مجد.. صانع الألوان في شارع الحمراء

04 نوفمبر 2015
يستغرق الأمر دقائق قليلة منه لينجز سواراً (العربي الجديد)
+ الخط -
تختلف قصة مجد عن غيره من اللاجئين السوريين في لبنان، خصوصاً في أسباب هجرته وما تعرض له من صعاب وعمله الحالي.

ينتظر مجد كغالبية السوريين في لبنان فرصة الهجرة الى أحد البلدان الأوروبية. لا شيء جديد في ذلك، إلاّ أنّ مجد قرّر أن تكون محطة الانتظار في العاصمة اللبنانية، بيروت، مُلوّنة بألوان الأسوار الجذابة التي يصنعها على "البلاطة"، في شارع الحمراء في بيروت. هكذا يُسمّي مجد الحافة الإسمنتية على الرصيف المُقابل لنزلة البيكادلي الشهيرة في الحمراء. يجده الزبائن والأصدقاء هناك بصورة يومية، بين الخامسة عصراً والتاسعة مساءً. يتنوع عمله ما بين صنع الأساور والضفائر الملونة للفتيات من خيوط الصوف.

تبدو المُهمة سهلة أثناء الحديث مع الشاب السوري، فتظهر الأرزة التي تتوسط علم لبنان بحجم صغير خلال ثوانٍ معدودة في منتصف السوار الذي يعمل عليه. يستغرق الأمر دقائق قليلة منه لينجز سواراً من اتحاد الخيوط الصوفية على خيط يعقده على ركبته اليسرى، ليبدأ بعدها بجمع حوالى 800 عُقدة تشكل جميعها سواراً واحداً خلال دقائق قليلة.

هو حاله منذ سنتين بعدما قاده قرار شخصي لمُغادرة العاصمة السورية دمشق. يؤكد مجد لـ"العربي الجديد" أنّ الأزمة السورية لم تكن السبب المُباشر لمُغادرة منزل عائلته: "غادرت منزل أهلي الميسورين قبل ثلاثة أشهر من توجهي إلى لبنان بسبب خلافات عائلية". لكنه يشير إلى أنّ "أجواء الأزمة في سورية جعلت قراري أسهل، بالرغم من كل ما كنت أتوقع أن أواجهه في الغربة".

ساهمت الأشهر الأولى التي أمضاها مجد في بيروت في تطوير شخصيته بشكل كبير. فقد نفدت الأموال القليلة التي كان قد جمعها من أعماله المُتنوعة في الشام، خلال الشهر الأول من إقامته في بيروت. يقول إنّه لم يتذوق طعم الأكل سوى ثماني مرات في الشهر الثاني: "نمت على صخور شاطئ بيروت حتى وجدت عملاً في صالون نسائي".

وبعدما تلقى مجد راتبه الأول وتمكن من استئجار غرفة في منطقة الحمراء، عاد ونام لليلة واحدة على الصخر: "لأعوّد نفسي على الصعاب، على الرغم من توفر فرشة مُريحة لي".

اكتسب مجد فنّ مزج الألوان من عمله السابق مع والده في بيع الدهانات المنزلية، ثم أكسبه الشارع فن الإقناع.

واليوم، ينتظر الشاب السوري الذهاب إلى سويسرا، بعد تسعة أشهر من تحضير الأوراق لعملية لمّ الشمل مع قريبته التي تنتظره هناك.

رفض قبل أشهر قليلة عرضاً للهجرة إلى ألمانيا في إطار مشروع لجمع هواة "فن الشارع"، فهو لا يريد "ورقة لجوء".

يبحث مجد عن هويته الثالثة في سويسرا بعد دمشق وبيروت، وهو لم يبلغ الثانية والعشرين بعد.

إقرأ أيضاً: أمّ غسان: ما لي وما لأوروبا؟
المساهمون