وقبل أيام، رفع مدعي عام نيويورك، إريك شنايدرمان، دعوى قضائية لحلّ جمعية ترامب الخيرية "دونالد جي ترامب الخيرية"، واسترجاع 2.8 مليون دولار من صندوقها، بدعوى انخراطها في أعمال "غير قانونية" طيلة السنوات الماضية، كتحويل مبالغ مالية منها، لدفع اتعاب محاماة عن قضايا تخصّ ترامب، وتداخل وظيفتها بالتمويل السياسي. كما طلب المدعي العام منع ترامب وعائلته من ممارسة أي دور في الجمعية بعد اليوم.
وبالتزامن مع هذا التطور الفاضح، كشفت بيانات مالية أن دخْل صهر الرئيس، جاريد كوشنر، وزوجته إيفانكا للعام الماضي من أعمالهما الخاصة، بلغ 92 مليون دولار، وهو الرقم الذي عزّز الشكوك بأن كوشنر استفاد من الموقع والسلطة لزيادة ثروته. من جهة ثانية، يتواصل سقوط كبار معاوني ترامب السابقين في شِباك التحقيقات الجارية في قضية التدخل الروسي في انتخابات 2016، وكان آخرهم مدير حملته الانتخابية (لمدة 144 يوماً وليس 49 يوماً كما قال ترامب أخيراً) بول مانافورت، الذي دخل السجن أوّل أمس الجمعة، بانتظار محاكمته في سبتمبر المقبل.
في غضون ذلك، يقف المحامي السابق للرئيس وكاتم أسراره، مايكل كوهن، على عتبة إعلان تعاونه مع المحقق الخاص روبرت مولر، والبوح له بمعلوماته عن الملف الروسي، مقابل منحه أسباباً تخفيفية تعفيه من البقاء في السجن لمدة طويلة لو ثبتت تهم التواطؤ والتحايلات المالية ضده. وبحكم قربه وعلاقته الوطيدة بالرئيس، يملك كوهن الكثير من الأسرار والتفاصيل الهامة المتعلّقة بهذه القضية وبالعلاقات مع الروس، وقد بات يميل إلى كشفها لإنقاذ نفسه، خصوصاً أنّ البيت الأبيض بدأ يتنصّل منه وينأى عن مساعدته. وليس من المستبعد أن يسلك مانافورت هو الآخر السبيل نفسه في نهاية المطاف، لحفظ رأسه وتجنّب حكم السجن المؤبّد لو تأكّدت علاقته بالملف الروسي، هذا فضلاً عن ارتكاباته المالية من صفقات مشبوهة والتهرّب من دفع الضرائب، خصوصاً أنّ دخان هذه الاتهامات ضده ليس بدون نار، كما أوحت تصرفاته الأخيرة واتصالاته غير القانونية بالشهود للتأثير على إفاداتهم أثناء المحاكمة، مما حمل المحكمة الجمعة على إيداعه السجن، بدلاً من تركه تحت المراقبة.
وتتزايد هذه الضغوط القضائية في لحظة يواجه فيها ترامب المزيد من المتاعب المحلية والخارجية، بدءاً من مشكلة التعامل الفجّ مع موضوع الهجرة غير القانونية والأزمة الإنسانية التي تسبب بها، إلى ملف الحرب التجارية التي شنها ترامب والتي يبدو أنها زاحفة نحو التفاقم مع الصين والأوروبيين، فضلاً عن تزايد علامات الاستفهام حول الحصيلة الهشة لقمة سنغافورة الأخيرة مع الزعيم الكوري الشمالي، كيم جونغ أون، والتي بدأ يخبو وهجها الاستعراضي، رغم أهميتها كمدخل لنقل الأزمة إلى ساحة الحوار.
وحتى لو بقي وهج القمة على حاله، فإنها لن تقوى على حجب كابوس التحقيقات أو إزالته. فزيارة الرئيس الأميركي الأسبق، ريتشارد نيكسون، إلى الصين، وهي أهم، لم تشفع له وتنقذه من فضيحة ووترغيت، فيما يكمن الخوف الأكبر من احتمال فوز الحزب الديمقراطي بالأغلبية في مجلس النواب في انتخابات نوفمبر/تشرين الثاني المقبلة، على اعتبار أن هذا الأخير هو بمثابة المحكمة البدائية (ومجلس الشيوخ بمثابة محكمة الاستئناف)، الذي سيبتّ بتقرير المحقق روبرت مولر.