وفي بيان مشترك اعتبرت الدول الأوروبية الثمانية أنّ "هجومًا عسكريا واسعا في إدلب قد يُهدّد حياة أكثر من ثلاثة ملايين مدني، بينهم مليون طفل، يعيشون في المنطقة". وأضاف البيان "ندعو البلدان الضامنة" لمسار أستانا الذي أنشئت بموجبه مناطق خفض توتر في سورية "وخصوصًا روسيا وإيران، إلى الحفاظ على وقف إطلاق النار وعلى الترتيبات التي كان تم الاتفاق عليها سابقًا، بما في ذلك أولوية حماية المدنيين".
وتابعت الدول الثماني الموقّعة على البيان أنّ أيّ عملية عسكرية يشنّها النظام السوري "قد تؤدي أيضًا إلى نزوح جديد لأعداد كبيرة من الناس، بينهم من كانوا قد نزحوا سابقًا بسبب العمليات العسكرية والحصار الوحشي للنظام" في مناطق سورية أخرى.
وجاء المؤتمر الصحافي للمندوب السويدي الخميس قبل جلسة مجلس الأمن الدولي الشهرية المتعلقة بملف الأسلحة الكيميائية في سورية. وتعقد الجلسة الشهرية عادة وراء أبواب مغلقة، إلا أن الولايات المتحدة، التي تترأس مجلس الأمن الدولي لهذا الشهر، طلبت عقد جلسة مفتوحة.
وقال سكوغ، الذي تحدث باسم الدول الأوروبية الثماني إن "الصراع في سورية أدى إلى عدد مهول من الخسائر في الأرواح، وأدى كذلك إلى معاناة واسعة النطاق لملايين السوريين الذي أجبروا على ترك بلادهم. إننا نشعر بالقلق الشديد إزاء التصعيد العسكري من قبل النظام السوري وروسيا في شمال غرب سورية، الذي ستكون عواقبه كارثية على المدنيين. إن العملية العسكرية ستعرض حياة المدنيين للخطر، بمن فيهم أكثر من مليون طفل، وقد تؤدي كذلك إلى حركة نزوح واسعة النطاق". ثم حذر من أي استخدام للأسلحة الكيميائية. وناشد كلاً من روسيا وإيران بالالتزام باتفاقيات منع التصعيد والحفاظ على وقف إطلاق النار. وأكد أن هناك عدداً من الاجتماعات المفتوحة والمغلقة التي يشهدها مجلس الأمن الدولي في نيويورك للتباحث حول الوضع في سورية، أبرزها اجتماع في المجلس لنقاش الوضع في إدلب يوم الجمعة.
ومن جهتها، قدمت الممثلة السامية لشؤون نزع السلاح الكيميائي، أيزولي أكالوزو، إحاطتها حول آخر التطورات بخصوص تنفيذ قرار مجلس الأمن 2118 المتعلق بالتخلص من الأسلحة الكيميائية في سورية. وأضافت أنها عقدت العديد من اللقاء قبيل مشاورات اليوم، ومن ضمنها مشاوراتها مع المدير العام لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية. وأضافت أن "الأمانة الفنية لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية قد تحققت من تدمير المرافق الـ27 لإنتاج الأسلحة الكيميائية التي أفصحت عنها الجمهورية العربية السورية. هذه خطوة أساسية صوب التنفيذ الكامل للقرار. كما أن الجهود ما زالت جارية من أجل توضيح المسائل العالقة".
أما السفير الفرنسي للأمم المتحدة، فرانسوا دولاتر، فقد قال خلال مداخلته إن "سورية على شفا الهاوية من جديد، وآمل أن الجميع يقدر معنى هجوم واسع النطاق على إدلب التي يقطنها ثلاثة ملايين نسمة وآثاره الإنسانية، وإن الآثار المتعلقة بالهجرة والأمن ستكون كارثية وستفتح فصلاً جديداً في المأساة السورية طويلة الأمد". وناشد السفير الفرنسي الدول الداعمة لدمشق ممارسة نفوذها على النظام السوري لمنع الأزمة. وقال إن "داعمي دمشق يمكنهم منع هذه الأزمة، لأن النظام لا يمكنه أن يتصرف بمفرده. كما نظل يقظين جداً حيال احتمال استخدام الأسلحة الكيميائية، واستخدامها من جديد على يد نظام الأسد لن يظل بلا عقاب".
ومن جهته تحدث السفير الكويتي لمجلس الأمن، منصور العتيبي، عن استياء بلاده من عدم التجديد لآلية تحديد المسؤولين عن الهجمات الأخيرة التي أثبت فيها استخدام الأسلحة الكيميائية في سورية. وأدان أي استخدام للأسلحة الكيميائية في أي مكان ومن قبل أي طرف، مع التأكيد على ضرورة محاسبة المسؤولين.
ومن جهته دافع سفير روسيا عن النظام السوري، وقال إن "الحكومة السورية قدمت كل المعلومات التي تملكها ولا أساس حول مناقشة تدعي أن سورية ما زالت لديها أسلحة كيميائية". وأضاف "لقد شهدنا نفس الأسلوب يتبع في العراق، ولم تشر المنظمة إلى أن المرفق، الذي ضربته فرنسا والولايات المتحدة، تم تدميره بسبب الضربات الجوية". ثم هاجم منظمة "الخوذ البيضاء" وزعم أنها "تقوم بالتمثيل والمسرحيات، وتحدّث عن أنه يتم تمويلها من دول غربية"، وشكك في نزاهتها. وقال إن إلقاء اللوم على الحكومة السورية ما هو إلا لخلق فرصة من أجل الاعتداء على المناطق التي تحت سيطرة النظام. وانتقد منظمة حظر الأسلحة الكيميائية وشكك في نزاهة عملها بالماضي.
وفي سياق متصل عبّر المستشار الخاص بالأمين العام للأمم المتحدة المعني بمنع الإبادة الجماعية، أداما دينغ، عن قلقه العميق إزاء التقارير التي تفيد باحتمال حدوث هجوم عسكري على إدلب خلال الأيام المقبلة. وتحدث في بيان صحافي صادر عن مكتبه، وصلت إلى مكتب "العربي الجديد" في نيويورك نسخة منه، عن قلقه كذلك إزاء الأثر المدمر الذي سيتركه ذلك الهجوم على المدنيين الذين يعيشون هناك. وأشار البيان إلى "التقارير التي تشير إلى تجمع وتوجه قوات تابعة للحكومة السورية إلى إدلب، كما نفذت غارات في مناطق متفرقة من محافظة إدلب في الرابع من شهر أيلول/ سبتمبر".
وأشار البيان إلى أن إدلب هي المنطقة الأخيرة المتبقية من مناطق "خفض التصعيد" التي تم الاتفاق حولها ضمن اتفاقية أستانة في أيار/ مايو العام الماضي. وأشار البيان كذلك إلى أن تلك هي المناطق التي لجأ إليها مئات الآلاف من المدنيين، فضلاً عن إخلاء النظام السوري وحلفائه آلافاً من مناطق أخرى؛ حلب والغوطة الشرقية ودرعا والقنيطرة، ضمن "اتفاقيات المصالحة"، إلى إدلب". ويعيش ما يقرب من ثلاثة ملايين سوري في تلك المناطق، بمن فيهم مليون طفل. كما أن نحو نصف سكان المنطقة نزحوا إليها من أماكن أخرى في سورية.