مبادرات الأردن... "مدرستي" لإحياء البُنى التحتية المدرسية

09 يوليو 2017
"مدرستي" مبادرة تهتم بالبنى التحتية والمعلم والطالب (العربي الجديد)
+ الخط -
أطلقت مبادرة مدرستي في عام 2008 كأولى المبادرات التي انبثقت من رؤى الملكة، رانيا العبدالله، في الأردن بهدف رفع مستوى الإبداع لدى الطلبة من خلال تمكين المعلم وتحسين البيئة البنيوية المدرسية والعمل على ضخ التكنولوجيا الحديثة في أساليب التعليم، وخصوصاً في المدارس الحكومية التي تفتقر للأدوات المعاصرة والبيئة المناسبة والتركيز على الطلبة كجوهر أساسي للمبادرة.

تسعى المبادرة كذلك إلى ربط القطاعين العام والخاص والمؤسسات غير الربحية لتحسين الأداء الأكاديمي لخمسمائة مدرسة حكومية بحاجة إلى مساعدة طارئة لتحسين مخرجاتها، وتتميز مبادرة مدرستي بتركيزها على إعادة هيكلة البنى التحتية للمدارس وتنفيذ برامج تعليمية مكثفة تحددها احتياجات المدارس المستهدفة من مناطق الأقل حظاً من خلال منح المعرفة والمهارات والأدوات للمعلم الذي بدوره يمكن الطالب من إطلاق العنان لذكائه وإبداعه وإمكانياته.

البدايات

وقد صرحت السيدة منى أبو حمور، مسؤولة المبادرة في عمان، والتي تقوم بالعديد من الأعمال التطوعية من بينها جولات المحافظات، لـ"العربي الجديد" أن بدايات مدرستي كانت تدور حول إعادة بناء المدارس المصابة بالترهل البنيوي، ومن ثم ترميمها وإصلاحها إلا أن العمل لم يقتصر على ذلك، بل امتد إلى تقديم برامج تفاعلية للطلبة والمعلمين وقد كانت أولى الخطوات برنامج "الأندية الطلابية – مساحتي" داخل المدارس الحكومية وتتضمن تلك الأندية تعليم موسيقى، مسرح، دراما، رسم، تمثيل، رياضة، ........ إلخ. والأندية بأنشطتها المتنوعة موزعة على كافة مدارس المملكة الأردنية، كما تم إضافة برنامج "أفتخر أني معلم" لتدعيم الجانب النفسي لدى المعلمين وتمكينهم من وضع خطة لسير الحصة الدراسية بما يتوافق مع طاقاتهم.

بالإضافة إلى ذلك، يتم العمل على ما يسمى بالذكاء العاطفي للمعلم، فمن المعروف أن طبيعة عمل المعلم تعرضه لكثير من الضغوطات النفسية وأنه بحاجة إلى دعم ومساندة، وبالتالي تم عمل مخيمات صيفية وشتوية لفئة المعلمين ودورات تدريبية على القيادة.



كما أضافت السيدة منى أبو حمور في تصريحها لـ"العربي الجديد" أن من بين البرامج المستحدثة، هذا الفصل الدراسي، برنامج باسم "بناء السلام"، وهو موجه للمدارس الحكومية التي يكون عدد الطلبة السوريين بها كبيراً، وهو ينطلق من فكرة نبذ العنف في المدارس وخصوصاً في مدارس الزرقاء والمفرق وصويلح وذلك من خلال عمل جلسات حوارية مع الطلبة بمحاولة تقبلهم الآخر، حيث يتم تنظيم أنشطة رياضية وترفيهية وثقافية تجمعهم لتجسير الهوة النفسية بين الطلبة. 


ومن بعدها تم استحداث برامج تقوية للسوريين والأردنيين مِمَن يعانون من صعوبات تعلم وتعثر دراسي أو منقطعين عن الدراسة أو المتسربين من المدارس، وذلك بعد الانتهاء من ساعات الدوام الرسمي وقد شهدنا قصص نجاح حول عدد كبير من المتسربين عادوا والتزموا في سير السنة الدراسية.

نحو مدارس ناجحة

وأضافت أبو حمو أن مدرستي تبدأ بالعمل من الداخل من حيث إصلاح وترميم المدارس، ثم تنطلق إلى البرامج التعليمية وهو هدف المبادرة في خلق مدارس مجتمعية ناجحة ويرجع هذا إلى الإيمان الراسخ بأن البيئة السليمة تساعد في نجاح باقي البرامج. وقد تم بالفعل ترميم وإصلاح وصيانة 500 مدرسة حكومية أصبحت نموذجية في الأردن بالإضافة إلى المبادرات الطلابية مع 50 مدرسة، ومن بين تلك المبادرات برنامج المتطوعين، الذي يشمل  متقدمين من جميع الأعمار من خلال تأسيس لجنة تطوعية من المجتمع المحلي لتنظيم مبادرات شبابية في كل مدرسة.

وتشير أبو حمو في تصريحها لـ"العربي الجديد" إلى أن الذراع اليمنى للمبادرة هي وزارة التربية والتعليم ووزارة التخطيط التي تدعم مشاريع "المدارس المنتجة" التي تقترح عمل مشاريع تدر دخلاً لها مثل البيوت البلاستيكية داخل المدارس، و"يونيسف" تدعم مراكز التقوية والأندية الطلابية و"UNDP" يدعمون مشروع بناء السلام، وشركة البوتاس يدعمون مشاريع إقليم الجنوب والكثير من الداعمين.




التحديات

ولكن هذا لا يعني أن المبادرة لا تواجه عدداً من التحديات الخارجية، وبحسب منى أبو حمور، فإن أكبر تلك التحديات تتمثل في التنقلات المستمرة في وزارة التربية والتعليم فبعد فترة من بناء علاقة في إحدى المدارسة يتم نقل الكادر أو الإدارة وهذا يسبب إرباكاً لفريق العمل.

كما إن الهيئة التدريسية والإدارية في بعض المدارس لا تكون على القدر الكافي من الحماس لاستقبال مبادرة "مدرستي" وهذا الأمر يعيق إنجاز الأعمال وفق الخطط الموضوعة، وهناك تحدي إعادة صيانة ما تم عمله في المدارس نتيجة تخريب طلاب وعدم رقابة هيئة إدارية أو تدريسية لهم. ولمواجهة هذا التحدي الأخير، تم تنظيم برامج إثرائية مع الطلبة لكي يتم بناء قيمة الانتماء للمدرسة حتى يتمكنوا من المحافظة على مدرستهم.


وبالرغم من كل تلك التحديات فإن هناك، دائماً، متسعاً لكل جديد لطرحه في المدارس من خلال أفكار معاصرة من ذوي الاختصاص مثل فكرة "التعلم النشط" التي تقوم وزارة التربية والتعليم بالعمل علىها، فكرة جديدة سوف تعمل مبادرة "مدرستي" على إعدادها وتنفيذها ومن ثم نشرها خلال الفصل الدراسي المقبل وتدور جوهر الفكرة حول عدم إنهاك الطالب بالكمية وإثرائه بالنوعية التعليمية.

قصص النجاح

أما نسرين حجازي، مديرة مدرسة عمراوة الثانوية للبنات في محافظة الرمثا، إحدى المدارس المستفيدة من المبادرة، فقد صرحت لـ"العربي الجديد" أن العمل مع المبادرة يرجع للعام 2012 عندما قام فريق المبادرة بزيارة المدرسة ضمن جولة للمدارس التي تقع على الأطراف وما يسمى مناطق الأقل حظاً، وكانت تلك الفترة هي في أوج الأزمة السورية ومنطقة مدرسة عمراوة بالرمثا على الحدود وإمكانياتها كانت شبه معدومة وتفتقر لكل أسس الأمان، وقد تم ضم المدرسة للمباردة ومن ثم تم عمل صيانة للمدرسة بمبلغ مالي ضخم وتم تجديدها بالكامل من مكيفات وكهرباء ومختبرات وبوابة وسور حماية وإلى آخره من الأمور اللوجستية.

وبعدها تم الانتقال إلى مرحلة البرامج التعليمية مع الطلبة والكادر التعليمي مثل الأندية الطلابية ودروس التقوية، وهذا أثر على نفسية المستفيدين بطريقة إيجابية بعد أن كان هناك حالة من الإحباط ويعتبر الكادر بالمدرسة من المحظوظين لاشتمالهم بخدمات المباردة.

وتستكمل نسرين حجازي، تصريحها لـ"العربي الجديد" بعرض الفكرة التي تم تطبقها أخيراً، من خلال تفريغ يومين، في الأسبوع، لعمل البرامج الخاصة بالمبادرة (أنشطة وتقوية ورياضة) وكيف كان حضور الأهالي والطلبة استثنائياً ودرجة التقبل لتلك الأنشطة كانت مذهلة، ويرجع هذا النجاح إلى فكرة ربط الأنشطة بالاحتياجات الحقيقية لدى الطلبة من خلال مسابقات وتدريبات وأنشطة هافة وبناءة.

ومن قصص النجاح التي ساهمت "مدرستي" في تحقيقها، بحسب تصريح السيدة نسرين حجازي، إحدى طالبات المدرسة المشتركات في البرامج، استطاعت الفوز في برنامج global no Math (المركز الثقافي الأميركي) وتم دعوتها لحضور دورة تدريبية في الولايات المتحدة الأميركية لمدة خمسة أسابيع من خلال "مدرستي" وبترتيب من السفارة الأميركية وستغادر في العطلة الصيفية، وكانت قد اشتركت في مشروع مساحتي (برنامج التبادل الثقافي) وأثبتت جدارتها، وعملت مشروعاً أذهل السفارة الأميركية وتم منحها هذه المكافأة.



 

 

 

دلالات
المساهمون