24 سبتمبر 2020
متى يزيل العرب آثار العدوان؟
في مثل هذا الشهر، يونيو/حزيران، وقبل 49عاماً، وتحديداً فى الخامس منه، تعرّضت مصر، ومعها سورية والأردن، إلى هزيمة عسكرية مريرة أمام العدو الإسرائيلي، ترتّب على تلك الهزيمة انكسار ثلاثةٍ من أهم الجيوش العربية وأكبرها في ذلك الوقت، والأكثر خطورةً كان احتلال العدو الإسرائيلى كامل أرض فلسطين التاريخية، من البحر إلى النهر، بكل ما تضمه من مقدساتٍ دينيةٍ إسلامية، ومسيحية. وأيضاً كل شبه جزيرة سيناء المصرية وجزرها في خليج العقبة، وأهمها جزيرتا تيران وصنافير المشرفتان على مضيق تيران، كذلك هضبة الجولان السورية بالكامل، ومزارع شبعا وقرية الغجر فى الجنوب اللبناني. وكانت صدمةً عنيفةً زلزلت الكيان والوجدان العربي كله، وأذهلت العالم.
وفي محاولاتٍ بائسة لامتصاص تلك الصدمة، وتخفيف وقعها على الجماهير، ومنع انفجارها في وجه نُظم الحكم المستبدة التى قادت الأمة إلى تلك الهزيمة المروّعة، جرت عملية تغييبٍ للوعي العربي، قام بها سدنة السلطة من مثقفين ومفكرين وكتاب، ارتضوا لأنفسهم ذلك الدور. وكانت البداية إنكار الهزيمة، بل وتجاهل المصطلح نفسه، وتم إطلاق مصطلح النكسة على تلك الهزيمة .. لتمرير فكرة أنها مجرد نكسة، وسيتم تجاوزها. أما احتلال العدو الإسرائيلى كل أرض فلسطين التاريخية، وأراضٍ من ثلاثة دول عربية أخرى، مصر وسورية ولبنان، فهو عدوان، وستعمل النظم العربية على إزالته، وهو ما تم إعلانه في مؤتمرات القمة المتعدّدة التي عقدها القادة العرب عقب الهزيمة، ورفعت شعار "إزالة آثار العدوان".
منذ ذلك الوقت، وعلى مدى الأعوام التسعة والأربعين التي مضت، أصبح الهدف القومي المعلن للعرب هو تجاوز النكسة، وإزالة آثار العدوان، وجرت في الأنهار العربية مياه كثيرة، وأريقت دماء عربية أكثر، حيث وقعت جولةٌ عسكرية تقليدية واحدة، هي حرب أكتوبر/ تشرين الأول 1973 التي خاضتها مصر وسورية، وتخلفت عنها الأردن شريكة هزيمة 1967. وقام العدو الإسرائيلي، في السياق العسكري نفسه، بعدة حروب "منخفضة المستوى"، أي شنها جيش العدو الإسرائيلي النظامي ضد حركات المقاومة والمنظمات من غير الدول، ضد لبنان في 1982، وأيضاً فى العام 2006، بذريعة ضرب منظمات المقاومة الفلسطينية في لبنان مرة، وضرب حزب الله مرة أخرى، وضد قطاع غزة في الأعوام 2008 و2012 و2014، بذريعة ضرب حركة حماس ومنظمات المقاومة المسلحة، ناهيك عن عمليات القمع والقتل والتهجير والإستيطان والتهويد والحصار التي تمارسها في الأراضى الفلسطينية في الضفة الغربية والقدس وغزة.
وإلى حرب أكتوبر 73، والحروب والعمليات الإسرائيلية منخفضة المستوى التى أشرنا إليها،
كانت هناك متغيرات أخرى، أهمها توقيع معاهدات سلام تعاقدي بين كل من مصر والأردن، كل على حدة، والعدو الإسرائيلي، وكذا اتفاقية أوسلو مع منظمة التحرير الفلسطينية، بالإضافة الى اتفاق الفصل بين القوات على هضبة الجولان السورية، واستمرار اتفاقية الهدنة اللبنانية الإسرائيلية.
بعد كل تلك السنوات، وما صاحبها من أحداث ووقائع، تباينت بين الحروب والمفاوضات والاتفاقيات وبعد كل ما أريق من دماء، وعشرات القمم العربية، والاجتماعات العادية والطارئة للوزراء في جامعة الدول العربية، كان لا بد من طرح السؤال الأهم، وهو.. هل تجاوز العرب النكسة؟ وهل تمت إزالة آثار العدوان؟ واقع الحال يقول (لا)، فالعدو الإسرائيلي لا يزال يحتل كل أراضي فلسطين التاريخية بشكل مباشر، عدا عن قطاع غزة الذي يفرض عليه حصاراً خانقاً برّاً وبحراً وجواً، ويبقى محتلاً محيطه الخارجي، كذلك هناك عملية استيطان كبرى ومستمرة في الضفة الغربية والقدس الشرقية التي يجري تهويدها، ولا يزال يحتل هضبة الجولان السورية، بل أعلن ضمها إلى الكيان الإسرائيلي رسمياً، كما يستمر احتلاله منطقة مزارع شبعا وقرية الغجر اللبنانية، وعلى الرغم من انسحابه من سيناء، هناك ترتيبات أمنية في ملحق خاص لإتفاقية السلام مع مصر، وكذا قوات متعددة الجنسية، وتنسيق أمني مستمر؟
على الرغم من أن الموقف شديد الوضوح، ونحن في مطلع العام الخمسين لهزيمة يونيو، لا زلنا نعيش أجواء النكسة، ولم نتجاوزها، ولا زالت آثار العدوان قائمة، متمثلة في استمرار احتلال العدو الإسرائيلى الأرض. ومع ذلك، تخرج علينا من أروقة قصور الحكم في العالم العربي، دعوات ومبادرات للسلام، بل لسلام دافئ، أي أن تكون لنا علاقات حميمية بالعدو الإسرائيلي. مع أن النكسة مستمرة، وآثار العدوان لم تتم إزالتها.
الشيء الوحيد الدافئ في علاقاتنا بالعدو الإسرائيلي هو دماء الشهداء الطاهرة التي أريقت على كل الأرض العربية، وستبقى تلك الدماء دافئة، حتى تتحرّر كل الأراضي العربية المحتلة، وفى مقدمتها القدس الشريف ومسجدها الأقصى وكنيسة القيامة، وحتى تعود كل حقوق الشعب الفلسطيني، وهو أمر ليس بعيد المنال، أو مستحيل التحقيق، كما يحاول بعضهم ترويج ذلك.
عندما يتحقق ذلك، يمكننا القول حقاً إننا قد تجاوزنا النكسة، وأزلنا آثار العدوان.
وفي محاولاتٍ بائسة لامتصاص تلك الصدمة، وتخفيف وقعها على الجماهير، ومنع انفجارها في وجه نُظم الحكم المستبدة التى قادت الأمة إلى تلك الهزيمة المروّعة، جرت عملية تغييبٍ للوعي العربي، قام بها سدنة السلطة من مثقفين ومفكرين وكتاب، ارتضوا لأنفسهم ذلك الدور. وكانت البداية إنكار الهزيمة، بل وتجاهل المصطلح نفسه، وتم إطلاق مصطلح النكسة على تلك الهزيمة .. لتمرير فكرة أنها مجرد نكسة، وسيتم تجاوزها. أما احتلال العدو الإسرائيلى كل أرض فلسطين التاريخية، وأراضٍ من ثلاثة دول عربية أخرى، مصر وسورية ولبنان، فهو عدوان، وستعمل النظم العربية على إزالته، وهو ما تم إعلانه في مؤتمرات القمة المتعدّدة التي عقدها القادة العرب عقب الهزيمة، ورفعت شعار "إزالة آثار العدوان".
منذ ذلك الوقت، وعلى مدى الأعوام التسعة والأربعين التي مضت، أصبح الهدف القومي المعلن للعرب هو تجاوز النكسة، وإزالة آثار العدوان، وجرت في الأنهار العربية مياه كثيرة، وأريقت دماء عربية أكثر، حيث وقعت جولةٌ عسكرية تقليدية واحدة، هي حرب أكتوبر/ تشرين الأول 1973 التي خاضتها مصر وسورية، وتخلفت عنها الأردن شريكة هزيمة 1967. وقام العدو الإسرائيلي، في السياق العسكري نفسه، بعدة حروب "منخفضة المستوى"، أي شنها جيش العدو الإسرائيلي النظامي ضد حركات المقاومة والمنظمات من غير الدول، ضد لبنان في 1982، وأيضاً فى العام 2006، بذريعة ضرب منظمات المقاومة الفلسطينية في لبنان مرة، وضرب حزب الله مرة أخرى، وضد قطاع غزة في الأعوام 2008 و2012 و2014، بذريعة ضرب حركة حماس ومنظمات المقاومة المسلحة، ناهيك عن عمليات القمع والقتل والتهجير والإستيطان والتهويد والحصار التي تمارسها في الأراضى الفلسطينية في الضفة الغربية والقدس وغزة.
وإلى حرب أكتوبر 73، والحروب والعمليات الإسرائيلية منخفضة المستوى التى أشرنا إليها،
بعد كل تلك السنوات، وما صاحبها من أحداث ووقائع، تباينت بين الحروب والمفاوضات والاتفاقيات وبعد كل ما أريق من دماء، وعشرات القمم العربية، والاجتماعات العادية والطارئة للوزراء في جامعة الدول العربية، كان لا بد من طرح السؤال الأهم، وهو.. هل تجاوز العرب النكسة؟ وهل تمت إزالة آثار العدوان؟ واقع الحال يقول (لا)، فالعدو الإسرائيلي لا يزال يحتل كل أراضي فلسطين التاريخية بشكل مباشر، عدا عن قطاع غزة الذي يفرض عليه حصاراً خانقاً برّاً وبحراً وجواً، ويبقى محتلاً محيطه الخارجي، كذلك هناك عملية استيطان كبرى ومستمرة في الضفة الغربية والقدس الشرقية التي يجري تهويدها، ولا يزال يحتل هضبة الجولان السورية، بل أعلن ضمها إلى الكيان الإسرائيلي رسمياً، كما يستمر احتلاله منطقة مزارع شبعا وقرية الغجر اللبنانية، وعلى الرغم من انسحابه من سيناء، هناك ترتيبات أمنية في ملحق خاص لإتفاقية السلام مع مصر، وكذا قوات متعددة الجنسية، وتنسيق أمني مستمر؟
على الرغم من أن الموقف شديد الوضوح، ونحن في مطلع العام الخمسين لهزيمة يونيو، لا زلنا نعيش أجواء النكسة، ولم نتجاوزها، ولا زالت آثار العدوان قائمة، متمثلة في استمرار احتلال العدو الإسرائيلى الأرض. ومع ذلك، تخرج علينا من أروقة قصور الحكم في العالم العربي، دعوات ومبادرات للسلام، بل لسلام دافئ، أي أن تكون لنا علاقات حميمية بالعدو الإسرائيلي. مع أن النكسة مستمرة، وآثار العدوان لم تتم إزالتها.
الشيء الوحيد الدافئ في علاقاتنا بالعدو الإسرائيلي هو دماء الشهداء الطاهرة التي أريقت على كل الأرض العربية، وستبقى تلك الدماء دافئة، حتى تتحرّر كل الأراضي العربية المحتلة، وفى مقدمتها القدس الشريف ومسجدها الأقصى وكنيسة القيامة، وحتى تعود كل حقوق الشعب الفلسطيني، وهو أمر ليس بعيد المنال، أو مستحيل التحقيق، كما يحاول بعضهم ترويج ذلك.
عندما يتحقق ذلك، يمكننا القول حقاً إننا قد تجاوزنا النكسة، وأزلنا آثار العدوان.