عقدت ضفيرتها خلف ظهرها، انطلقت تنشد طريق مدرستها بجوار ميدان التحرير، كان ذلك في أحد أيام يناير/ كانون الثاني 1972، لم تعرف حينئذ، ابنة السادسة عشرة، أن هذا اليوم يكتب بداية تاريخها النضالي، إلى أن مرت تظاهرة طلابية بمحاذاة مدرستها، هالها حجم المظاهرة، وجذبتها مطالبها بالحسم مع العدو والإفراج عن الطلبة المعتقلين في ديسمبر/كانون الأول 1971، وبينما يكتب أمل دنقل "عندما تهبطين على ساحة القوم/ لا تبدئي بالسلام/ فهم الآن يقتسمون صغارك/ فوق صحاف الطعام"، قررت ليلى سويف (1956) الاشتراك في تظاهرتها الأولى.
منذ يناير/كانون الثاني 1972، وسويف تسير في طريق لا تحيد عنه، دفاعاً عن حقوق الطلبة والعمال، مناهضة للتعذيب، ومتضامنة مع المعتقلين، وأولهم زوجها المحامي الحقوقي الراحل، أحمد سيف الإسلام، حين اعتقل في الثمانينيات في بداية زاوجهما عدة مرات، والذي قال عن احتوائها له "أنها رممت حطام إنسان".
لم يكن سيف الإسلام الوحيد الذي ناله احتواء ليلى، ففي منتصف التسعينات تقريباً، وكما تذكر رضوى عاشور، أستاذة الجامعة والروائية الشهيرة في سيرتها الذاتية، أن سويف، ومعها ثلاثون أستاذاً جامعياً، من بينهم عاشور، ذهبوا إلى القصر الجمهوري مطالبين بإقالة وزير الداخلية، إثر اعتداءات على طلبة تظاهروا في الاسكندرية، وهو ما تصفه عاشور بالموقف الذي لا تستطيع التوقف عن الضحك عند تذكره لجرأته.
في 2003، أسست سويف مع مجموعة من أساتذة الجامعات المصرية، ما يعرف بـ"حركة استقلال الجامعات"، متعمدين اختيار 9 مارس/آذار موعداً لانطلاقها، وهو الموعد الذي تقدم فيه من قبل "أحمد لطفي السيد" باستقالته، لتدخل وزارة المعارف في شؤون الجامعة.
بإمكان الشوارع أن تنطق أيضاً بما شهدته سويف، بدءاً من شارع نوبار، والذي يحفظ واقعة الاعتداء عليها وتعرضها للضرب والدهس على يد قوات الأمن في 2005.
لم تمنعها أسوار الجامعة من نقل تضامنها إلى سكان المحلة، عقب إضراب 6 أبريل/نيسان 2008، فدعت أستاذة الجامعة إلى كسر حصار المدينة التي أغرقتها قنابل الغاز، وإفشال محاولات الأجهزة الأمنية للتضييق عليها، ولو كان ذلك بسيارتهم الخاصة.
يسارية غير محجبة، قد يتعجب البعض من دفاعها عن حقوق الإسلاميين، إلا أن المؤمن بمبدأ لا يفرق بين إسلامي وعلماني، فوقفت سويف ضد قرار الجامعة منع المنتقبات من دخولها، دفاعاً عن الحريات.
وفي مارس/آذار 2011، تضامنت مع طلبة الإعلام المعتصمين ضد تدخل الشرطة العسكرية، مما أدى إلى احتجازها في إحدى المدرعات التي اقتحمت الحرم الجامعي. إلى جانب تظاهراتها التضامنية، أضربت سويف عن الطعام تضامناً مع معتقلين كثر، من بينهم ابنها "علاء" مرتين، الأولى في 2011، والثانية هذا العام، وإضرابها تضامناً مع الصحفيين عبد الله الشامي ومحمد سلطان، أنهته بعد 12 يوماً برسالة اعتذار لهما ولذويهما لفقدانها الأمل في أي استجابة من السلطة.
حمل عام 2014، الكثير من المآسي لليلى، بداية من مرض زوجها، واعتقال فلذتي كبدها علاء وسناء، على خلفية اتهامها بخرق قانون التظاهر، ومروراً بوفاة زوجها، وانتهاء بوقفاتها ضد قانون تنظيم الجامعات الجديد، وتعيين القيادات الجامعية، وتحويل أساتذة الجامعة للتحقيق لآراء سياسية مخالفة للسلطة الحالية.
موقفاً بعد موقفاً، وليلى لا تزال صامدة بابتسامة تنير قلوب الناظرين لوجهها، رغم اختلافهم، ويظل في قلبها صدى، بقية من كعكعة دنقل:
"سقط الموتُ
وانفرطَ القلبُ كالمسبحة والدم انساب فوق الوشاح
المنازلُ أضرحة
والزنازنُ أضرحة
والمدى.. أضرحة
فارفعوا الأسلحة
واتبعوني..".