ما العمل في سورية؟

15 يونيو 2015
+ الخط -
أو كيف سيُترجم العمل ومتى سينفّذ وعلى يد من؟، ينتظر الشعب السوري الذي يواجه أكبر كارثة إنسانية في القرن الواحد والعشرين أجوبةً لأسئلةٍ، يخلقها واقعه المشلول الذي يستوجب حلّا جذريا لإنهاء صراعٍ يتفاقم شره في كل يوم، ويشتد هوله في جميع المناطق السورية كافة. في الوقت نفسه، نقرأ مقالات صحفية يومية معارضة عديدة منذ مطلع عام 2015 تحمل عناوين ومانشيتات، على سبيل المثال، الأسد يتساقط، البعث أيامه قليلة، إنه ينهار..إلخ. وتحمل هذه القراءات التحليلية غالبا علاقة طفولية في التعاطي مع الواقع، مع العلم أن الصحف الموالية أيضاً، وفي كل يوم، تروّج بطولات قوات النظام وميليشياته، ولم نشهد أي بادرة حقيقية من كلا الطرفين، للتراجع وتخفيف المأساة السورية.
يمكننا، وبنظرة متفحصة يقينية، أن نثبت أن الاشتباكات بين الفرق المتقاتلة تزداد دموية ووحشية، لم تعرف لها الأرض مثيلا، من الجنوب السوري، حيث يعمل نظام الأسد جاهداً على إحداث فتنة بين حوران والسويداء، نتيجة امتناع نسبة كبيرة من أهل الجبل أن يلتحق شبابهم بالجيش السوري، فإذا نجح في هذا فقد يؤول الأمر إلى مجزرة كبرى، يفقد الأبرياء فيها أرواحهم، وتجعل الجنوب السوري يعيش حالة من القلق الشديد والرعب الكثيف. أما الشمال السوري فيشهد أمطارا في وسط شهر يونيو/ حزيران، فالبراميل المتفجرة التي تمطر بغزارة على أحياء حلب السكنية التي تسببت، وفقا لمنظمة العفو الدولية، بحصد أرواح ثلاثة آلاف مدني في حلب، السنة الماضية، وأكثر من 11 ألف مدني في سورية، منذ 2012، هذه البراميل المتفجرة التي اعتاد أن يرميها الأسد على أطفال شعبه، وأدمن عليها، ترسم للجيل المقبل لوحة ميتة لمستقبل مريض.
أن تقتل أحداً بقصد، يعطيك ذلك شعوراً بأنك حي وموجود في هذا العالم. يبدو أن داعش وجبهة النصرة وميليشات حزب الله وقوات الاحتلال الإيراني باتوا ينظرون إلى الوضع السوري من هذا المنظار، بالإضافة إلى المنظور الأيديولوجي الذي يستولي على فكرهم المسلمات والمسبقات الأيدولوجية التي يسعون إلى إثبات صحتها في الواقع، والمنظور الطائفي أو المذهبي، وهو القتل الذي يستند على خلفية مذهبية، أو موقف طائفي، وداخل هذه الدوامة الكبيرة من القتل والذبح والدم تكون دائما الأهداف السورية النبيلة غائبة.
المعارضة السورية التي لم نعد نعرف من تعارض!، فأصبح لديها دكتوراه في المؤتمرات، وصارت تهرول وتشارك في جلها، الائتلافية والإقليمية والدولية والتحالفية والتنسيقية، لكنها لم تقدم أي مقترح جدي ومتوازن، لمرحلة انتقالية تنهي المعاناة في سورية.
يقول إلياس مرقص: "الدبلوماسية هي فن الكذب"، وأكثر كلمة اختلط فيها الكذب بالكذب، لا بالصدق، هي السياسة، وأكثر إنسان تجرّد من إنسانيته، في أسمى معانيها، وهو الإحساس بالصدق، هو السياسي، فمعظم التصريحات الدولية التي تطربنا بها أميركا وأوروبا تحتوي شيئا من الكذب والتلفيق، فهي ليست ذات مصداقية عالية كما يصفها بعضهم، إنما تحتاج إلى إثبات حقائق وصحة ما يقال في الإعلام الغربي، بخصوص الملف السوري.
القدرة على خلق حل صائب وحقيقي للفاجعة في سورية ليس أمراً سهلاً، لكن، في الوقت نفسه، ليس مستحيلا أن يُتفق على تسوية سياسية تنقذ سورية من الهلاك، تكون جملة من القرارات الصائبة والضرورية. ولتنفيذ هذا الحل، لابد من مسوغات وعوامل وآليات تساعد على التنفيذ، فكل المؤتمرات التي انعقدت من أجل الملف السوري، بما فيها جنيف، كانت تدور حول قضايا جزئية، ولم تغوص في جوهر المشكلة، لإعطاء حلول واضحة، فإن الحل السياسي يجب أن يعالج حالة تصادم المصالح الدولية في سورية، والوصول بها نحو التوازن الإقليمي والدولي، من أجل ولادة دولة سورية ديمقراطية لا يكون للاستبداد مكان فيها، وتعلو فيها مبادئ الحرية والمواطنة والقانون فوق أي شيء آخر.


avata
avata
صالح (سورية)
صالح (سورية)