في سباقٍ مع الزمن، تحاول مرشحة اليمين الفرنسي المتطرف، مارين لوبان، إصلاح ما أفسده أداؤها في مناظرة الأربعاء الماضي، وذلك باعتراف الجميع، في حين يسعى مرشح الوسط، إيمانويل ماكرون، الواثق من الفوز، أكثر من أي وقت مضى، إلى تعميق الفارق بينه وبين منافسته إلى أكبر مستوى ممكن، حتى يخوض الانتخابات التشريعية بشكل مريح.
وخلال اليوم، الجمعة، آخر أيام الحملة الانتخابية للرئاسيات، قبل الصمت الانتخابي، يحاول كل طرف أن يدفع بما تبقى من قواه لإقناع ناخبين مترددين في الاختيار، وآخرين لا يفكرون في التصويت أصلا، في ظل أجواء ضاغطة على لوبان، مرشحة "الجبهة الوطنية"، بعد مناظَرَة أجمع المراقبون والمواطنون، بمن فيهم ناخبو الجبهة الوطنية، على سوء أدائها فيها وعلى "العنف المجاني" الذي تخللها، والذي لم يتح للفرنسيين الفرصة لمشاهدة نقاش جدي بين برنامجَيْن، يسمح للناخبين، خصوصا من لم يَحسِموا أمرهم بعد، باختيار مرشحهم، وهم في حدود 19 في المائة.
وفي شبه إجماع نادر، حتى من حزبها السياسي وعائلتها، خرجت لوبان من المناظرة باعتبارها المسؤولة الرئيسة عن رداءتها، وبالتالي فهي الخاسر الأكبر فيها، وهو ما أصاب أنصارها بما يشبه "الضربة القاضية".
واعترفت صحيفة "لوفيغارو" اليمينية في عنوان صفحتها الأولى، معلقة على المناظرة: "بعد غرق مارين لوبان، إيمانويل ماكرون هو الأوفر حظا" للفوز يوم الأحد 7 مايو/ أيار.
وتحاولُ مرشحة اليمين المتطرف، التي استشعرت الخطر بسبب أدائها الباهت، الذي اعترفت بأنه كان قاسياً، ولكنها بررته، في نوع من العناد والهروب إلى الأمام، بـ"قسوة برنامج ماكرون الليبرالي"، والذي لا يكترث، في نظرها، لهموم الشعب من الفرنسيين البسطاء، أن تُعيدَ الثقة لجمهورها المرتبك، وهو ما تأملُه من زيارتها للمناطق القروية، التي عادة ما تصوت لليمين المتطرف، والتي يستهويها خطاب لوبان حول "خيانة النُّخَب" و"خطر الإرهاب"، الذي لا يوليه المرشحون الآخرون، ومن بينهم ماكرون، الأهمية التي يستحقها، إضافة إلى تأثير العولمة والاتحاد الأوروبي السلبي على الوضع المعيشي للفلاحين الفرنسيين، دون نسيان خطر الغرباء من المهاجرين واللاجئين على "هوية وثقافة وتاريخ فرنسا الألفيّ".
كما أن مرشحة اليمين المتطرف، التي كذّبت، صباح اليوم الجمعة، مختلف استطلاعات الرأي التي تمنح ماكرون الفوز بفارق كبير، أكدت أن الفوز في متناول يدها، وأن وسائل الإعلام لا تقول الحقيقة، وأن "الغضب الاجتماعي" سيقلب النتائج الأحد، ويحدث "قطيعة" مع الحكم الاشتراكي، وذلك خلال زيارتها المفاجئة إلى مدينة رانس، شرق فرنسا، برفقة زعيم "فرنسا، انهضي"، نيكولا دوبون إينان، أهم داعميها.
من جهته، أعلن ماكرون، الجمعة، دون إخفاء يقينه بالفوز، والذي منحه آخر استطلاع للرأي نسبة 62 في المائة مقابل 38 للوبان، عن أول قراراته بعد الفوز، وهو "محاربة البطالة الجماهيرية، التي تعتبر فرنسا البلد الأوروبي الوحيد الذي لم يستطع وضع حد لها"، مؤكدا أنه سيقوم بإصلاح قانون الشغل والتقاعد، إضافة إلى قضية التكوين.
وفي بادرة أخرى، قرر المرشح الوسط منح آخرَ لقاء له مع وسائل الإعلام، لموقع "ميديا بارت" الإخباري المستقل، مساء اليوم.
يذكر أن ما تبقى من الحملة الانتخابية يجري على وقع نداءات مختلفة، ومن قطاعات كثيرة، للتصويت ضد لوبان، باعتبارها تهديدا حقيقيا لفرنسا والسلم الاجتماعي، آخرها نداء من أطباء.
كما أن منظمة "غرينبيس - فرنسا" قامت، اليوم، في تحدّ مثير لقوات الأمن، بتعليق لافتة كبيرة على برج إيفل، تذكر الجميع بمبادئ الثورة الفرنسية والجمهورية: "حرية، مساواة وأخوّة"، معتبرة أن هذه الشعارات ستكون مُهدَّدَة في حال وصول المرشحة لوبان إلى السلطة.