مارك روتي: زعيم "المقتصدين" في أوروبا

26 يوليو 2020
رئيس الوزراء الهولندي مارك روتي (Getty)
+ الخط -

لم يكف المراقبون عن الانشغال بشخصية رئيس الوزراء الهولندي، مارك روتي، رغم التوصل إلى اتفاق حول حزمة الإنقاذ الأوروبية. فهذا الاتفاق الذي وصف بـ"التاريخي"، كان يمكن ألا يرى النور بسبب روتي، الذي شبهه البعض بمارغريت تاتشر رئيسة الوزراء السابقة للمملكة المتحدة، التي لا يخفي إعجابه بها.

قاوم روتي بشراسة سعي الدول التي تقودها فرنسا وألمانيا، من أجل الوصول إلى اتفاق حول خطة التعافي كما صاغتها المفوضية الأوروبية.

فقد كان الجميع يتطلع إلى تليين موقف رئيس الوزراء الهولندي الذي يتزعم من يوصفون بالقادة "المقتصدين" أو "البخلاء". تم إطلاق هذا الوصف على هولندا والنمسا والدنمارك والسويد، بالإضافة إلى فنلندا التي تعارض ما تعتبره سخاء أوروبياً عبر خطة التعافي، لصالح بلدان جنوب أوروبا التي تتمثّل في اليونان والبرتغال وإسبانيا وإيطاليا.

كان روتي، قبل قمة المجلس الأوروبي، التي امتدت اجتماعاتها على مدى أربعة أيام، قبلة لزيارة العديد من زعماء الاتحاد الأوروبي، حيث قصده مباشرة بعد رفع الحجر الصحي، الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل ورئيس الوزراء الإيطالي جوسيبي كونتي ونظيره الإسباني بيدرو سانشيز والبرتغالي أنطونيو كوستا.

اقتصاد دولي
التحديثات الحية

فقد سعى الجميع إلى إقناع روتي بتليين موقفه من خطة الإقلاع، هو الذي أضحى من ضمن اللاعبين الكبار في الاتحاد الأوروبي، حيث يقابل محدثيه بابتسامة، لا تخفي تلك الصرامة التي يتعاطى بها مع القضايا المالية. فهذا الليبرالي المحافظ يقود سياسة موازنة صارمة في بلده. وهي الصرامة ذاتها التي ينتهجها في قضايا الهجرة. ويحظى بكثير من الاحترام لدى قطاع واسع من مواطنيه، فهذا الأعزب، البالغ من العمر 53 عاماً، ما زال يقطن الشقة التي اشتراها منذ نهاية دراسته العليا، يتنقل على متن دراجة هوائية، ولا يستعمل سيارته إلا عندما تضطره حالة الطقس إلى ذلك.

هولندي عرف بالمواظبة على زيارة والدته في نهاية الأسبوع، لم يتخل عن عاداته قبل أن يصبح رئيساً للوزراء، يمشي في الأسواق ويعطي دروساً كل يوم جمعة في التاريخ في مدرسة ثانوية.

كأي هولندي يقدس العمل مدفوعاً بتربية بروتستانتية راسخة في ذلك البلد، ينتقد روتي دول جنوب أوروبا التي يعتبر أنها غير حريصة أو غير مقتصدة عندما يتعلق الأمر بالمال، هذا ما يدفعه إلى مطالبة البلدان التي ستستفيد من خطة الإقلاع بإصلاح سوق العمل ونظام التقاعد. عضو الحزب الشعبي من أجل الحرية والديمقراطي، الذي يتولى منصب رئيس الوزراء منذ 2010، يسعى إلى الحصول على ولاية رابعة على رأس حكومة بلده، استطاع أن يقود ائتلافات حكومية تضم أحزاباً مختلفة من حيث توجهاتها السياسية.

إزاء التحفظ الذي تتزعمه هولندا حول خطة التعافي، قدم رئيس المجلس الأوروبي البلجيكي شارل ميشيل خطة جديدة تخفض حجم المنح التي ستقدم لبلدان جنوب أوروبا.

فقد سعى ميشال إلى تغيير موقف البلدان الموصوفة بالمقتصدة، خاصة أنه اقترح آلية تخول أي بلد لديه تحفظات على خطة الإصلاح في البلد الذي يستفيد من المساعدات أن يفتح نقاشاً حول ذلك في المجلس الأوروبي أو مجلس وزراء المالية.

وسعى ماكرون وميركل إلى تليين موقف مارك روتي، الذي يعتبر أن إسبانيا وإيطاليا اللتين كانتا أكثر تضرراً من الجائحة، متراخيتين في ما يتعلق بسياسية الموازنة ومراقبة العجز، ويدعو إلى ضمانات حول توظيف المساعدات.

لقد أضحى روتي زعيم المقتصدين في الاتحاد الأوروبي، حيث كان بلده في السابق يختفي وراء البريطانيين الذين انسحبوا من الاتحاد، والألمان، الذين كانوا يتزعّمون المقتصدين، قبل أن تدفعهم تداعيات الجائحة إلى الدفاع عن خطة التعافي، خاصة أنهم يرأسون حالياً الاتحاد الأوروبي، ويسعون إلى تحقيق التوافق بين دول التكتل.

المساهمون