ليبيا: كتلة "الثوابت الوطنية" تغرّد خارج سرب مجلس طبرق

27 سبتمبر 2014
تعتبر الكتلة أن مكافحة "الإرهاب" مهمة الدولة المدنية (الأناضول)
+ الخط -
بدأت ملامح التصدع في صفوف مجلس النواب الليبي المنعقد بطبرق بالظهور، مع إعلان 20 نائباً من النواب المقاطعين لجلساته، تشكيلَ كتلة "الثوابت الوطنية"، الأربعاء الماضي بطرابلس.

وتوضح المجموعة أنّ "الكتلة الجديدة، لا تتبع لأي حزب أو تكتل سياسي، وتتخذ من الحوار وسيلة للتعاطي مع كل من يخالفهم". ويقول عضو الكتلة، عمار الأبلق، في تصريحات صحافية، إنهم اتفقوا في الكتلة على ثوابتَ عدة تتمثل في "وحدة التراب الليبي، ومقاطعة اجتماع طبرق، والتمسك بالإعلان الدستوري".

ويبدو لافتاً حديث الكتلة عن اعتبارها أن الثوار هم أساس بناء الدولة وصمام أمانها، مؤكدة، في الوقت ذاته، نبذها للإرهاب وإدانتها للتحريض على الكراهية.

ويحدد عضو مجلس النواب عن مدينة مصراتة، والرافض لانعقاد المجلس بطبرق، عبد الرحمن السويحلي، أنّ الهدف من أي حوارٍ وطني، هو توافق الليبيين على رؤية سياسية مشتركة مبنية على مبادئ وأهداف ثورة "17 فبراير"، وفق بيان أصدره قبل يومين. 

وفي وقت يثمّن فيه السويحلي المساعي المبذولة من الأمم المتحدة في هذا الاتجاه، يؤكد أنّ أي محاولات لفرض حوار مبني على استراتيجية "شقّ الصف"، أو فرض نتائج معينة غير نابعة من احتياجات ليبيا ومُتبناة من الشعب الليبي مرفوضة تماماً، كما أنّ إجراء الحوار تحت تهديد العقوبات هو أمر غير مقبول، تحت أي مسمى، ولن يزيد الوضع إلا تعقيداً، على حد تعبيره.

ويدعو عضو مجلس النواب عن مصراتة، المجتمع الدولي ومجلس الأمن، إلى وقفةً جادة تجاه التدخل العسكري والسياسي السافر في الشأن الداخلي الليبي، من قبل بعض الدول. ويعتبر أنّ النواب المجتمعين بطبرق أمّنوا له الغطاء اللازم لذلك بذريعة مكافحة "الإرهاب"، الذي لن تتمّ مكافحته بشكل حقيقي، إلا من خلال مؤسّسات الدولة المدنيّة الديموقراطيّة، التي ينشدها الليبيون جميعاً

ولن يقبل الليبيون، وفق المصدر ذاته، بحوارٍ مع من "ثَبُت من النواب استدعاؤه للتدخل الأجنبي"، واصفاً الأعضاء الرافضين لطريقة انعقاد مجلس النواب وجلساته، بالمجموعات الإرهابيّة.

ويرى متابعون أن بيان كتلة "الثوابت الوطنية"، وبيان السويحلي، بمثابة "إعلان مبادئ ما فوق سياسية"، لكلّ الأطراف الأمميّة والإقليميّة والدوليّة الداعية إلى حوار بين أطراف الأزمة السياسيّة والأمنيّة بليبيا، بينما يراه آخرون، بمثابة إعلان استقلال أعضاء مجلس النواب الرافضين لانعقاد مجلسهم بطبرق بسبب مخالفات دستورية.

ومبعث هذا التحول في إدارة المشهد السياسي، بحسب مراقبين، رغبة المعلنين عن "كتلة الثوابت الوطنية" في أن يتعاطى معهم الداخل الليبي والخارج، كجزء أصيل من شرعيّة منتخبة، وليس تحت عباءة ومظلة "المؤتمر الوطني العام"، الذي يُنظر إليه دولياً على أنه منقوص الشرعيّة أو يفتقدها، مقابل اعتراف أغلب دول العالم ومؤسّساته الدولية بمجلس النواب الليبي بطبرق، كممثل شرعي ووحيد لليبيا.

وجاءت فكرة توحيد الخطاب، إثر تزايد المبادرات المحلية والإقليمية والدولية والأممية، لمحاولة رأب الصدع السياسي في ليبيا، مع اختلاف نوايا مقدميها وأهدافهم السياسية، إذ تنطلق كل مبادرة من اعتبارات الأمن القومي لبعض دول جوار ليبيا، مروراً بمصالح اقتصادية والرهان على أحد طرفي الأزمة، وصولاً إلى محاولة القضاء على الجماعات المتشددة الإسلامية، بشرق ليبيا. وتحاول كتلة "الثوابت الوطنية"، توحيد خطابها السياسي ضمن كتلة تشبه في أحد جوانبها، أسلوب عمل الأحزاب السياسية، مع اختلاف جوهري يتمثل في تباين رؤى ومشارب أعضاء الكتلة السياسيّة، فمنهم من ينتمي لتيار الإسلام السياسي، بينما ينطلق آخرون في مذاهبهم السياسية من رؤى وطنية، تحاول أن تضع حداً فاصلاً بينها وبين تلك التيّارات.