فجوة بمليار دينار في موازنة تونس... وتوقعات برفع سعر الوقود

21 أكتوبر 2018
ارتفاع أسعار النفط يزيد الأزمة المالية في تونس (الاناضول)
+ الخط -
تهدّد مشروع قانون المالية لسنة 2019 (الموازنة) في تونس، فجوة مالية تقدّر بقيمة مليار دينار (357 مليون دولار)، ستضطر الحكومة إلى ردمها بالزيادة الدورية في سعر الوقود، حسب خبراء مال لـ "العربي الجديد".
واعتمدت الحكومة في مشروع الموازنة المقبلة على معدل سعر برميل النفط بـ72 دولارا، في حين تؤكد المؤشرات في السوق العالمية أن السعر لن ينزل العام القادم دون مستوى 80 دولارا، وقد يتجه إلى 100 دولار، حسب توقعات في أسواق النفط.
ويقدر حجم الموازنة الجديدة بحوالي 40.66 مليار دينار (14.52 مليار دولار)، يشمل إجمالي مخصصات دعم بنحو 4.35 مليارات دينار (1.55 مليار دولار)، مقابل 4.9 مليارات دينار (1.75 مليار دولار) في 2018.
وإن لم يكشف مشروع قانون المالية عن معدل سعر الصرف المعتمد، إلا أن خبراء مال أشاروا إلى أن الحكومة ستعتمد على سعر في حدود 2.8 دينار مقابل الدولار، وهو أيضا قابل للتغير، نظرا لالتزام الحكومة إزاء مؤسسات القرض الدولية بعدم تدخل البنك المركزي للحد من انزلاق العملة المحلية ومواصلة التعويم الجزئي للدينار.
وفي حديث لـ"العربي الجديد"، قال الخبير الجبائي والمالي وليد بن صالح، إن الحكومة ليست لديها إمكانيات كافية لردم الفجوة المقدرة بنحو مليار دينار في موازنة 2019، وإن الحل الوحيد لتحصيل هذا المبلغ هو الزيادة الدورية في أسعار المحروقات، لافتا إلى أن هذا الإجراء يأتي في إطار التعهدات الرسمية لصندوق النقد الدولي بخفض دعم المحروقات إلى حين إلغائه كليا بحلول 2021.



وأضاف بن صالح أن تونس عالجت، العام الجاري، الإنفاق المتزايد بسبب ارتفاع كلفة الطاقة، بالزيادة الثلاثية (كل ثلاثة أشهر) في أسعار المحروقات، ما مكّنها من توفير اعتمادات بنحو 2.3 مليار دينار، مقابل كلفة طاقية إجمالية تناهز 4.8 مليارات دينار، مشيراً إلى أن كل مصادر الدخل الأخرى لا تستطيع توفير هذا المبلغ.
وأبرز المتحدث أن تعديل أسعار المواد النفطية لن يساعد على خفض نسبة التضخم، متوقعا ارتفاعها إلى أكثر من 8% العام القادم، مقابل توقعات حكومية سابقة بحصرها في حدود 7.5%، مشيرا إلى أن الارتفاع المتوقع سيكون مدفوعا بالزيادة في أسعار كل المواد الاستهلاكية والخدمات التي تتأثر بطريقة مباشرة وغير مباشرة بكلفة الزيادة في المحروقات.
وتحدّث بن صالح، في ذات السياق، عن التزام الحكومة بالاتفاقات التي تعهدت بها لصندوق النقد الدولي، بمواصلة خفض دعم المحروقات، والنزول بنسبة الدين العام إلى ما دون 70% من الناتج الإجمالي، ما يحد من خياراتها للجوء إلى القروض الخارجية لردم فجوات الموازنة، ليبقى خيار تعديل أسعار السوق المحلية الحل الأقرب لها.
وفق مشروع القانون، تتجه الحكومة إلى عدم إضافة أي ضرائب جديدة على الشركات، بل خفض النسبة المطبقة حاليا من 25% إلى 13%، لإعطاء الأولوية للقطاعات ذات القيمة المضافة العالية، خاصة في الصناعات التحويلية والاتصالات والمعلومات.
وحسب الموازنة الجديدة، من المنتظر، خلال العام القادم، خفض دعم المحروقات إلى 2.1 مليار دينار (750 مليون دولار)، مقابل 2.7 مليار دينار (964 مليون دولار) في العام الجاري، ونحو 3.49 مليارات دينار في 2017.
ومن جانبه، أكد الخبير الاقتصادي عز الدين سعيدان، لـ"العربي الجديد"، أن من أخطر الإشكاليات التي تواجهها المالية العمومية في تونس هو ارتفاع نفقات الدولة بنسق عال جدا، في ظل اقتصاد لا يفرز أي نمو يذكر، مشيرا إلى أن قانون مالية تكميليا يفرض نفسه في كل سنة لتعديل الموازنة.
وأضاف سعيدان أن سنة 2019 ستكون صعبة نتيجة تدھور المؤشرات الاقتصادية، مؤكداً أن الدينار التونسي دخل مرحلة التعويم، ما يزيد من مفاقمة عجز الموازنة، في ظل عدم قدرة احتياطي العملة الصعبة على مجابهة حاجيات الاستيراد، ولا سيما واردات الطاقة.
المساهمون