الحوثيون يعرقلون مبادرة أممية لصرف رواتب أكثر من مليون يمني

30 مايو 2017
أكثر من نصف اليمنيين يفتقرون إلى الغذاء(فرانس برس)
+ الخط -
يعيش أكثر من مليون موظف حكومي يمني بدون رواتب منذ ثمانية أشهر، مما استدعى تحركاً أممياً عبر مبادرة قدمها المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ، لكن مساعيه اصطدمت برفض الحوثيين.
ولدى وصوله إلى مطار صنعاء في 22 مايو/ أيار الجاري، أكد ولد الشيخ، في تصريحات صحافية أن زيارته تركز على القضية الاقتصادية، والتي تتعلق برواتب موظفي الدولة المتوقفة وأزمة البنك المركزي، مشيراً إلى ضرورة أن يبقى البنك مستقلاً وأن تصل الرواتب لجميع اليمنيين.
وكشفت مصادر مطلعة لـ"العربي الجديد" أن ولد الشيخ قدم باسم منظمة الأمم المتحدة مبادرة لحل أزمة توقف الرواتب المتوقفة منذ 8 أشهر، وأن المبادرة قد طُرحت على جميع الأطراف، ووافقت عليها الحكومة الشرعية الموالية للرئيس عبد ربه منصور هادي، بينما رفضها تحالف صنعاء من جماعة الحوثيين وأنصار الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح.
وتنص المبادرة، على أن يقوم الحوثيون وحلفاؤهم بتحويل إيرادات الدولة من العاصمة صنعاء وبقية مناطقهم، وأبرزها إيرادات ميناء الحديدة على ساحل البحر الأحمر، وضرائب شركات الاتصالات والقطاع الخاص، وإيرادات المشتقات النفطية إلى صندوق مستقل يعمل بحيادية ويتولى صرف رواتب الموظفين في جميع المناطق، ويديره فريق مهني يمني بإشراف الأمم المتحدة، وبالمثل تقوم الحكومة بتحويل الإيرادات من عدن ومناطقها إلى الصندوق.
ورغم رفض جماعة الحوثيين لمبادرة المبعوث الأممي ورفضهم لقاءه، إلا أن حكومة صنعاء المشكلة من تحالف جماعة الحوثيين وأنصار الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح طلبت مهلة لدراسة المبادرة، لكن المصادر أشارت إلى أن مبادرة ولد الشيخ باتت تواجه الفشل بسبب رفض الحوثيين.
ويبلغ عدد موظفي الدولة نحو 1.2 مليون موظف، يتوزعون بشكل غير متساو في مناطق السيطرة، التي أفرزتها الحرب، لكن نحو مليون موظف يتركزون في صنعاء وبقية المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، وهم بدون رواتب للشهر الثامن على التوالي، فيما لا يتجاوز عدد الموظفين بمناطق الحكومة الشرعية 200 ألف موظف يستلمون رواتبهم بانتظام.
وقرر الرئيس عبد ربه منصور هادي، منتصف سبتمبر/ أيلول الماضي، نقل المقر الرئيسي للبنك المركزي وإدارة عملياته إلى عدن، بهدف تجفيف الموارد المالية للمتمردين الحوثيين.
لكن البنك المركزي كان وصل إلى مرحلة العجز عن صرف رواتب موظفي الدولة بحلول شهر أغسطس/ آب 2016، أي قبل شهر ونصف من قرار نقله، حيث تم استنزاف كامل الاحتياطي النقدي من جانب الحوثيين، والبالغ 4.5 مليارات دولار مطلع عام 2015، ولم يتبق سوى 700 مليون دولار من وديعة سعودية بمبلغ مليار دولار، وفق الحكومة الشرعية.
وعقب قرار الرئيس اليمني نقل إدارة عمليات البنك المركزي، تعهدت الحكومة للمؤسسات الدولية بصرف رواتب جميع موظفي الدولة في كافة المحافظات بما في ذلك مناطق الحوثيين، لكنها اشترطت عقب ذلك تحويل الإيرادات من صنعاء إلى البنك المركزي في عدن.

وطلبت الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً، نهاية مارس/ آذار الماضي، من الأمم المتحدة التدخل بالضغط على جماعة الحوثيين لتحويل الإيرادات من مناطق سيطرتها إلى البنك المركزي في عدن.
وقبل وصوله إلى صنعاء، الأسبوع الماضي، أعلنت جماعة الحوثيين رفضها مقابلة ولد الشيخ، إلا بعد صرف الرواتب وإعادة فتح مطار صنعاء الدولي، حسب تصريح للناطق الرسمي باسم الجماعة محمد عبد السلام.
في المقابل، قال غمدان الشريف، السكرتير الصحافي لرئيس الحكومة اليمنية، إن مبادرة المبعوث الأممي بشأن الرواتب تؤكد على توحيد مصدر الإيرادات في جهة واحدة.
وأضاف الشريف لـ"العربي الجديد" :" رحبنا بأي أفكار وجهود لولد الشيخ تنهي معاناة اليمنين، لكن الحوثيين لم يوافقوا على ذلك لأنهم يسخرون إيرادات الدولة لصالح ما يسمى المجهود الحربي ولقتل اليمنيين، كما لم يصرفوا أي رواتب في مناطقهم ولا حتى ريالاً واحداً من الإيرادات التي يحصلون عليها والتي بلغت 581 مليار ريال (2.324 مليار دولار) خلال عام 2016".
وتابع: "من الصعب على الحكومة الشرعية دفع المرتبات لجميع المحافظات، بينما نصف الإيرادات العامة تذهب لصالح الانقلابيين، وعلى المجتمع الدولي الضغط عليهم لتحويل الإيرادات إلى عدن".
ولا تزال جماعة الحوثيين تسيطر على العاصمة صنعاء، ومحافظات شمال وغرب البلاد، على الرغم من الضربات التي تلقتها من التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية منذ مارس/آذار 2015.
وقال فكري عبد الواحد، الخبير في المالية العامة لـ"العربي الجديد" إن الحوثيين يحصلون على إيرادات جيدة ويستطيعون صرف الرواتب شهرياً أو على الأقل 50% منها لكل موظفي الدولة في صنعاء وبقية المناطق الخاضعة لسيطرتهم.
وتسبب تدهور الوضع الاقتصادي في أزمة إنسانية حادة فاقمها توقف صرف الرواتب، التي تعد مصدر الدخل الوحيد للموظفين وأسرهم.
وتشير بيانات الأمم المتحدة، إلى أن نحو 17 مليون شخص، يمثلون 65% من سكان البلد البالغ عددهم 26 مليون نسمة، يفتقرون إلى الغذاء الكافي.
المساهمون