"المؤسسات العربية في كندا لا تمثل طموحات أبناء المجتمع العربي في البلد"، ذلك ما يذهب إليه الكندي-الفلسطيني (من الأردن) فراس مريش، بعد سنوات من تجربة تأسيس عدد من الجمعيات والمؤسسات العربية في البلد، ومن بينها المجلس العربي-الكندي والجمعية الثقافية الفلسطينية "الدار".
ثمة شبه إجماع بين ناشطي الجمعيات والمؤسسات العربية في كندا، بمهاجريها القدماء والجدد، على أن مجتمعهم يعج ببنى وجمعيات أسسها أبناء الجاليات انطلاقا من حاجة تخص طبيعة المهاجرين العرب من مختلف دول المنطقة. وتنتشر تلك الجمعيات والمؤسسات في أغلب المقاطعات الكندية، وبعضها لعب دورا مميزا في حياة الأجيال من أصول عربية.
ورغم ذلك يخوض عرب كندا نقاشات حول السبل التي يمكن أن ترتقي بأوضاعهم المؤسساتية وقدرتهم على التأثير في مجتمعهم وعلى مستوى صناع القرار في ما خص مصالحهم، وبشكل أساسي كمواطنين في مجتمع متعدد الأعراق والثقافات. وشأنهم في ذلك شأن المهاجرين في دول أخرى، حيث يساجل كثيرون بحثا عن حلول لإشكالية لا تزال قائمة، بعد عقود من التجارب، لتصبح تلك المؤسسات ملائمة لحاجات وطموحات الجاليات.
فبالنسبة لفراس مريش فإن المؤسسة/الجمعية التي تنشأ بين العرب الكنديين، ولتكون عند مستوى الطموح، "فمن الواجب أن تضم رسميا أعضاء مشتركين تمثلهم، ووفقا للقانون الكندي يجب أن يحصل الأعضاء على حق الترشح والانتخاب". وبالإضافة إلى ذلك، يذكر مريش لـ"العربي الجديد" أن الشفافية أمر هام في ما خص حق الأفراد في الاطلاع على الإقرار المالي، وكل ما يتعلق بهذه الجزئية في المؤسسة كعنوان للانفتاح، "لكن للأسف في تورنتو وما حولها على الأقل، وبحكم اطلاعي وخبرتي، تغيب هذه الشفافية، وتتقلص في بعض المؤسسات العربية، فإذا كانت تريد أن تمثل الناس فيجب أن يكون حق الناس، إلى جانب الترشح، مكفولا، وأن تلامس البرامج حاجات المجتمع العربي في كندا".
ويخوض مريش في ما يراه هاما لناحية تمثيل مصالح الجاليات ببناء المؤسسات "فالحقوق المدنية للجاليات أمر هام، وهي نقطة تغيب للأسف عن عمل المؤسسات، ومنذ 25 سنة لم أجد مؤسسة كندية-عربية تتصف بتلك الأهداف التي تعنى أمام الجهات الرسمية وفي المجتمع بالحقوق المدنية".
الشفافية أساس
التركيز على الشفافية بالنسبة لمريش كونه "يعتبر أمرا هاما في الأنظمة الداخلية للمؤسسات، وغياب إيلاء الأمر أهمية، يقلصان حق الأعضاء في الاطلاع على ما يدور، ويؤديان إلى نشوء مفهوم خاطئ وضار ويؤدي إلى أداء سلبي". وينوه مريش في هذا السياق بتجربة فلسطينيي المهجر الكندي، لظروف تتعلق خصوصا بالحالة الفلسطينية، خلال عقود طويلة من الاغتراب. ويذكر أنه "تاريخيا المؤسسات الفلسطينية الكندية في المهجر هي الأكثر نجاحا. ويعود الأمر في ذلك إلى أن الفلسطيني لاجئ، وعندما يأتي إلى كندا يعتزم أن يحصل على الجنسية ويبقى جزءا من المجتمع الكندي، فهو لا يملك بديلا، ويصمم بذلك على أن يكون له وجود مميز". ويؤكد مريش أن المهاجر الفلسطيني يحرص، نتيجة لظروفه وأوضاعه الخاصة، على "أن تكون المؤسسات التي يؤسسها على تواصل مع المجتمع والجهات الكندية لإيصال حقوقه كمواطن حاله حال أي مواطن كندي آخر، وهو أمر بات أيضا يشهد تغييرا لدى المهاجر العربي في كندا بعد الثورات العربية وبدأوا يفكرون في أنهم مواطنون وليس لهم وطن آخر".
ويختم فراس مريش بالتأكيد على أن دور المؤسسات العربية بين الجاليات العربية يجب أن ينطلق من تمثيل مصالح واحتياجات أبناء العرب كجزء من مواطني المجتمع الكندي، أسوة ببقية مكوناته، وليس كبشر يقيمون للحصول على الجنسية ثم المغادرة إلى البلد الأصلي.
تأثير غائب
ومن ناحيته، يؤكد مدير شركة "بي ثري اكسبيرت" P3 Experts واستشاري إدارة المشاريع، محمد التميمي، أهمية أن "المجتمع العربي في كندا هو بطبعه اجتماعي". ويضيف لـ"العربي الجديد"، بحكم تجربته في تأسيس "جمعية العرب الكنديين"، أن "المؤسسات العربية الكندية لها حضور وانتشار، لكن يغيب عنها النفوذ والتأثير على الساحة الرسمية الكندية. فهي لا تملك ضغطا وتأثيرا (مثل مؤسسات أخرى غير عربية) على صانعي القرار ككتلة، رغم وجودها وفعاليتها".
يشرح التميمي الخلل في هذا الاتجاه بالقول إن "عمل بعض المؤسسات العربية في كندا قائم على ما يمكن أن نسميه نحن العرب "فزعة الرجال" لتحفيز الجاليات من خلال أفراد نشيطين في المؤسسات، لكن لخلق دور لحظي أو مؤقت للأسف، ويرتبط بقضايا طارئة ومستجدة أو كردة فعل". وبالرغم من أن الجاليات العربية تضم، بحسب التميمي، الكثير من النشطاء الأفراد المميزين، لكنه يرى أهمية لما يسميه "مأسسة العمل للخروج من ادعاء أننا نعمل عملا مؤسساتيا مخططا له، فنحن يغيب عن مؤسساتنا الرؤية والتخطيط الممنهج، فالعمل المؤسسي لا يقوم على ردة فعل بل على فعل مستدام بين الجالية لتكون لك مكانة في المجتمع وتأثير في مستويات صناع القرار في قضايا قد تكون قريبة وبعيدة في الأفق، وذلك أمر مشروع يُعمل به في المجتمعات الديمقراطية التي يمارس فيها الناس مواطنتهم".
ويمضي التميمي في حديثه لـ"العربي الجديد" حول واقع وطموحات المؤسسات والجمعيات العربية في مجتمع المهجر الكندي لاعتبار أن طموحات أبناء العرب "أكبر بكثير من أداء مؤسساتهم، فحين ننظر إلى منح شهادات تقدير وأوسمة للعرب الكنديين، رسميا وبشكل غير رسمي، كاعتراف وعرفان بجهودهم ونجاحاتهم، فإن الأمر يقوم على اعتراف بالفرد وبنتيجة جهود ذاتية من الأشخاص، وللأسف نتيجة لقوة سمعة ونشاط المؤسسات غير العربية التي يرتبطون بها والتي تساهم في دعمهم وتقديمهم إلى المجتمع الكندي".
التركيز على الإدارة..
يرى محمد التميمي، بعد تشخيص لحالة المؤسسات/الجمعيات العربية، المنتشرة بين الجاليات العربية في كندا أن أفضل ما يمكن أن يستفاد منه للارتقاء بمؤسسات أبناء العرب في مجتمعهم الكندي، وهو ما يمكن أن ينطبق على معظم ساحات انتشار الجاليات العربية في المهاجر الغربية، أن يجري التركيز على "الإدارة، فهي ليست أمرا ثانويا". ويتفق التميمي وفراس مريش على إيلاء التخطيط والتفكير للعمل وفق استراتيجيات ومهام مرحلية، مع ضرورة أن تكون الشفافية والمصداقية أساسا لكسب المزيد من الثقة والأعضاء وبناء نفوذ وتأثير، وتمثيل مصالح بشكل جاد. الإدارة بالنسبة لهذين المهاجرين المجربين بين الجاليات في كندا تعتبر أحد أهم الإشكاليات التي تعيق تراكم نجاح المؤسسات العربية في المهاجر، ما يفوت عليها فرصة امتلاك إرادة تترجم قوة تواجد العرب إلى عمل جماعي مؤثر.
ثمة شبه إجماع بين ناشطي الجمعيات والمؤسسات العربية في كندا، بمهاجريها القدماء والجدد، على أن مجتمعهم يعج ببنى وجمعيات أسسها أبناء الجاليات انطلاقا من حاجة تخص طبيعة المهاجرين العرب من مختلف دول المنطقة. وتنتشر تلك الجمعيات والمؤسسات في أغلب المقاطعات الكندية، وبعضها لعب دورا مميزا في حياة الأجيال من أصول عربية.
ورغم ذلك يخوض عرب كندا نقاشات حول السبل التي يمكن أن ترتقي بأوضاعهم المؤسساتية وقدرتهم على التأثير في مجتمعهم وعلى مستوى صناع القرار في ما خص مصالحهم، وبشكل أساسي كمواطنين في مجتمع متعدد الأعراق والثقافات. وشأنهم في ذلك شأن المهاجرين في دول أخرى، حيث يساجل كثيرون بحثا عن حلول لإشكالية لا تزال قائمة، بعد عقود من التجارب، لتصبح تلك المؤسسات ملائمة لحاجات وطموحات الجاليات.
فبالنسبة لفراس مريش فإن المؤسسة/الجمعية التي تنشأ بين العرب الكنديين، ولتكون عند مستوى الطموح، "فمن الواجب أن تضم رسميا أعضاء مشتركين تمثلهم، ووفقا للقانون الكندي يجب أن يحصل الأعضاء على حق الترشح والانتخاب". وبالإضافة إلى ذلك، يذكر مريش لـ"العربي الجديد" أن الشفافية أمر هام في ما خص حق الأفراد في الاطلاع على الإقرار المالي، وكل ما يتعلق بهذه الجزئية في المؤسسة كعنوان للانفتاح، "لكن للأسف في تورنتو وما حولها على الأقل، وبحكم اطلاعي وخبرتي، تغيب هذه الشفافية، وتتقلص في بعض المؤسسات العربية، فإذا كانت تريد أن تمثل الناس فيجب أن يكون حق الناس، إلى جانب الترشح، مكفولا، وأن تلامس البرامج حاجات المجتمع العربي في كندا".
ويخوض مريش في ما يراه هاما لناحية تمثيل مصالح الجاليات ببناء المؤسسات "فالحقوق المدنية للجاليات أمر هام، وهي نقطة تغيب للأسف عن عمل المؤسسات، ومنذ 25 سنة لم أجد مؤسسة كندية-عربية تتصف بتلك الأهداف التي تعنى أمام الجهات الرسمية وفي المجتمع بالحقوق المدنية".
الشفافية أساس
التركيز على الشفافية بالنسبة لمريش كونه "يعتبر أمرا هاما في الأنظمة الداخلية للمؤسسات، وغياب إيلاء الأمر أهمية، يقلصان حق الأعضاء في الاطلاع على ما يدور، ويؤديان إلى نشوء مفهوم خاطئ وضار ويؤدي إلى أداء سلبي". وينوه مريش في هذا السياق بتجربة فلسطينيي المهجر الكندي، لظروف تتعلق خصوصا بالحالة الفلسطينية، خلال عقود طويلة من الاغتراب. ويذكر أنه "تاريخيا المؤسسات الفلسطينية الكندية في المهجر هي الأكثر نجاحا. ويعود الأمر في ذلك إلى أن الفلسطيني لاجئ، وعندما يأتي إلى كندا يعتزم أن يحصل على الجنسية ويبقى جزءا من المجتمع الكندي، فهو لا يملك بديلا، ويصمم بذلك على أن يكون له وجود مميز". ويؤكد مريش أن المهاجر الفلسطيني يحرص، نتيجة لظروفه وأوضاعه الخاصة، على "أن تكون المؤسسات التي يؤسسها على تواصل مع المجتمع والجهات الكندية لإيصال حقوقه كمواطن حاله حال أي مواطن كندي آخر، وهو أمر بات أيضا يشهد تغييرا لدى المهاجر العربي في كندا بعد الثورات العربية وبدأوا يفكرون في أنهم مواطنون وليس لهم وطن آخر".
ويختم فراس مريش بالتأكيد على أن دور المؤسسات العربية بين الجاليات العربية يجب أن ينطلق من تمثيل مصالح واحتياجات أبناء العرب كجزء من مواطني المجتمع الكندي، أسوة ببقية مكوناته، وليس كبشر يقيمون للحصول على الجنسية ثم المغادرة إلى البلد الأصلي.
تأثير غائب
ومن ناحيته، يؤكد مدير شركة "بي ثري اكسبيرت" P3 Experts واستشاري إدارة المشاريع، محمد التميمي، أهمية أن "المجتمع العربي في كندا هو بطبعه اجتماعي". ويضيف لـ"العربي الجديد"، بحكم تجربته في تأسيس "جمعية العرب الكنديين"، أن "المؤسسات العربية الكندية لها حضور وانتشار، لكن يغيب عنها النفوذ والتأثير على الساحة الرسمية الكندية. فهي لا تملك ضغطا وتأثيرا (مثل مؤسسات أخرى غير عربية) على صانعي القرار ككتلة، رغم وجودها وفعاليتها".
يشرح التميمي الخلل في هذا الاتجاه بالقول إن "عمل بعض المؤسسات العربية في كندا قائم على ما يمكن أن نسميه نحن العرب "فزعة الرجال" لتحفيز الجاليات من خلال أفراد نشيطين في المؤسسات، لكن لخلق دور لحظي أو مؤقت للأسف، ويرتبط بقضايا طارئة ومستجدة أو كردة فعل". وبالرغم من أن الجاليات العربية تضم، بحسب التميمي، الكثير من النشطاء الأفراد المميزين، لكنه يرى أهمية لما يسميه "مأسسة العمل للخروج من ادعاء أننا نعمل عملا مؤسساتيا مخططا له، فنحن يغيب عن مؤسساتنا الرؤية والتخطيط الممنهج، فالعمل المؤسسي لا يقوم على ردة فعل بل على فعل مستدام بين الجالية لتكون لك مكانة في المجتمع وتأثير في مستويات صناع القرار في قضايا قد تكون قريبة وبعيدة في الأفق، وذلك أمر مشروع يُعمل به في المجتمعات الديمقراطية التي يمارس فيها الناس مواطنتهم".
ويمضي التميمي في حديثه لـ"العربي الجديد" حول واقع وطموحات المؤسسات والجمعيات العربية في مجتمع المهجر الكندي لاعتبار أن طموحات أبناء العرب "أكبر بكثير من أداء مؤسساتهم، فحين ننظر إلى منح شهادات تقدير وأوسمة للعرب الكنديين، رسميا وبشكل غير رسمي، كاعتراف وعرفان بجهودهم ونجاحاتهم، فإن الأمر يقوم على اعتراف بالفرد وبنتيجة جهود ذاتية من الأشخاص، وللأسف نتيجة لقوة سمعة ونشاط المؤسسات غير العربية التي يرتبطون بها والتي تساهم في دعمهم وتقديمهم إلى المجتمع الكندي".
التركيز على الإدارة..
يرى محمد التميمي، بعد تشخيص لحالة المؤسسات/الجمعيات العربية، المنتشرة بين الجاليات العربية في كندا أن أفضل ما يمكن أن يستفاد منه للارتقاء بمؤسسات أبناء العرب في مجتمعهم الكندي، وهو ما يمكن أن ينطبق على معظم ساحات انتشار الجاليات العربية في المهاجر الغربية، أن يجري التركيز على "الإدارة، فهي ليست أمرا ثانويا". ويتفق التميمي وفراس مريش على إيلاء التخطيط والتفكير للعمل وفق استراتيجيات ومهام مرحلية، مع ضرورة أن تكون الشفافية والمصداقية أساسا لكسب المزيد من الثقة والأعضاء وبناء نفوذ وتأثير، وتمثيل مصالح بشكل جاد. الإدارة بالنسبة لهذين المهاجرين المجربين بين الجاليات في كندا تعتبر أحد أهم الإشكاليات التي تعيق تراكم نجاح المؤسسات العربية في المهاجر، ما يفوت عليها فرصة امتلاك إرادة تترجم قوة تواجد العرب إلى عمل جماعي مؤثر.