مالك شبل.. عودة "الغريب" إلى مسقط الرأس

12 نوفمبر 2016
(1953 - 2016)
+ الخط -

رحل فجر اليوم السبت في باريس المفكر والباحث الجزائري مالك شبل عن عمر يناهز 63 عاما. اشتهر شبل في الساحة الفرنسية بدفاعه عن إسلام متنور ومنفتح وخلف وراءه عشرات الدراسات انصبت في غالبيتها على إشكالية الجنس في التراث الإسلامي و من أشهرها "الجسد في الاسلام" عام 1984 و"روح الحريم: أساطير الجنس وممارساته في المغرب" 2003.

تناول شبل الثقافة الإسلامية من زاوية شمولية ومركبة تمزج بين التاريخ وعلم النفس والأنثروبولوجيا. وانصب اهتمامه في الأساس على دراسة إشكاليات الجسد والرغبة والحب.

ويعتبر الراحل من الباحثين القلائل الذين اهتموا بالتعريف بالإسلام في الساحة الثقافية الفرنسية بأسلوب بسيط موجه إلى القرّاء العاديين ما جرّ عليه اتهامات عديدة من طرف الأكاديميين الذين عابوا عليه عدم التقيّد بالصرامة العلمية في أعماله.

والواقع أن كتب شبل، مثل "القرآن للمبتدئين" أو "محمد نبي الإسلام" أو "موسوعة الحب في الاسلام" كانت وما تزال تلقى رواجا كبيرا وتصدر في طبعات شعبية بأسعار في متناول الجميع بخلاف الدراسات الأكاديمية النخبوية التي تستعصي قراءتها على الجمهور الواسع وتبقى حبيسة رفوف المكتبات.

حرص شبل أيضا على حضور منتظم في الساحة الاعلامية الفرنسية مدافعا عن إسلام منفتح ولّى عهده في البلدان العربية، وقارع مثقفين فرنسيين وإعلاميين تخصصوا في التهجم على الاسلام ونشر سلبياته في العقدين الأخيرين. ودافع شبل بقوة عن إسلام الأنوار والتسامح وعن معاناة الجاليات الاسلامية في الغرب وقال في هذا الصدد "غالبية المسلمين في الغرب محاصرون في كماشة بين المجموعات الأصولية المتطرفة التي تريد أسلمة العالم وبين الغالبية الساحقة من الأوربيين الذين لا يفقهون أي شيء عن الإسلام".

وكان شبل يعتبر نفسه كما قال في أحد الحوارات، سليل القرون الذهبية في تاريخ الثقافة الاسلامية: "باسم تلك القرون أشتغل وباسم العدد الهائل من العلماء والشرّاح والشعراء والفقهاء والأطباء والخلفاء والسلاطين المتنورين أتحدث وأعتبر نفسي رفقة آخرين حراسا لهذا التراث".

ولد شبل بمدينة سكيكدة بالجزائر عام 1953. درس الأدب العربي في جامعة قسطنطينية بالجزائر قبل ان ينتقل لاستكمال الدراسة في جامعة باريس السابعة وحاز على الدكتوراه في علم النفس عام 1982. ثم حاز على دكتوراه في علم الديانات وأخرى في العلوم السياسية لاحقا. ابتداء من عام 1995 شرع في التدريس وتأطير البحوث في جامعة السوربون وقام بالتدريس أيضا في عدة جامعات عربية وأوروبية وأميركية.

في كتابه "قاموس حب الجزائر" كتب شبل: "العودة إلى الجزائر كانت دائما إشكالية لأن العودة ببهجتها الجارفة تمتزج بخشية غريزية من أن لا أحس بأنني في وطني وأن أصير كالغريب". لكن هذا لم يمنعه من أن يترك وصية بدفنه في مسقط رأسه حيث سيوارى الثرى الإثنين المقبل في سكيكدة.

المساهمون