ما يُميِّز مسلسل "تشيللو" عن مسلسل "نص يوم"

15 يوليو 2016
تشيللو إنتاج 2015 ( العربي الجديد)
+ الخط -
ما إن أسدلت الحلقة رقم 30 الستار على أغلب المسلسلات الدراميّة في هذا الموسم، حتى عادت معظم القنوات الفضائية لعرض مسلسلات أُنتجت في السنين الماضية. واختارت قناة "الجديد"، التي كانت تعرض في رمضان مسلسل "نص يوم" للمخرج سامر البرقاوي، أن تعرض مسلسل "تشيللو" الذي أخرجه البرقاوي في العام الماضي، بالتعامل مع الكادر التمثيلي والتقني نفسه تقريباً، مما فتح باب المقارنة بين عملي البرقاوي الأخيرين. فالعملان يتقاطعان في العديد من العوامل والقواسم المشتركة، فبالإضافة لموضوع الكادر، نجد أن المسلسلين مأخوذان عن أفلام أجنبية لا يُذْكَر مصدرها، ولا يعيران أي اهتمام للهجات الممثّلين المختلفة ولا يبرّرونها، كما أنّ كلا المسلسلين يوصلان الرسالة نفسها "المال لا يشتري الحب". ولكن، بالمقارنة بين المسلسلين، نجد أن مسلسل "تشيللو"، يتفوق على مسلسل "نص يوم" بعدة نقاط، وهي:

بطء الإيقاع
من الممكن تبرير بطء الايقاع الدرامي في مسلسل "تشيللو" بطبيعة الحبكة الرئيسية، التي ترصد أثر الصدمة النفسية التي حدثت لدى شخصية "آدم"، وتعالج كيفية ترميم الخلل النفسي الذي حدث لدى شخصية "ياسمين" بعد انفصالها. بالإضافة لارتباط خيوط الحبكة بشخصية "تيمور" الذكية والمتأنية، فتيمور يخطط ويحصل على كل ما يريد دون أي اعتبارٍ للوقت، فالبطء في المسلسل بُرِّر بأسلوبه، بل إن البطء تحول مع الممثل، تيم حسن، إلى عامل جذب وإثارة. ولكن من الصعب تبرير بطء الايقاع في مسلسل "نص يوم"، الذي اختار له صناعه حبكة بوليسية، والحبكة البوليسية، التي تنتشر عادةً في أفلام "الأكشن"، تتطلب سرعة في الإيقاع، وتتعمد التسارع في الأحداث لتحافظ على عنصر جذب المشاهد وتدخله في قلب الحدث، إلا أن المسلسل كان بطيئاً للغاية، لدرجة أن بعض الحلقات خلت من أي حدث على مستوى الحبكة الرئيسية، مما جعل المسلسل يفتقد متابعيه حلقةً تلو الأخرى، ولم تسعف الحالة الهيستيرية التي تقمصها، تيم حسن، بتبرير بطء الإيقاع، ولا سيما أن التحول والتعافي الأول الذي انتهى بقرار "ميار" بالمغادرة والنسيان، لم يوفق المشاهدون لرؤيته، لأن المخرج اكتفى بوضع عبارة "بعد سنة" ليترك للزمن الغائب معالجة الأمر.


الحبكات الثانوية
أحياناً يلجأ الكاتب أو المخرج للحبكات الثانوية، لينقذ المسلسل من مطب المماطلة، وفي مسلسل "تشيللو" نجد أن الكاتب، نجيب نصير، استطاع أن يجدد بحبكاته الثانوية روح القصة، وأن يعطي أبعاداً جديدة للحكاية، فحبكة الصديقة التي تفاضل بين رجلين يمثل أحدهما الحب والآخر يمثل المال والسلطة، تشابه إلى حد كبير ظروف الحبكة الرئيسية، مما يوضح الأسلوب الذي استخدمه الكاتب، وهو لعبة المرايا التي اشتهر بها شكسبير، والتي تعطي المتلقي إدراكاً أعلى للقضية من خلال المقارنة. كما أن الإدراك الذي يضاف لياسمين جراء معرفتها بما حدث في قصة صديقتها يؤثر على قراراتها وعلى الحبكة الرئيسية بالمجمل. بينما لا نجد في "نص يوم" أي حبكة فرعية لها مغزى، وتكاد تكون حكاية المحقق الذي يقتله "ميار" هي الحكاية الفرعية الوحيدة المتفاعلة مع الحدث الرئيسي، بينما نجد باقي الحبكات الثانوية تعود للزمن الماضي غالباً، وتسرد سرداً يقتل الإثارة في المسلسل، لتبدو وظيفة الحبكات الفرعية لدى فريق الكتّاب الجدد، هي الثرثرة عن الماضي، فليس هناك ما يبرر درامياً كلام السيدة التي تتحدث عن خوالجها النفسية في البوسطة، كما أن قصة "فؤاد" التي استغرقت ثلاث حلقات، لا تقدم أي عبرة للمسلسل، سوى أن جمال ندين نجيم لا يقاوم!


أزمة السرد
تميز مسلسل "نص يوم" عن مسلسل "تشيللو" في حلقاته الأولى بالتخلّي عن عنصر السرد، الذي كان يرافق مشاهد "تشيللو"
منذ الحلقة الأولى كمعلق خارجي على الحدث، دون أن يقدم أي إضافة للمسلسل. بينما في مسلسل "نص يوم" فإن السرد الذي يمارسه بطلا القصة، "ميار" و"ميسا" كمعلقين داخل الحدث، يبدو أكثر منطقية. إلا أن كلا المسلسلين يعانيان من ذات الأزمة، أزمة السرد الذي يحاول أن يضفي قيمة للمسلسل.
دلالات
المساهمون