أهالي غزة يخسرون أوزانهم بفعل العدوان... نزوح وجوع وحرمان

20 اغسطس 2024
صراع للحصول على بعض الطعام في دير البلح (محمود عيسى/الأناضول)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- **تأثير العدوان الإسرائيلي على سكان غزة**: نزوح الفلسطينيين مثل أيوب الهيقي إلى وسط القطاع وخسارة الوزن بسبب الظروف القاسية.
- **الأسباب الصحية والنفسية لفقدان الوزن**: تغيير أنظمة الغذاء اليومية، التوتر، قطع المياه، منع غاز الطهي، تدمير الأراضي الزراعية، ومنع دخول المواد الغذائية.
- **التأثيرات الصحية والنفسية للنزوح**: نقص الغذاء يؤثر على الصحة العامة، البشرة، والشعر؛ الفزع والنزوح المتواصل يسببان تأثيرات صحية ونفسية كبيرة.

اضطر الفلسطيني أيوب الهيقي، من حيّ الشيخ رضوان، شمالي مدينة غزة، للنزوح إلى وسط القطاع، وقد خسر نحو 30 كيلوغراماً من وزنه نتيجة التأثيرات القاسية للعدوان الإسرائيلي.
يتشابه حال الهيقي مع أحوال معظم سكان قطاع غزة الذين ألقت عليهم الحرب بظلالها القاتمة، فخسر الجميع أوزانهم بشكل لافت، وتغيرت الملامح لتبدو أكبر من السن الطبيعي، علاوة على تغير لون البشرة بفعل النزوح المتواصل والعيش داخل الخيام والتعرض لحرارة الشمس، والمشي لمسافات طويلة بفعل عدم وجود وسائل نقل. 
يقول الهيقي لـ"العربي الجديد"، إنه فوجئ بخسارة وزن كبيرة خلال الفترة التي شهد تنقله ببن مراكز الإيواء داخل مدينة غزة خلال الأشهر الثلاثة الأولى من العدوان، ثم تواصل ذلك مع نزوحه المتكرر في مناطق الجنوب والوسط، ضمن محاولات النجاة بأسرته المكونة من أربعة أفراد، ويلفت إلى أن "العدوان الإسرائيلي حرمني وأسرتي من أساسيات الحياة، بداية من الشعور بالأمان داخل البيت، ووسط العائلة وجيران السكن، مروراً بمنع دخول المواد الغذائية والأدوية، وكذلك غلاء مختلف المواد المعروضة، بينما يعاني الجميع أوضاعاً اقتصادية صعبة بسبب فقدان مصادر دخلهم". 
وعلى الرغم من حرص الهيقي على توفير المتطلبات الأساسية لأسرته بأي ثمن، إلا أن جميع أفراد العائلة خسروا الكثير من أوزانهم، إذ خسرت زوجته نحو 15 كيلوغراماً، وخسر ابنه سامي نحو ستة كيلوغرامات، وابنته سلاف نحو خمسة كيلوغرامات على الرغم من صغر سنهما.
ويرجع مختصون أسباب النقص الواضح في الأوزان وتغير الملامح إلى جملة من الأسباب، في مقدمتها حالة الخوف والقلق المتواصلة بفعل المجازر الإسرائيلية المتكررة، وكذلك تكرار النزوح، إلى جانب الإغلاق الإسرائيلي المتواصل للمعابر ومنع دخول المواد الغذائية والمساعدات الإنسانية، الأمر الذي يؤثر بشكل مباشر على توفير الطعام، وبالتالي التأثير على المزاج والصحة.
اجتمعت على الفلسطيني عطا الزيناتي عدة هموم منذ بدء العدوان، ما تسبب في خسارته ما يزيد عن 25 كيلوغراماً من وزنه، إذ تضرر بيته في قصف للبيت المجاور في الشهر الثاني من الحرب، واستشهد اثنان من أشقائه، وأصيب بقية أفراد العائلة بجراح مختلفة، ما أدخله في حالة من الحزن العميق، تزايدت مع مرور الوقت بفعل النزوح القسري رفقة أسرته نحو مدينة دير البلح في وسط القطاع. 

أطفال فلسطينيون وغذاء في جباليا في شمال غزة - 17 يونيو 2024 (عمر القطّاع/ فرانس برس)
أطفال يتلقون طعاماً في مخيم جباليا (عمر القطاع/فرانس برس)

يؤكد الزيناتي لـ"العربي الجديد"، أنه غير سعيد بخسارته وزنه على الرغم من أنه حاول مراراً تخفيف وزنه قبل الحرب. يضيف: "كل شيء في هذه الحرب كان بالإجبار، فقد أجبرنا على خسارة أحبابنا، وعلى ترك بيوتنا، كما أجبرنا على الجوع والحرمان، حتى أننا أجبرنا على فقد أوزاننا بشكل غير صحي". 
ويوضح أخصائي التغذية حسن الصفدي لـ"العربي الجديد"، أنّ "خسارة نسبة كبيرة من أهالي قطاع غزة أوزانهم خلال الحرب ترجع إلى أسباب متعلقة بتغيير أنظمة الغذاء اليومية، وكذلك الحالة النفسية المتردية بفعل التوتر والقلق والخوف. التأثيرات السلبية على الصحة العامة بدأت منذ اليوم الأول للحرب، والذي استفتح فيه الاحتلال عدوانه بقطع المياه، الأمر الذي تسبب بالمساس بعنصر أساسي من عناصر الحياة، ثم منع غاز الطهي الذي يحرم من تجهيز الطعام". 
ويوضح الصفدي أن التأثير الأكبر للعدوان يتمثل في حالة التجويع الجماعي التي تنتهجها قوات الاحتلال عبر منع دخول المواد الغذائية، إلى جانب تدمير الأراضي الزراعية، وتجريف وتدمير المحاصيل على طول الشريط الشرقي للقطاع، والذي كان يوفر السلة الغذائية، ومع منع دخول المواد الغذائية الغنية بالفيتامينات والبروتينات، باتت الأجساد لا تحصل على العناصر الغذائية المطلوبة". 

ويلفت أخصائي التغذية الفلسطيني إلى جملة من التأثيرات الصحية الهامة للنقص الحاد في الغذاء، فإضافة إلى خسارة الوزن، هناك تأثير على الهيئة العامة للجسم، وعلى نضارة البشرة، وصحة الشعر، كما أن الفزع من جراء معايشة المجازر، والنزوح المتواصل في ظروف قاسية، والعيش بطريقة تفتقر إلى أدنى مقومات الحياة الآدمية، كلها تخلف تأثيرات صحية ونفسية.
ويؤكد الصفدي أن "منع الاحتلال الإسرائيلي دخول الوقود يجبر الفلسطينيين على استخدام وسائل بدائية أو غير صحية في الطهي وصناعة الخبز، إلى جانب تأثيرها المباشر على قطاع النقل، ما يدفعهم إلى قطع مسافات طويلة مشياً على الأقدام للنزوح أو حتى البحث عن الغذاء والماء وغيرها من متطلباتهم الحياتية في ظل أجواء صيفية حارة. 

المساهمون