هي الجائزة التي تظلّ الكثير من تفاصيل مداولاتها وحيثيات اختياراتها طيّ الكتمان أكثرَ من أيّ جائزة أخرى. ولعلّها، وبدرجة أقلّ من "شقيقتها" جائزة نوبل للآداب، تكون عرضةً للنقدِ دون غيرها من جوائز نوبل الأخرى.
يظلّ أرشيف لجان نوبل سريًا لمدّة خمسين سنة بعد تسليم الجائزة، لا يكشفُ شيءٌ خلالها عن ظروف الفوز وتفاصيله، ولا عن أسماء المنافسين.
وحان هذا العام دور داعية السلام الشهير كينغ، إذ كشفت اللجنة تفاصيل حصوله على نوبل للسلام. يعدّ كينغ واحدًا من أبرزِ الشخصيّات وأهمّها، التي نادتْ بالمساواة والحرية وعملتْ من أجلهما. إذ ساهمَ في تأسيس حركة الحقوق المدنية وقيادتها. الحركةُ التي نادتْ بحصول السود على حقوقهم في الولايات المتحدة وإنهاءِ نظامِ الفصلِ والتمييز العنصريْين.
دفع كينغ، مثل الكثيرين من الأميركيين السود، ثمن مبادئه بحياته، حين اغتاله أحد العنصريين في الرابع من نيسان/أبريل عام 1968. وقتها، اندلعتْ الاحتجاجات في أنحاء الولايات المتحدة إثر اغتياله، والتهمتْ الحرائق عدّة محلات وبنايات في نيويورك وواشنطن وبوسطن وشيكاغو وغيرها.
الأمرُ الذي اضطرّ الحكومة الأميركية إلى استدعاء عشرات الآلاف من جنود الحرس الوطني، وفرض منع التجول في واشنطن، واعتقالِ الآلاف من المحتجين. وعلى الرغم من الحكم على المتّهم بالاغتيال بالسجن 99 سنة، إلا أن ثمّة كثيراً من التساؤلات والشكوك حول من كان يمكن أن يكون ضالعًا بقتله.
تشيرُ أصابع الاتهام إلى جهات في الـ "إف بي آي" حيث يُعتقد أنّ اغتيال كينغ كان مدبّرًا ولم يكن بدافعٍ فردي أو عنصري فقط. ولم يتمّ إثباتُ أيّ من هذه الفرضيات بشكلٍ قاطعٍ إلى اليوم.
الأمرُ الذي اضطرّ الحكومة الأميركية إلى استدعاء عشرات الآلاف من جنود الحرس الوطني، وفرض منع التجول في واشنطن، واعتقالِ الآلاف من المحتجين. وعلى الرغم من الحكم على المتّهم بالاغتيال بالسجن 99 سنة، إلا أن ثمّة كثيراً من التساؤلات والشكوك حول من كان يمكن أن يكون ضالعًا بقتله.
تشيرُ أصابع الاتهام إلى جهات في الـ "إف بي آي" حيث يُعتقد أنّ اغتيال كينغ كان مدبّرًا ولم يكن بدافعٍ فردي أو عنصري فقط. ولم يتمّ إثباتُ أيّ من هذه الفرضيات بشكلٍ قاطعٍ إلى اليوم.
جاء في أرشيف لجنة نوبل، أنها حصلتْ على ترشيح كينغ للمرّة الأولى عام 1963، من قبل "لجنة خدمة الأصدقاء الأميركية (كويكرز)" التي كانت قد فازتْ بالجائزة عام 1947. وهي مجموعةٌ دينيةٌ مسالِمة تأسّست عام 1917 كمجموعةٍ مناهضةٍ للحرب، إبّان دخول الولايات المتحدة الحربَ العالمية الأولى.
تؤمن الجمعية بعملِ الخير، كطريقٍ بديلٍ من الحروب، وتنشطُ في بقاع كثيرة من العالم، من أجل السلام المقترن بالعدالة الاجتماعية، ومن أعمالها تنظيم مساعدات للاجئين الفلسطينيين في غزّة بطلب من الأمم المتحدة بعد نكبة فلسطين.
تؤمن الجمعية بعملِ الخير، كطريقٍ بديلٍ من الحروب، وتنشطُ في بقاع كثيرة من العالم، من أجل السلام المقترن بالعدالة الاجتماعية، ومن أعمالها تنظيم مساعدات للاجئين الفلسطينيين في غزّة بطلب من الأمم المتحدة بعد نكبة فلسطين.
بعثتْ اللجنة رسالة تُرشّح فيها، حصول مارتن لوثر كينغ على جائزة نوبل للسلام في الـ 31 من كانون الثاني/يناير للعام 1963. ووفق أرشيف اللجنة، فإن الأكاديمية السويدية عدّت ذلك ترشيحًا متأخّرًا نسبيًا في توقيته، وتمّ تأجيله للعام الذي يليه، ولكن، لا يردُ في أرشيفها سببٌ واضحٌ لذلك. وحصلتْ على الجائزة في ذلك العام جمعيةُ الصليب الأحمر الدولية.
في العام التالي (أي 1964) جدّدت اللجنة الأميركية الخيرية ترشيحها لكينغ. وتقدّم ثمانية نواب من البرلمان السويدي برسالةٍ يرشّحون فيها كينغ أيضًا. ونافس كينغ اثنان وأربعين مرشّحًا، وصل ثلاثة عشر منهم إلى القائمة القصيرة. ومن أبرز الأسماء التي وصلت إلى القائمة القصيرة كان محمّد رضا بهلوي، شاه إيران.
ويثيرُ ترشيح شخصية مثل الشاه، ووصولها أساسًا إلى القائمة القصيرة، علامات استفهام حول المعايير التي كانتْ اللجنة تتبعها، وخصوصًا أنّ علاقاته بالمخابرات الأميركية والبريطانية معروفة، بالإضافة إلى عنفِ أجهزةِ نظامِه مع الشعب الإيراني. ويذكر الأرشيف أن اللجنة استبعدتْ من القائمة القصيرة أسماءَ أخرى من ضمنِها الفيلسوفَ الصهيوني مارتن بوبر.
ويثيرُ ترشيح شخصية مثل الشاه، ووصولها أساسًا إلى القائمة القصيرة، علامات استفهام حول المعايير التي كانتْ اللجنة تتبعها، وخصوصًا أنّ علاقاته بالمخابرات الأميركية والبريطانية معروفة، بالإضافة إلى عنفِ أجهزةِ نظامِه مع الشعب الإيراني. ويذكر الأرشيف أن اللجنة استبعدتْ من القائمة القصيرة أسماءَ أخرى من ضمنِها الفيلسوفَ الصهيوني مارتن بوبر.
أمّا التقرير الذي وضعه كاري دي تونيسون للجنة حول أهمية حصول كينغ على الجائزة، فأخذ في عين الاعتبار أربعة أمور: أوّلها أن كينغ قاد حركةً شعبيةً كبيرةً في بلاده للمطالبةِ بالحقوقِ المدنيةِ للسود في الولايات المتحدة.
وثانيًا أنّ حركته كانتْ مبنيةً على وسائل اللاعنف لمحاربة الظلم الذي حاقَ بالسود في أميركا.
أما السبب الثالث، فكان من أجلِ الاعتراف بنضالِ السود الذي كان قد بدأ يجذبُ انتباه اللجنة منذ عام 1960 حين حصل ألبرت لوتيتي- الذي كان مناضلًا ضدّ نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا- على الجائزة وكان أوّل أسود يحصل عليها.
أمّا السبب الرابع، بحسب الأرشيف، فهو أن كينغ لا يشغل منصبَ رئيسٍ لأي دولة بل كان قائدًا وناشطًا سلميًا.
وثانيًا أنّ حركته كانتْ مبنيةً على وسائل اللاعنف لمحاربة الظلم الذي حاقَ بالسود في أميركا.
أما السبب الثالث، فكان من أجلِ الاعتراف بنضالِ السود الذي كان قد بدأ يجذبُ انتباه اللجنة منذ عام 1960 حين حصل ألبرت لوتيتي- الذي كان مناضلًا ضدّ نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا- على الجائزة وكان أوّل أسود يحصل عليها.
أمّا السبب الرابع، بحسب الأرشيف، فهو أن كينغ لا يشغل منصبَ رئيسٍ لأي دولة بل كان قائدًا وناشطًا سلميًا.
استلمَ كينغ الجائزة في العاشر من كانون الأول/ ديسمبر لذلك العام، ونقتطفُ من خطابه: "إنني أقبل جائزة نوبل للسلام في الوقت الذي يناضل فيه 22 مليون أميركي أسود في الولايات المتحدة، ويشاركون في معركة خلّاقة من أجل إنهاء ليلٍ طويلٍ من التفرقة العنصرية غير العادلة.
إنني أقبل هذه الجائزة باسمِ حركةِ الحقوق المدنية، التي تتقدّم بإصرار وتقتحمُ مهيبَ المخاطر من أجل إقامةِ حكم للحرية والعدل. وأعي تمامًا أن نداءات أولادنا بالمساوة والأخوة، يوم أمس في برمنغهام وآلاباما، قوبلتْ بإطلاق النارِ ونباح الكلابِ وحتّى الموت".
إنني أقبل هذه الجائزة باسمِ حركةِ الحقوق المدنية، التي تتقدّم بإصرار وتقتحمُ مهيبَ المخاطر من أجل إقامةِ حكم للحرية والعدل. وأعي تمامًا أن نداءات أولادنا بالمساوة والأخوة، يوم أمس في برمنغهام وآلاباما، قوبلتْ بإطلاق النارِ ونباح الكلابِ وحتّى الموت".
تساءل كينغ، في خطابه، حول الأسباب التي دفعت باللجنة لترشيحه، كقائد لحركةِ الحقوقِ المدنية، وبالتالي ترشيحه كرمزٍ لها، وهو لم يحقّق بعد، ما يصبو إليه من سلام وحرية ومساواة.
وخلص إلى أن الجائزة التي أُعطيت له "جاءتْ بعد تفكيرٍ واعترافٍ عميقين، بأنّ كفاح اللاعنف هو الجواب عن الأسئلةِ السياسيةِ والأخلاقيةِ لعصرنا، التي يحتاجُها الإنسان في عصرنا من أجل التغلّب على الاضطهاد والعنف..... لقد أثبتَ السود في الولايات المتحدة، محتذين بالهنودِ، أن سياسة اللاعنف ليستْ سياسةً سلبيةً عاقراً، بل هي قوّة أخلاقية تعملُ من أجل التغيير الاجتماعي".
وخلص إلى أن الجائزة التي أُعطيت له "جاءتْ بعد تفكيرٍ واعترافٍ عميقين، بأنّ كفاح اللاعنف هو الجواب عن الأسئلةِ السياسيةِ والأخلاقيةِ لعصرنا، التي يحتاجُها الإنسان في عصرنا من أجل التغلّب على الاضطهاد والعنف..... لقد أثبتَ السود في الولايات المتحدة، محتذين بالهنودِ، أن سياسة اللاعنف ليستْ سياسةً سلبيةً عاقراً، بل هي قوّة أخلاقية تعملُ من أجل التغيير الاجتماعي".