وقال عامر إنه "لا يمكن الحديث عن توجه البنك إلى تعويم الجنيه في الوقت الحالي، أما خفض الجنيه مجددا، فهو واقع لا محالة، إلا أنه ينتظر التوقيت المناسب، الذي يحدده البنك، وفق متغيرات المشهد الاقتصادي".
واستعرض عامر الرؤية المستقبلية لسياسة الدولة النقدية، خلال اجتماع مغلق للجنة الاقتصادية في مجلس النواب المصري، اليوم. وقال طارق عامر، في تصريحات صحافية، إن أعضاء اللجنة أبدوا تفهما لرؤية البنك المركزي، بعد أن عرض وضع الاحتياطي النقدي المتراجع، وسوق الصرف، ونقص الدولار، وكيفية صياغة ضوابط للخروج من الأزمة الحالية.
ووعد محافظ المركزي المصري أعضاء اللجنة بالتنسيق والتعاون مع البرلمان لوضع الرؤى المستقبلية لإدارة السياسة النقدية، وطرح إصلاحها، الذي يعد عنصرا هاما في برنامج الإصلاح الاقتصادي، الذي يشمل الإصلاح الإداري والضريبي وتحسين مناخ الاستثمار والأعمال، فضلا عن طرح بعض الأصول المملوكة للدولة في البورصة لمواجهة عجز الموازنة العامة.
وأشار عامر إلى أن المرحلة المقبلة ستشهد مزيدا من التنسيق بين السياستين النقدية والمالية من أجل ضبط الإيقاع في سوق العملة، متهما بعض شركات الصرافة بالتسبب في حالة من عدم الاستقرار الاقتصادي والتأثير سلبا على الأسواق بالمضاربات.
وأضاف أن البنك اتخذ إجراءات عدة ضد عدد كبير من الشركات، ثم تابع: "كان من الممكن اتخاذ إجراءات أخرى أشد عنفا، لكن لاعتبارات معينة تم الاكتفاء بما اتخذ من إجراءات"، على حد قوله.
وطالبت اللجنة عامر بإفادتها بإجمالي الديون الخارجية المستحقة على مصر، وجدول الأقساط، والفوائد المستحقة عليها مستقبلا، لكنه اعتذر عن الكشف عن هذه الأرقام لعدم توفره عليها وقتها، حيث طلب مهلة (غير محددة) لإرسال هذه البيانات إلى البرلمان، وفق نائب حضر الاجتماع.
وتتزامن هذه التصريحات مع تجاوز سعر الدولار في السوق السوداء في مصر مستوى 11.75 جنيها، لأول مرة في تاريخ مصر.
ويبلغ السعر الرسمي للجنيه في تعاملات ما بين البنوك 8.78 جنيهات، بينما يشتري الأفراد الدولار من البنوك بسعر 8.88 جنيهات.
ولم ينجح البنك المركزي المصري في القضاء على السوق السوداء أو حتى تخفيف حدة هبوط الجنيه من خلال الإجراءات التي اتخذها خلال الفترة الماضية سواء بخفض سعر العملة في مارس/آذار أو العطاءات الاستثنائية أو سحب تراخيص نحو 21 شركة صرافة في الأشهر الستة الأولى من العام الجاري.
وفي الثالث من يوليو/تموز الجاري، شدد عامر، في مقابلات مع ثلاث صحف مصرية، على أن الحفاظ على سعر غير حقيقي للجنيه كان خطأ، معربا عن استعداده لأخذ القرارات الصحيحة وتحمّل نتائجها.
وكان المركزي المصري قد خفض، في شهر مارس/ آذار الماضي، قيمة الجنيه مقابل الدولار بنسبة 14.5%، بما يعادل 112 قرشا، لمواجهة ارتفاع العملة الأميركية في السوق السوداء وعدم استنزاف احتياطي البلاد من النقد الأجنبي في الدفاع عن العملة.
غير أن القرار أخفق، وفق متعاملين ومراقبين، في السيطرة على السوق السوداء، إذ سرعان ما عادت الأسعار للارتفاع بُعيد تراجعات طفيفة، وذلك في ظل تراجع إيرادات البلاد من السياحة والصادرات والاستثمار الأجنبي وقناة السويس وتحويلات المصريين في الخارج.
وطالب صندوق النقد الدولي القاهرة، في أكثر من مناسبة، بتبني سياسة سعر صرف مرنة للعملة الأجنبية مقابل الجنيه، تتحكم فيها مستويات العرض والطلب.
وذكرت مصادر أن مصر دخلت في مفاوضات مع صندوق النقد الدولي لاقتراض 6 مليارات دولار، غير أن مصادر حكومية نفت هذه الأنباء.
وسددت مصر، الشهر الماضي، آخر دفعة من الوديعة القطرية بقيمة مليار دولار، وتستعد لسداد 800 مليون دولار خلال يوليو/ تموز الجاري لمصلحة دول نادي باريس، إلى جانب 250 مليون دولار لمصلحة ليبيا، وفق تصريحات سابقة لطارق عامر.
وارتفع احتياطي مصر من النقد الأجنبي في نهاية يونيو/ حزيران المنصرم إلى 17.546 مليار دولار، بزيادة بلغت 26 مليون دولار عن مايو/ أيار الماضي.