لن نشارككم المهزلة

29 أكتوبر 2015
لن نشارككم المهزلة (فرانس برس)
+ الخط -
الصفعة الثالثة لانتخابات عسكر مصر
نحن الشباب ذو الإرادات الثورية والنفوس الحرة؛ لا أحد يمكنه السيطرة على عقولنا أو أفكارنا، ولا أن يكبح جماحنا أو أحلامنا، نرفض الخضوع وإملاءات جيل شائخ شائه امتهن العبودية حياةً.


وعندما نؤمن بشيءٍ حقيقي فإنه يتملكنا فعلياً، لا عن طريق ضغوط أو مساومات أو استجداءات أو تهديدات؛ لا يمكن إرغامنا على فعل أي شيء دون قناعة أو إيمان.

لقد غاب شباب مصر للمرة الثالثة في الاستحقاق الانتخابي الأخير - الانتخابات البرلمانية - بعدما رفض من قبل المشاركة في الانتخابات الرئاسية والاستفتاء على الدستور التي نظمها نظام الحكم العسكري في مصر.

للمرة الثالثة يؤكد الشباب على أنه لا يمكن إرغامه أو حتى محايلته للقيام بأمرٍ لا يمثل له شيئاً حقيقياً على أرض الواقع، لا يمثل له ممارسة سياسية أو حقوقية جادة بعدما سُلبت منه كل تلك الحقوق، فلا مجال له في ذلك حيث أنه تم إقصاؤه وتهميشه بشكلٍ عمدي.

فبعدما أُقصي الشباب من قبل النظام العسكري، قام الإعلام الحالي بنبذه خارج قنوات الحوار ومنعه من طرح أفكاره وآرائه المختلفة والمتباينة مع النظام الحالي، بل وتجاهله وكأنه لا يمثل ما يقرب من 40% من المجتمع المصري ككل - طبقاً للجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء - وقام تارة بمهاجمته وتخوينه وتهديده؛ وتارة أخرى بمهادنته وحثه على المشاركة بأسلوب أرعن لا يقبله ذو كرامة ومبدأ!

أراد الشباب أن يُعاقب النظام العسكري القمعي، فوجه له الصفعة الثالثة بعزوفه عن المشاركة، وعبّر عن فكره الواعي بما يريد النظام الحالي من جعل مشاركته في الانتخابات كمسرحية في برلمان شكلي في أساس الأمر، لن يقوم بمهامه المعهودة؛ وكأنها انتخابات حقيقية!

الشباب برفضه للانتخاب يعبر عن غضبه من اعتقال الآلاف منه، وتعرضه للقمع المستمر والتعذيب والإهانات من قبل الأجهزة الأمنية، هذا إلى جانب القضايا المفبركة والأحكام الهزلية بسجنه، بالإضافة إلى التحريض المستمر ضده، وخلق فجوة بينه وبين مجتمعه.

الشباب المصري يعلم يقيناً أنه مهما شارك في الانتخابات فإن التغيير لن يحدث، وأن التزوير واقعٌ لا محالة، كما أن رؤوس الأموال ستسيطر على القرارات السياسية في غير مصلحته أو مصلحة وطنه، والسلطة الحاكمة تستدعي رجال النظام القديم من الحزب الوطني المنحلّ لصعود منصات مجلس الشعب مجدداً، ولا أحد يُمثله فعلياً تحت القبة البرلمانية يسعى لجلب حقوقه وتحقيق أحلامه، كما أنه يعلم أن صوته لا يُمثِّل فارقاً للسلطة الحاكمة، وكأن الزمن يعود به مجدداً لما قبل ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011.

ولا ننسى النخبة السياسية التي طعنت الشباب في ظهورهم غدراً وارتمت تحت بيادات النظام الحالي من أجل أن تقتات الفتات ورمت بمطالب الشباب من حرية وعدالة وكرامة عرض الحائط، بل ومن عارضهم أو عارض النظام اتهم تارة بأنه ساذج سياسياً وتارة خائنٌ وعميلٌ لا يحب وطنه ولا يحب رفعته!

كيف لا يعزف الشباب بعد كل تلك الترهات التي رفضها وثار ضدها منذ مظاهرات 2004 وحتى الآن! كيف يقبل بهزلية المشهد وهو من قام بثورة يناير ضد الآلة القمعية لنظام مبارك المخلوع وضد فساد رجال أعماله وحزبه المنحل؟

لقد قام شباب مصر بإضراب أو عصيان مدنيّ سمِّه ما شئت، لكنه أرسل رسالته للنظام الحاكم مفادها: نحن لن نشارككم المهزلة.

راسلونا على: Jeel@alaraby.co.uk
المساهمون