلى الشارع، وكذا الطريقة والشعار المختصر وإضافة إلى أيقونة أبو القاسم الشابي "إذا الشعب يوما أراد الحياة".

مرت أربع سنوات منذ اندلاع ثورات الربيع العربي.. هل نجح التغيير في اليمن؟
الثورة نجحت في إحداث تغيير على مستوى الذهنية العامة.. كما أنها أحدثت تغييرا داخل المجتمع الجديد، ممثلا في شباب الثورة السلمية، وأستطيع القول إن الثورة حققت إنجازا على مستوى قيمة الحرية والتجربة السلمية، لكنها تعرضت لخذلان سياسي من قبل النخب السياسية الأيدلوجية التي وصلت إلى السلطة باسم الثورة، كونها لم تحقق التغيير على مستوى الدولة لافتقارها الرؤية والمشروع المتكامل القادر على تحقيق التغيير السياسي والأمني والاقتصادي والتعليمي، والدفع نحو بناء الدولة اليمنية الحديثة كهدف مركزي للثورة السلمية.

البعض يحمل ثورة التغيير الشبابية مسؤولية ضياع الدولة وسيطرة المليشيات المسلحة بدلا عنها؟ ما رأيك؟
الثورة لم تصل إلى الدولة، ومن وصل إلى الدولة هي المعارضة السياسية التي كانت الصورة الأخرى للنظام مع فارق بسيط.. أن النظام كان يقتل الشباب وهي لم تقتل.
وللأسف عندما وصلت المعارضة إلى جزء من السلطة، لم تكن تمتلك رؤية للدولة سوى تلك التي رأت عليها الحاكم ونظامه، كان يبني سلطة ولم يبن دولة.

لماذا تراجع دور الشباب في التأثير على مجريات الساحة اليمنية؟

تعرض الشباب لحصار خانق في حياتهم وأعمالهم منذ التوقيع على المبادرة السياسية.. هم متواجدون في المشهد الوطني، لكن الذين تبقوا واستطاعوا الصمود حتى اللحظة دوائر قليلة، والبقية متواجدة لكنهم تعرضوا للاستهداف والتشتيت الممنهج من كافة القوى السياسية، سواء النظام أو المعارضة.
وأعتقد أن الشباب أصبحوا الآن أكثر نضجا من الناحية السياسية من أي وقت مضى، حيث بدأت بعض الكيانات الشبابية تتبلور سياسيا ومؤسسيا، وينقصها عامل الزمن لكي تخرج إلى النور كقوة سياسية جديدة.

وبالنسبة للمرأة؟
ينطبق الحال على الحركة النسوية في الثورة، إلا أن الظرف الاجتماعي للمرأة أكثر تعقيدا من الشباب، وبالتالي فإن قدرتها على العمل السياسي أصعب، إنما هناك تحالف مدني يتبلور بين الحركة النسوية والحركة الشبابية، وأعتقد أنه سيشكل إضافة للمستقبل.

كأحد القيادات الشبابية.. ما هو موقفك من جماعة أنصار الله (الحوثيين)؟
موقفي كموقف كافة شباب الثورة السلمية، ويتخلص في شعار التظاهرة الإلكترونية الشبابية يوم 10 يناير 2015 "الحوثي والقاعدة صورة واحدة".. الأيقونة الثورية للثورات العربية السلمية كانت تحمل نداء الحياة "إذا الشعب يوما أراد الحياة" للشابي، وبالتالي الثورات التي مرجعيتها نداء الحياة هي مناهضة لجماعات العنف والإرهاب التي مرجعيتها شعار الموت وثقافة الموت.

الحوثية والقاعدة جماعات مسلحة.. هل السلمية قادرة على هزيمتها وإخراجها من المدن؟
أعتقد أن السلمية إذا طورت أساليبها ورؤاها، قادرة على مناهضة العنف وإخراج جماعات العنف من المدن والتأسيس لدولة مدنية.

هل ثورة الشباب السلمية التي حدثت في 2011 استثنائية أم أنك تعتقد بأن الشباب قادر على أن يستمر في حراكه الرافض للاستبداد والظلم والفساد؟
ما حصل في 2011 موجة ثورية ستليها موجات عديدة بوسائل عديدة، حتى بناء الدولة المدنية الحديثة التي تحقق قيم الثورة، وأجمل ما في قيم الثورة السلمية أنها قيم إنسانية معظمها موجودة في أدبيات الأمم المتحدة، وفي مقدمة تلك الأدبيات الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.. "ثورة حتى بناء الدولة اليمنية الحديثة دولة العلم والتنمية والمؤسسية وحقوق الإنسان والحكم الرشيد".

كيف تقيّم التدخل الخارجي في القضايا اليمنية الداخلية؟
نتيجة غياب الإرادة السياسية التي تعكس الإرادة اليمنية لليمنيين الأحرار، تعمل السلطات المتعاقبة على إعاقة بناء الدولة اليمنية التي تتمع باستقلالية وذاتية. تلك الإعاقات السلطوية جعلت اليمن بلدا مكشوفا ومسلوب السيادة، تصل التدخلات الخارجية إلى مراحل الضرب على العظم.
وأقول هذا الكلام وأنا أتذوق المرارة في حلقي لحظة الإجابة عن سؤالك، المرارة التي أتذوقها على بلدي الذي أعرفه جيدا كمتأمل شغوف لملامح الذات اليمنية، وأدرك جيدا الذات الحضارية لليمنيين.

من وجهة نظرك.. ما هو مستقبل الربيع اليمني؟
مستقبل مرهون بمدى الإرادة لدى اليمنيين عامة والشباب والمثقفين خصوصا، وأصحاب المصلحة الحقيقية في التغيير.
وأعتقد أن وجود رؤية للتغيير ومشاريع مؤسسية تترجم هذه الرؤية إلى واقع، سيجعل مستقبل الربيع اليمني بناء دولة يمينة حديثة تترجم أحلام اليمنيين وتطلعاتهم إلى واقع يفصح عن ميلاد يمن متقدم ومتطور وملتحق بالعصر والعالم.

ما الذي تريد قوله لزملائك الشباب الذين شاركوك في ثورة التغيير الشبابية؟
أقول.. أنتم الرئة التي يتنفس منها هذا الشعب.. قد تتعرض الرئة لمتاعب، لكنها لا تنكمش، لأنها لو انكمشت سيختنق بعد انكماشها بلد بأكمله.
عليكم أن تدركوا الحلقات الأربع المفقودة، التي افتقدت إليها النخب السياسية العاجزة، وهي المؤسسية والمعرفة (بما فيها البحث العلمي والتفكير العلمي والرؤى العلمية) والخيال والإبداع. يجب أن تخلقوا الحلقات المفقودة لكي تصنعوا التحولات التي تم إهدارها.. أنتم المعنيون بالمستقبل وأنتم الأكثر ألما على دماء شهداء الثورة.. ولا ثمن لدماء الأحرار، إلا بتحقيق الأهداف التي قدموا من أجلها حياتهم، وفي مقدمة تلك الأهداف بناء دولة العلم والقانون والمواطنة كهدف استراتيجي للثورة السلمية.