تحولت السوق النفطية فجأة من الارتفاع الكبير في أسعار الخامات الذي أخذ خام برنت فوق 82 دولاراً وخام غرب تكساس الأميركي إلى أكثر من 75 دولاراً للبرميل، قبل أن تبدأ موجة التراجع في الأسعار متجهة صوب 70 دولاراً لبرميل خام برنت، فما الذي يقف وراء هذا الانقلاب المفاجئ في أسعار النفط؟
حسب نشرة "أويل برايس" النفطية الأميركية، هنالك عوامل عدة وراء هذا التراجع في أسعار النفط. ولكن أهمها ما تشهده سوق المال في كل من أميركا والصين من اضطراب كبير خلال شهر أكتوبر/ تشرين الأول الجاري.
وتعد الصين وأميركا من كبار مستهلكي الوقود في العالم، إذ يحرك نمو اقتصاديهما الطلب العالمي على النفط. وتستهلك أميركا حوالى 20 مليون برميل يومياً من الخام، كما تستهلك الصين حالياً حوالى 12 مليون برميل يومياً.
وتعتبر الصين من أكبر الدول المستوردة للنفط حالياً، وخلال العام الماضي ارتفع الطلب الصيني على النفط بنسبة 5.5% ليصل إجمالي الاستهلاك اليومي إلى 11.72 مليون برميل يومياً، أي أكثر مما تنتجه أميركا في اليوم.
وهناك توقعات تشير بارتفاع الطلب الصيني على النفط خلال السنوات المقبلة بنحو 6%، وذلك على الرغم من الحرب التجارية القائمة بين الصين والولايات المتحدة، والتي يمكنها أن تؤثر على الاستهلاك الصيني خلال الفترة القليلة المقبلة.
ويعدّ التدهور الجاري في سوق المال الأميركي وشبه الانهيار في السوق الصيني من أكبر المؤشرات التي تجعل تجار النفط يتراجعون عن المضاربة على شراء العقود المستقبلية في بورصات الطاقة العالمية، والتي أكبرها في لندن ونيويورك. وعادة ما تقود المضاربات على شحنات النفط المستقبلية سعر النفط الفوري.أما العامل الثاني، فهو الارتفاع المستمر في سعر صرف الدولار الذي يجعل سعر النفط غالياً بالنسبة للاقتصادات الناشئة التي تتراجع عملاتها مقابل العملة الأميركية، خاصة عملات دول كبرى مثل الهند والبرازيل والأرجنتين.
يذكر أن النفط لا يزال مسعراً بالعلمة الأميركية، وبالتالي تحتاج هذه الدول إلى استبدال عملاتها الضعيفة بالدولار لتسديد فاتورة النفط.
وهنالك عوامل ثانوية عديدة تذكرها النشرة النفطية الأميركية، من بينها الحرب التجارية وتضخم الموجودات العالمية وتسديد الديون بالنسبة لدول العالم الثالث.
وهذا التراجع في أسعار النفط يحدث رغم أن أميركا تواصل التشدد في تطبيق الحظر النفطي على إيران والذي يبدأ فعلياً في الخامس من نوفمبر/تشرين الثاني المقبل.
وعلى صعيد أسعار عقود النفط في إغلاق الأسواق يوم الجمعة، صعدت الأسعار قليلاً بدعم من توقعات بأن العقوبات الأميركية على إيران ستضع ضغوطا على الإمدادات العالمية، بينما أنهت الأسبوع على خسارة مع تضرر توقعات الطلب على الوقود من موجة مبيعات في أسواق الأسهم ومخاوف بشأن حروب تجارية.
وارتفعت عقود خام برنت 73 سنتاً، نحو 1%، لتبلغ عند التسوية 77.62 دولارا للبرميل. وينهي خام القياس العالمي الأسبوع منخفضا نحو 2.7% وموسعاً خسائره في ثلاثة أسابيع إلى حوالى 10 دولارات.
وزادت عقود خام القياس الأميركي غرب تكساس الوسيط 26 سنتا، أو 0.4%، لتغلق عند 67.59 دولارا للبرميل، لكنها أنهت الأسبوع على خسارة بنحو 2.3%. وذلك وفقاً لوكالة "رويترز".