لوبي الاستيراد يطيح وزير التجارة الجزائري

05 ابريل 2018
تغيير وزير التجارة بضغط من لوبي تجاري (Getty)
+ الخط -
بعد أقل من سنة على تكليف حكومة رئيس الوزراء الجزائري أحمد أويحيى، طاول التعديل الوزاري المفاجئ الذي أجراه الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة، الأربعاء الماضي، حقيبتين اقتصاديتين من أصل أربع، هما التجارة والسياحة.

وبحسب بيان رئاسة الجمهورية، فإن الرئيس بوتفليقة أنهى مهام وزير التجارة محمد بن مرادي، وتم تعويضه بوزير المالية سعيد جلاب، كما أنهى مهام وزير السياحة حسّان مرموري، وتم تعويضه بوالي محافظة تيسمسيلت.

وكانت الجزائر قد عاشت في الأشهر الأخيرة على وقع انتشار شائعات وأخبار تداولتها وسائل إعلام، ومفادها قرب إقدام بوتفليقة على إنهاء مهام حكومة أويحيى في أعقاب فتح هذا الأخير الباب أمام المحسوبين عليه لشراء الشركات العمومية، وهي الخطوة التي أثارت ضجة في البلاد، ودفعت بالرئيس إلى إصدار تعليمات رئاسية تقضي بوقف مسار خصخصة هذه الشركات.

وبحسب المراقبين، فإن إقدام بوتفليقة على تغيير جزئي للحكومة، جاء، من جهة، لامتصاص "غضب" الشارع الجزائري، ومن جهة أُخرى "عقاباً" على هفوات وزيري التجارة والسياحة، اللذين عيّنهما الرئيس بوتفليقة في أغسطس/ آب 2017، أي قبل 8 أشهر فقط.

في السياق، يقول الخبير الاقتصادي فرحات علي، إن "إنهاء مهام وزير التجارة محمد بن مرادي جاء بسبب سوء إدارته لملف الاستيراد، حيث أظهر الوزير تخبطا كبيرا في اتخاذ القرارات، أولها إنهاء العمل بنظام رخص الاستيراد والتوجه نحو إلغاء استيراد 1000 منتج، قبل أن يتراجع ويقرر إعفاء 20 منتجا من إجراء منع الاستيراد في يناير/ كانون الثاني المنصرم، لرفع العدد إلى 50 منتجا قبل 3 أيام".

ويضيف الخبير الجزائري، في حديث مع "العربي الجديد"، أن "بن مرادي ذهب ضحية حاويات الاستيراد واللوبيات المتحكمة بالاستيراد، والتي تضغط في كل مرة من أجل تقليص قائمة المواد الممنوعة من الاستيراد".


أما عن إقالة وزير السياحة حسان مرموري، فيقول فرحات علي إن "الوزير أظهر جهلا كبيرا بالقطاع، كونه كان مديرا جهويا في وزارة الثقافة، وتم تعيينه وفق حسابات سياسية جهوية، كونه ابن الجنوب الجزائري، وكي تحدث السلطة توازنا جهويا في الحكومة أعطت وزارة الداخلية والسياحة لأسماء من الجنوب الجزائري".

وتعيش عدة قطاعات اقتصادية في الجزائر حالة من عدم الاستقرار على خلفية تغيير الوزراء دوريا، كما هو الحال مع وزارة التجارة التي تناوب عليها 4 وزراء خلال 13 شهرا، فيما تداول 4 وزارء أيضاً وزراة الصناعة، و3 وزراء وزارة السياحة خلال الفترة ذاتها، في وقت يعيش البلد أزمة اقتصادية حادة جراء استمرار تدهور عائدات النفط.

أما خبير الاقتصاد السياسي جمال نور الدين، فيرى أن "السلطة الحاكمة تُظهر في كل مرة عدم امتلاكها تصورا واضحا لحل الصعوبات الاقتصادية التي تكابدها الجزائر، وإلا لكانت استقرت على أسماء محددة وفق برنامج اقتصادي واحد".

وأضاف أن "كل وزير يأتي بعد آخر، يُلغي قرارات الوزير الذي سبقه، بحجة أنها تخالف برنامج الرئيس بوتفليقة، وهو ما أثر على سير العمل في قطاعات حساسة، كالتجارة والصناعة، وحتى السياحة التي تداولت على وزارتها مجموعة وزارء في أقل من عام ونصف".

وقد تباينت المواقف والقراءات السياسية في الجزائر إزاء التعديل الحكومي، الذي أجراه بوتفليقة الأربعاء، لكن أغلب القراءات تقاطعت عند عدم فهم مبررات هذا التعديل وغاياته السياسية.

وفي ظل واقع سياسي متشابك وتوترات اجتماعية متزايدة، جاء التعديل الحكومي الطفيف الذي طاول 4 وزارات، ليضيف مزيداً من الغموض السياسي، في أفق يتسم أيضاً باعتبارات مرحلية ذات صلة بالاستعداد للاستحقاق الرئاسي المقرر في ربيع السنة القادمة.
المساهمون