04 مايو 2018
ما لم يقله السبسي
محجوب أحمد قاهري (تونس)
توجه الرئيس التونسي، الباجي قائد السبسي، إلى الشعب، بمناسبة الذكرى 62 للاستقلال، يوم 20 مارس/ آذار الحالي، بخطاب رصين، هادئ، توافقي. ظهر فيه الرئيس ديمقراطيا بامتياز، وداعيا إلى وحدة الصف من أجل تونس.
جاء الخطاب حاملا تسع نقاط أساسية، تمحور حولها وضع تونس، قدمها الرئيس حسب ما تحدث بها كما يلي: الوضع الاقتصادي الخطير الذي تشهده البلاد، عدم الدعوة إلى تغيير الدستور في الوقت الراهن، ضرورة استكمال المؤسسات الدستورية، العزم على إعادة النظر في القانون الانتخابي، ضرورة وجود المنظمات الوطنية، اتحادي الشغل والأعراف، في كل عمل وطني، المحافظة على المواعيد الانتخابية، عدم العودة إلى توقيف إنتاج الفوسفات، لاعتباره يمثل دخلا وطنيا مهما، التأكيد على أنّ دولة تونس مستقلة استقلالا تاما، على عكس ما يتم ترويجه أنّ تونس لا زالت تحت الاستعمار الفرنسي، وضرورة مساعدة الأشقاء الليبيين على تكوين دولتهم في أسرع وقت، وهو ما سيعود بالفائدة على تونس، أمنيا واقتصاديا.
لم تحمل كل النقاط التي ذكرها الرئيس جديدا للشعب التونسي. كان الخطاب سردية، قدمها الرئيس بطريقته الخاصة، خفيفة على السامعين، امتدت ساعة، من دون ثقل أو فضفضة. وفي نهاية الخطاب، انفض الجمع بخفي حنين. كل ما قاله الرئيس حفظه الشعب التونسي عن ظهر قلب، زيادة على أن كل ما قيل كان، بالأساس، موجها للطبقة السياسية، وهو ما يفهم جيدا، باعتبار أن مشكل تونس يتخلص في الممارسة السياسية المشوهة التي عطلت كل مسار البلاد، فلا هي توجهت نحو الديمقراطية، ولا نحو الدكتاتورية. مخاض صعب محفوف بالفوضى.
يتعلق ما لم يقله الرئيس للشعب التونسي بهواجس أمنية، كان أهم وأجدى المصارحة بها. باتت كل مخاوف الشعب التونسي مرتبطة بالأحداث التي تؤسس للفوضى. من أهم هذه المخاوف، ما مدى تدخل اتحادي الشغل والأعراف في فرض أجندة حكومية خاصة وما لونها؟ ما سر زيارة وزير الداخلية السعودية سرا، واستقبال الملك سلمان بن عبد العزيز له، على خلاف البروتوكولات؟
بالنسبة لاتحادي الشغل والأعراف، لم يعد خافيا على أحد تغولهما على الدولة، حتى أصبح ميلاد وعمر ونهاية أية حكومة، منذ 2011، بفرض منهما. حكومات حمادي الجبالي وعلي العريض والحبيب الصيد ومهدي جمعة، ويوسف الشاهد الآن، كانت بقرار، وبيد من حديد، من الاتحادين. والإضراب هو وسيلة تكسير العظام والضرب تحت الحزام، به لا تصمد حتى حكومة ولو ترأسها ترامب، وحكمها الكونغرس.
في لقاء لجنة قرطاج أخيرا، يوم 19 مارس/ آذار الحالي، وحسب ما أوردته يومية الشارع المغاربي، هدّد اتحاد الشغل بمقاطعة الجلسة، إذ قال ممثله، سمير الشفي، بأن ينطلق الاجتماع بالإقرار بفشل الحكومة، وبأن يتم النقاش في المراحل المقبلة على "أساس إحداث تغيير جذري في الحكومة، وليس بمسكنات من قبيل إقرار تحوير وزاري". كل مشروع اتحاد الشغل هو إسقاط الحكومة، وتعويضها بأخرى؟ ويبقى السؤال معلقا: لماذا يصر الاتحاد على إسقاط الحكومات المتتالية؟ وهل لذلك علاقة بوجود حركة النهضة فيها؟ يبدو أن وجود حركة النهضة في هذه الحكومات العنصر الثابت الوحيد.
وفي خصوص زيارة وزير الداخلية إلى السعودية، فقد أحدث ذلك قلقا وحيرة لدى شرائح واسعة من الشعب التونسي، لأسباب عديدة، أولها أنّ الزيارة لم يعلن عنها، وخصت وزير الداخلية بالذات إلى دولة أعلن ولي عهدها عداءه التام للإخوان المسلمين، وحركة النهضة تؤخذ على أنها فرع من هذا التيار. وثانيها، أن الوزير السابق للداخلية متهم بالتآمر على الوطن، وصدرت في حقه بطاقة إيداع بالسجن. وثالثها، ما تتحدث عنه مصادر إعلامية من اختراق شبكة جوسسة لوزارة الداخلية. كل ذلك، إضافة إلى السجل الأسود لوزارة الداخلية ما قبل الثورة، أصبحا من الهواجس المخيفة للتونسيين، كان لزاما على رئيس الجمهورية، في عيد استقلالها، بأن يحدث شعبه عنه ويطمئنه، وهو ما لم يحدث.
في المحصلة، تحدث رئيس الجمهورية في كل ما يعرفه التونسي، ولم يتحدث عن مخاوف كبرى تؤرق التونسيين. فللأسف، فبعد أكثر من سبع سنوات من الثورة عاد الوضع القائم إلى بناء جدار الخوف. الخوف الذي حكم تونس أكثر من ستين عاما.
جاء الخطاب حاملا تسع نقاط أساسية، تمحور حولها وضع تونس، قدمها الرئيس حسب ما تحدث بها كما يلي: الوضع الاقتصادي الخطير الذي تشهده البلاد، عدم الدعوة إلى تغيير الدستور في الوقت الراهن، ضرورة استكمال المؤسسات الدستورية، العزم على إعادة النظر في القانون الانتخابي، ضرورة وجود المنظمات الوطنية، اتحادي الشغل والأعراف، في كل عمل وطني، المحافظة على المواعيد الانتخابية، عدم العودة إلى توقيف إنتاج الفوسفات، لاعتباره يمثل دخلا وطنيا مهما، التأكيد على أنّ دولة تونس مستقلة استقلالا تاما، على عكس ما يتم ترويجه أنّ تونس لا زالت تحت الاستعمار الفرنسي، وضرورة مساعدة الأشقاء الليبيين على تكوين دولتهم في أسرع وقت، وهو ما سيعود بالفائدة على تونس، أمنيا واقتصاديا.
لم تحمل كل النقاط التي ذكرها الرئيس جديدا للشعب التونسي. كان الخطاب سردية، قدمها الرئيس بطريقته الخاصة، خفيفة على السامعين، امتدت ساعة، من دون ثقل أو فضفضة. وفي نهاية الخطاب، انفض الجمع بخفي حنين. كل ما قاله الرئيس حفظه الشعب التونسي عن ظهر قلب، زيادة على أن كل ما قيل كان، بالأساس، موجها للطبقة السياسية، وهو ما يفهم جيدا، باعتبار أن مشكل تونس يتخلص في الممارسة السياسية المشوهة التي عطلت كل مسار البلاد، فلا هي توجهت نحو الديمقراطية، ولا نحو الدكتاتورية. مخاض صعب محفوف بالفوضى.
يتعلق ما لم يقله الرئيس للشعب التونسي بهواجس أمنية، كان أهم وأجدى المصارحة بها. باتت كل مخاوف الشعب التونسي مرتبطة بالأحداث التي تؤسس للفوضى. من أهم هذه المخاوف، ما مدى تدخل اتحادي الشغل والأعراف في فرض أجندة حكومية خاصة وما لونها؟ ما سر زيارة وزير الداخلية السعودية سرا، واستقبال الملك سلمان بن عبد العزيز له، على خلاف البروتوكولات؟
بالنسبة لاتحادي الشغل والأعراف، لم يعد خافيا على أحد تغولهما على الدولة، حتى أصبح ميلاد وعمر ونهاية أية حكومة، منذ 2011، بفرض منهما. حكومات حمادي الجبالي وعلي العريض والحبيب الصيد ومهدي جمعة، ويوسف الشاهد الآن، كانت بقرار، وبيد من حديد، من الاتحادين. والإضراب هو وسيلة تكسير العظام والضرب تحت الحزام، به لا تصمد حتى حكومة ولو ترأسها ترامب، وحكمها الكونغرس.
في لقاء لجنة قرطاج أخيرا، يوم 19 مارس/ آذار الحالي، وحسب ما أوردته يومية الشارع المغاربي، هدّد اتحاد الشغل بمقاطعة الجلسة، إذ قال ممثله، سمير الشفي، بأن ينطلق الاجتماع بالإقرار بفشل الحكومة، وبأن يتم النقاش في المراحل المقبلة على "أساس إحداث تغيير جذري في الحكومة، وليس بمسكنات من قبيل إقرار تحوير وزاري". كل مشروع اتحاد الشغل هو إسقاط الحكومة، وتعويضها بأخرى؟ ويبقى السؤال معلقا: لماذا يصر الاتحاد على إسقاط الحكومات المتتالية؟ وهل لذلك علاقة بوجود حركة النهضة فيها؟ يبدو أن وجود حركة النهضة في هذه الحكومات العنصر الثابت الوحيد.
وفي خصوص زيارة وزير الداخلية إلى السعودية، فقد أحدث ذلك قلقا وحيرة لدى شرائح واسعة من الشعب التونسي، لأسباب عديدة، أولها أنّ الزيارة لم يعلن عنها، وخصت وزير الداخلية بالذات إلى دولة أعلن ولي عهدها عداءه التام للإخوان المسلمين، وحركة النهضة تؤخذ على أنها فرع من هذا التيار. وثانيها، أن الوزير السابق للداخلية متهم بالتآمر على الوطن، وصدرت في حقه بطاقة إيداع بالسجن. وثالثها، ما تتحدث عنه مصادر إعلامية من اختراق شبكة جوسسة لوزارة الداخلية. كل ذلك، إضافة إلى السجل الأسود لوزارة الداخلية ما قبل الثورة، أصبحا من الهواجس المخيفة للتونسيين، كان لزاما على رئيس الجمهورية، في عيد استقلالها، بأن يحدث شعبه عنه ويطمئنه، وهو ما لم يحدث.
في المحصلة، تحدث رئيس الجمهورية في كل ما يعرفه التونسي، ولم يتحدث عن مخاوف كبرى تؤرق التونسيين. فللأسف، فبعد أكثر من سبع سنوات من الثورة عاد الوضع القائم إلى بناء جدار الخوف. الخوف الذي حكم تونس أكثر من ستين عاما.
مقالات أخرى
09 ابريل 2018
29 مارس 2018
21 مارس 2018