أدوية السودان تحرقها الحرب... غلاء وشح وغش

05 يوليو 2024
تدهور القطاع الصحي بسبب الحرب (فرانس برس)
+ الخط -

 

ضاعفت الحرب معاناة مرضى السودان بسبب صعوبة حصول كثيرين منهم على العلاج اللازم بعد تقلص عدد المراكز العلاجية بالإضافة إلى غلاء الأدوية وانتشار أصناف منتهية الصلاحية أو مغشوشة وسط شح كبير في العديد من أدوية الأمراض المزمنة، حسب مواطنين وصيادلة لـ"العربي الجديد".

في ولاية الخرطوم شكا سكانها من اختفاء الأدوية بعد تعرض المخازن الحكومية والصيدليات الخاصة وغيرها من المرافق الصحية للتدمير جراء الحرب المتواصلة منذ 15 إبريل/ نيسان من العام الماضي. وقال مواطنون إن البحث عن الدواء يتطلب وقتا طويلا رغم اكتشاف انتهاء صلاحيته، ما يتسبب في مزيد من تدهور الحالات الصحية ويتسبب في أمراض جديدة.

المواطنة أم الحسن إبراهيم قالت لـ"العربي الجديد" إن أسعار الأدوية وخاصة المنقذة للحياة مرتفعة جدا رغم ظروف تخزينها السيئة، موضحة أن كثيرين يضطرون إلى أخذ بعض الأدوية المشكوك في صلاحيتها بسبب ندرة الأصناف المختلفة.

وتصل أسعار بعض الأدوية إلى أكثر من 5 آلاف جنيه للجرعة الواحدة إن وجد في ظل الظروف التي يعيشها المواطن وعدم قدرته على الشراء، حسب المواطنة السودانية (الدولار = 1970 جنيها).

ومن جانبها، ترى الصيدلانية مروة الحاج، أن طريقة التخزين وتأخير وصول الأدوية عن مواقيتها بسبب وعورة الطرق والاضطرابات تؤدي إلى فقدان الأدوية لجزء من صلاحيتها. وأضافت: نحن نشير بذلك للمريض الذي عليه أن يوفر طريقة أخرى لحفظ الدواء حتى لا يفقد صلاحيته نهائيا.

أدوية مهدّدة بسبب التخزين

وأكدت الصيدلانية السودانية أن انقطاع التيار الكهربائي والظروف البيئية القاسية تؤثر بشكل مباشر على الأدوية، موضحة أنهم، الصيادلة، يعملون في ظروف بالغة التعقيد في ظل انعدام معظم الأصناف عن السوق نتيجة للأوضاع الحالية.

وفى موازاة ذلك، يقول الطبيب محمد هيثم لـ"العربي الجديد" إن أسعار الأدوية ارتفعت بصورة كبيرة بأكثر من 500%، وأرجع ذلك إلى ارتفاع تكلفة النقل والرحلات المتكررة للدواء حيث تمر عملية نقل الدواء بعدة ولايات حتى تصل إلى مبتغاها خاصة ولاية الخرطوم التي أصبح دخول الدواء إليها صعبا للغاية. 

وعن الأسعار يقول: الذي كان يباع بـ200 جنيه أصبح يباع بألفي جنيه، وهناك أصناف ارتفعت من 500 جنيه إلى خمسة آلاف جنيه في ظل تواصل الحرب.
وأعلن وزير الصحة السوداني، هيثم محمد إبراهيم، في تصريحات صحافية سابقة، أن 25% من المستشفيات تحتاج إلى تأهيل وأن حجم الدمار والتخريب بالقطاع الصحي في السودان يقدر بـ11 مليار دولار بسبب الحرب، وتشمل المستشفيات المرجعية الأساسية التي تضم تخصصات زراعة الكلى والرنين المغناطيسي والأورام، حيث تعرضت للتخريب ونهب الأجهزة والمعدات الطبية والشبكات.

ونشرت منظمة الصحة العالمية، في مايو/ أيار تقريرا نبهت فيه إلى انهيار نظام الرعاية الصحية في السودان خاصة في المناطق التي يصعب الوصول إليها والتي تعاني نقصاً كبيراً في الموظفين والأدوية والمعدات. وحسب المنظمة العالمية فإن 70% من المستشفيات في السودان خرجت عن الخدمة كلياً أو جزئيا.

وبعد اندلاع الحرب في الخرطوم نزح عدد كبير من المرضى تجاه المعهد القومي للسرطان في ولاية الجزيرة بمدينة ود مدني ليسجل المعهد 1723 حالة جديدة في مايو/ أيار 2023 قبل أن يتوقف مستشفى مدني نفسه في ديسمبر/ كانون الأول الماضي.
ومنذ اندلاع الحرب ظلت وزارة الصحة والمجلس القومي للأدوية والسموم تدين استهداف قوات الدعم السريع للمواقع المدنية والمؤسسات الخدمية بما فيها المؤسسات الصحية، مما يعرض حياة العاملين للخطر ويؤثر على تقديم الخدمة للمواطنين.

تدمير جميع مصانع أدوية السودان

وقال وزير الصحة السوداني إن مليشيا الدعم السريع في حربها ضد المواطنين دمرت كل مصانع الأدوية في ولاية الخرطوم، وخربت كل المستشفيات بولايات دارفور.
ومع التدمير الممنهج حذر المجلس القومي للأدوية والسموم من انتشار أدوية مخالفة للمواصفات بالأسواق بعد تزايد شكاوى المواطنين، وقامت الحكومة بإبادة ثمانية أطنان من أدوية مخالفة للمواصفات في القطاعين العام والخاص.

مواطنون في ولاية غرب دارفور قالوا لـ"العربي الجديد" إن المشكلة التي تواجههم هي عدم توفر الدواء عبر قنوات وزارة الصحة، وأن كل الأدوية الموجودة في الأسواق يتم تهريبها عبر دولة تشاد المجاورة من دول أخرى في غرب أفريقيا.

وشكا المواطن أدم حسين في حديثه لـ"العربي الجديد" من أن الأدوية تباع خارج القنوات المهنية المختصة من صيدليات ومراكز صحية ومستشفيات وفي ظروف تخزين غير ملائمة، كما أن أسعار هذه الأدوية مرتفعة جدا وتفوق قدرة المواطن في شرائها.

وتواجه الحكومة في بورتسودان مصاعب كبيرة في توفير تمويل لاستيراد الدواء في وقت تقدر فيه احتياجات البلاد بحوالي 300 مليون دولار سنويا. وأدى إغلاق ثلثي المستشفيات والمراكز الصحية ونهب الآلاف من الصيدليات إلى شل القنوات التقليدية لتوزيع الدواء وظهور سوق موازية لا تخضع للرقابة.

المساهمون