04 نوفمبر 2024
ما لم يقله بومبيو في القاهرة
"نحن نتطرّق إلى القضايا التي تهم الجانب الأميركي فقط".. هكذا لخص وزير الخارجية الأميركي، مايك بومبيو، السياسة الخارجية الأميركية، فقد حملت تلك الكلمات البسيطة جوهر مساعي الولايات المتحدة وتحركاتها في منطقة الشرق الأوسط، بما فيها مصر ومختلف الدول العربية. جاء تصريح بومبيو في المؤتمر الصحافي مع نظيره المصري في القاهرة، قبل أيام، رداً على سؤال بشأن أوضاع المعتقلين في مصر. وكان محاولة لتجنب إعلان موقف أميركي محدّد، ولتفادي انتقادات الإعلام الأميركي، استدرك بومبيو بالإشارة إلى أوضاع حقوق الإنسان مع الجانب المصري. وحرص على توضيح أن واشنطن تناقشها مع المصريين دائماً على جميع المستويات.
وعلى الرغم من أن مقولة الوزير الأميركي بالاقتصار على ما يهم الولايات المتحدة فقط ارتبطت بالتعليق على السياق المصري الداخلي، إلا أن بقية تصريحاته ومجريات زيارته القاهرة كشفت أن مقولته تعبّر بدقة عن توجهات الإدارة الأميركية الحالية. وأن ترجمة "ما يهم الجانب الأميركي" تعني ببساطة المصالح والفوائد التي تعود على واشنطن، وليست المبادئ أو القيم الأميركية التي طالما تباهى بها الأميركيون أمام العالم.
لم يكن الشق المتعلق بالداخل المصري محور زيارة بومبيو، وإنما القضايا الإقليمية ومستجدات ملفات سورية وإيران والعراق واليمن ومواجهة الإرهاب. وكان الرجل أكثر صراحة في تلك الملفات، فأكد ارتباط العلاقات الاستراتيجية مع مصر والولايات المتحدة بما أسماها "مكافحة الإرهاب". وتحت هذا العنوان العريض، جاء تأكيد التشاور مع القاهرة بشأن سورية ومواجهة إيران وتنظيم الدولة الإسلامية (داعش).
هذا ما قاله بومبيو في القاهرة، أما ما لم يقله فهو الأخطر. ويبدأ من أن "أميركا أولاً" لم تعد شعاراً لاكتساب شعبية داخلية، وإنما سياسة فعلية تمارسها واشنطن بفجاجة. وما يحقق مصالح واشنطن كما يراها ترامب، ومن يسايرونه في الإدارة، هو فقط المقبول أميركياً في المرحلة الحالية عامين على الأقل.
لم يقل أيضاً أن الفراغ الناجم عن الخروج الأميركي من سورية يتطلب أدواراً وتحركات عاجلة لتعويضه. وتدرك واشنطن جيداً أن الدول القادرة على ذلك في المنطقة قليلة ومحدّدة. وأن الهدف الأساس من زيارته القاهرة، ومجمل جولته الإقليمية، ليس فقط تمرير عملية الخروج من سورية بسلاسة، بل أيضاً ضمان عدم انفلات مواقف الأطراف المعنية وتحرّكاتها بعدها.
لم يتورّع بومبيو عن مهاجمة سياسات الرئيس السابق، باراك أوباما، وتأكيد أن أميركا الحالية مختلفة كليا. لكنه لم يقل إن أوباما كان يعوّل على الشعوب، بينما يراهن ترامب على الحكومات، ويبني حسابات العلاقات والمصالح الخارجية لواشنطن مع نظم الحكم وقدراتها على تلبية أهداف السياسة الأميركية. وبالطبع، لم يقل الوزير إن الحكومات هي التي تحصل على مقابل ذلك، سواء في شكل معونات للدول الفقيرة، أو صفقات تسليح ووعود بالحماية للدول الغنية. إضافة إلى قبول وترحيب أميركيين بالاستمرار في الحكم، أياً كانت الأخطاء والمثالب، ما دامت لا تمسّ المصلحة الأميركية.
اتساقاً مع هذا المنطق، لم يقل بومبيو إن إغفاله الحديث عن الوضع الداخلي في مصر، يعني، من ناحيةٍ، تجاهل موقف الديمقراطيين في الكونغرس الأميركي من الشأن المصري. ويقدم، من ناحية أخرى، تطمينات ضمنية للسلطة في مصر بألا تقلق بشأن هذا الملف، فالإدارة الأميركية ذاتها تغض الطرف عنه، وليست الإشارة إلى أنه محل نقاش مستمر مع المصريين، سوى كلمة عامة، لا مضمون جدّيا أو محددا لها.
محصلة ما لم يقله بومبيو في القاهرة أن شهر العسل بين الحكومة المصرية وإدارة ترامب منذ دخل البيت الأبيض مستمر حتى نهاية ولايته بعد عامين، ومرشّح للامتداد إن فاز بولاية رئاسية جديدة.
لم يكن الشق المتعلق بالداخل المصري محور زيارة بومبيو، وإنما القضايا الإقليمية ومستجدات ملفات سورية وإيران والعراق واليمن ومواجهة الإرهاب. وكان الرجل أكثر صراحة في تلك الملفات، فأكد ارتباط العلاقات الاستراتيجية مع مصر والولايات المتحدة بما أسماها "مكافحة الإرهاب". وتحت هذا العنوان العريض، جاء تأكيد التشاور مع القاهرة بشأن سورية ومواجهة إيران وتنظيم الدولة الإسلامية (داعش).
هذا ما قاله بومبيو في القاهرة، أما ما لم يقله فهو الأخطر. ويبدأ من أن "أميركا أولاً" لم تعد شعاراً لاكتساب شعبية داخلية، وإنما سياسة فعلية تمارسها واشنطن بفجاجة. وما يحقق مصالح واشنطن كما يراها ترامب، ومن يسايرونه في الإدارة، هو فقط المقبول أميركياً في المرحلة الحالية عامين على الأقل.
لم يقل أيضاً أن الفراغ الناجم عن الخروج الأميركي من سورية يتطلب أدواراً وتحركات عاجلة لتعويضه. وتدرك واشنطن جيداً أن الدول القادرة على ذلك في المنطقة قليلة ومحدّدة. وأن الهدف الأساس من زيارته القاهرة، ومجمل جولته الإقليمية، ليس فقط تمرير عملية الخروج من سورية بسلاسة، بل أيضاً ضمان عدم انفلات مواقف الأطراف المعنية وتحرّكاتها بعدها.
لم يتورّع بومبيو عن مهاجمة سياسات الرئيس السابق، باراك أوباما، وتأكيد أن أميركا الحالية مختلفة كليا. لكنه لم يقل إن أوباما كان يعوّل على الشعوب، بينما يراهن ترامب على الحكومات، ويبني حسابات العلاقات والمصالح الخارجية لواشنطن مع نظم الحكم وقدراتها على تلبية أهداف السياسة الأميركية. وبالطبع، لم يقل الوزير إن الحكومات هي التي تحصل على مقابل ذلك، سواء في شكل معونات للدول الفقيرة، أو صفقات تسليح ووعود بالحماية للدول الغنية. إضافة إلى قبول وترحيب أميركيين بالاستمرار في الحكم، أياً كانت الأخطاء والمثالب، ما دامت لا تمسّ المصلحة الأميركية.
اتساقاً مع هذا المنطق، لم يقل بومبيو إن إغفاله الحديث عن الوضع الداخلي في مصر، يعني، من ناحيةٍ، تجاهل موقف الديمقراطيين في الكونغرس الأميركي من الشأن المصري. ويقدم، من ناحية أخرى، تطمينات ضمنية للسلطة في مصر بألا تقلق بشأن هذا الملف، فالإدارة الأميركية ذاتها تغض الطرف عنه، وليست الإشارة إلى أنه محل نقاش مستمر مع المصريين، سوى كلمة عامة، لا مضمون جدّيا أو محددا لها.
محصلة ما لم يقله بومبيو في القاهرة أن شهر العسل بين الحكومة المصرية وإدارة ترامب منذ دخل البيت الأبيض مستمر حتى نهاية ولايته بعد عامين، ومرشّح للامتداد إن فاز بولاية رئاسية جديدة.