ما هي الأسباب الاقتصادية الخمسة التي "تنرفز" الجزائريين؟

16 فبراير 2015
الشجارات تكاد تكون يومية في الجزائر (فيليب ديزمازس/فرانس برس)
+ الخط -
يُعرف الشعب الجزائري بطيبته الاستثنائية، إضافة إلى سرعة غضبه. هو شعب "نرفوز"، لكن غضبه أصبح في السنوات الأخيرة أكثر حدة، حيث تغذيه يومياً جملة من المنغصات الاجتماعية والاقتصادية. فما هي الأسباب الخمسة التي تدفع الجزائريين إلى "النرفزة"؟

1- الاكتظاظ في المرافق الصحية

يعاني المواطن الجزائري من كثرة الاكتظاظ أمام المرافق الصحية العمومية ومراكز الأمومة، بسبب قلة هذه المرافق بالنظر إلى الكثافة السكانية خاصة في المدن الكبرى. وتترافق طوابير المنتظرين مع رداءة الخدمات المقدمة، وسوء الاستقبال. لدرجة أنه لا يخلو يوم واحد من حصول شجار ومشادات كلامية وحتى بالأيدي أحياناً بين قاصدي هذه المرافق وموظفيها.
ويرجع الخبير الاقتصادي عبد المالك سراي هذه الوضعية القائمة في القطاع الصحي إلى ضعف مستوى الخدمات في هذا القطاع على الرغم من الإنفاق الحكومي الكبير عليها. ويضيف لـ"العربي الجديد" أن هناك أجهزة وآلات طبية جديدة جد متطورة تتوفر عليها المرافق الصحية العمومية لكنها تفتقد لمن يسيرها بكفاءة، ما يجعلها بلا فائدة.

2- سوء خدمة الإنترنت
يقف كمال، أحد زبائن اتصالات الجزائر، أمام مركز إحدى وكالاتها التجارية بالعاصمة، وهو في قمة الغضب والنرفزة بسبب غياب الإنترنت عن منزله لأكثر من شهر، وعلى الرغم من شكاويه المتكررة، إلا أن موظفي الوكالة استقبلوا احتجاجه ببرود وتجاهل، إلى أن صاح أحد الموظفين في وجه كمال: "أنا لست موظفاً عندك"، ولولا تدخل باقي الزبائن لتحولت الوكالة إلى حلبة مصارعة حرة بين الطرفين.
ولمستخدمي الإنترنت نصيبهم من حرق الأعصاب والنرفزة العالية، بسبب ضعف تدفقها وسوء الخدمات. كما يضطر المواطن إلى انتظار مدة أربعة إلى ستة أشهر أو أكثر من أجل توصيل خط هاتف ثابت إلى منزله.

3- بيروقراطية الإدارات العامة
أما الإدارات العامة الجزائرية فقد عششت فيها البيروقراطية بشكل كبير إلى درجة أن المواطن أصبح يتمنى من أعماق قلبه ألا يضطر لزيارة أي إدارة مهما كانت درجة مصلحته فيها. فكثرة الأوراق الإدارية المطلوبة لتكوين أي ملف وشروط التصديق عليها وطول طوابير الانتظار وسوء الاستقبال، ميزة تتسم بها الإدارة الجزائرية، حيث تتطلب بعض الملفات الإدارية مدة تفوق الستة أشهر لإنجازها.
وفي حديثه إلى "العربي الجديد" يرى الخبير الاقتصادي رمضاني لعلا، أن للإدارة دوراً في تفعيل التنمية الاقتصادية، كونها المحرك الأساسي في تنفيذ المخططات الاقتصادية،. ويضيف الدكتور لعلا أنه عندما ننظر إلى القوانين المتعلقة بتسهيل مناخ الاستثمار في الجزائر نجدها ثرية لكننا نصطدم بواقع مرير يتجسد في سوء تنفيذ هذه القوانين على مستوى الإدارة بسبب البيروقراطية، التي بدأت تنحصر أخيراً نتيجة حملة حكومية للحد منها.

4- زحمة السير وتعطّل الإنتاج
سبب آخر لا يقل تأثيراً على أعصاب المواطن الجزائري مما سبق، وهو زحمة السير، التي أصبحت هاجساً يؤرق حياته، وهي الظاهرة تخلق الكثير من النرفزة والشجار أحيانا نتيجة الحوادث الكثيرة التي تقع، بسبب محاولات التجاوز للحاق بأماكن العمل، ناهيك عن أمراض السكري وضغط الدم، خاصة في العاصمة.
ويقول الخبير الاقتصادي محمد حميدوش في حديث لـ"العربي الجديد" إن الدراسات القياسية تشير إلى أن الطرقات وسهولة السير عليها تسهم في دفع التنمية الاقتصادية بأي بلد من 0.3% إلى 1.7% على حسب درجة ونوعية الاستثمار. ويؤكد أن بطء حركة المرور وزحمة الطرقات في المدن الجزائرية الكبرى أثرا سلباً على تطور الإنتاج الوطني.

5- الارتفاع الصاروخي للأسعار
مكان آخر صار المواطن الجزائري يتمنى تجنبه، وهو الأسواق والمحلات التجارية التي التهبت فيها الأسعار خلال السنوات الأخيرة، وألهبت معها أعصاب مرتاديها. السيدة معزوزة التي تجاوزت عقدها السادس بقليل، تروي لـ "العربي الجديد" كيف يرتفع ضغطها أسبوعياً كلما قصدت سوق الخضر والفواكه. فراتبها لا يتعدى الـ100 دولار شهريا، ولم يعد يكفيها هي وابنتها لاكثر من 15 يوماً لشراء السلع الغذائية فقط. وتقول السيدة معزوزة إنها كثيرا ما تبدي غضبها وامتعاضها من التجار، لكنهم يعاملونها بليونة لكبر سنها.
المساهمون