العدوان الإسرائيلي على لبنان... طوفان كوارث على ضعفاء

05 أكتوبر 2024
اللاجئون معرّضون لكل أنواع المخاطر (أنور عمرو/ فرانس برس)
+ الخط -

في نهاية يناير/ كانون الثاني من العام الحالي، أورد تقرير نشره الفريق الدولي لدراسة الأمن (ITSS- VERONA) أنه "منذ أن تصاعدت التوترات العسكرية بين إسرائيل وحزب الله على طول الخط الأزرق في جنوب لبنان بعد اندلاع حرب غزة في 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، احترق 462 هكتاراً من الأراضي الزراعية في لبنان، ونفق 300 ألف حيوان، ما أدى إلى تفاقم انعدام الأمن الغذائي في المنطقة المستهدفة". وذكر التقرير نفسه أن "نحو مليوني شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي في لبنان، واللاجئون هم الأكثر تضرراً، ويتوقع أن يزداد الوضع سوءاً في الأشهر المقبلة".
ومع انتقال إسرائيل قبل أيام إلى "الحرب الشاملة على لبنان" التي حصدت في يوم واحد فقط، في 23 سبتمبر/ أيلول الجاري، أكثر من 558 قتيلاً، أي نحو نصف عدد قتلى الحرب الإسرائيلية على لبنان عام 2006 التي استمرت 34 يوماً (1191 قتيلاً)، دخلت توقعات الأرقام الأسوأ للفريق الدولي لدراسة الأمن فعلياً في مرحلة الكارثة الكبرى، إذ زادت العمليات العسكرية الإسرائيلية حصيلة الدمار وتأثيراته على الأمن الغذائي، كما ارتفع عدد اللاجئين في شكل هائل، وباتوا معرضين لكل أنواع المخاطر.

ويرى محللون أن "الغائب الأكبر في خضم الهجوم الشرس هو الحكومة اللبنانية، إذ لم تبادر أي من إداراتها إلى تسهيل عملية الإجلاء، كما لم تصدر أجهزة الأمن أي توجيهات أو تنشر قوات لتنظيم مسارات الطرقات ومساعدة الناس على الفرار". ويتهم هؤلاء الحكومة اللبنانية بأنها "في حالة تخبط واضح في ظل عدم وضع أي خطط طوارئ للاستعداد للأسوأ، وهو ما امتلكت نحو عام لفعله بعد اندلاع الحرب الإسرائيلية على غزة. ويشمل ذلك إمكانية إعداد ملاجئ كافية لمئات آلاف الناس، وتخزين إمدادات طبية، وتعزيز شبكات الاتصالات والإنترنت". 
وفي مواجهة غياب استجابة الحكومة وبطئها، تولى ناس عاديون تقديم ما يمكن من رعاية لمواطنيهم، كما حصل بعد انفجار مرفأ بيروت في 4 أغسطس/ آب 2020، فعوضت النيّة الحسنة والشعور بالوحدة الوطنية بعض الثغرات المرعبة أكثر من العمليات العسكرية نفسها.
لكن السؤال المطروح: ماذا سيحدث عندما تبدأ النيّة الحسّنة لدى الناس في الجفاف، خصوصاً أن السنوات الخمس الماضية التي شهدت أزمة اقتصادية شديدة تسببت في تآكل الكثير من الروابط المدنية والوطنية في ظل رفع أسعار المواد الغذائية والأدوية والغاز والشقق إلى مستويات قياسية. أما منظمات الإغاثة الدولية التي يعتمد عليها عدد كبير من المقيمين واللاجئين في لبنان منذ سنوات، فتواجه صعوبات مالية كبيرة تمنعها من تنفيذ برامج حيوية لتوفير كل أنواع المساعدات. 

يحضرون أطعمة لنازحين (أنور عمرو/ فرانس برس)
يحضرون أطعمة لنازحين (أنور عمرو/ فرانس برس)

وكانت منظمة "دوركاس" المسيحية للتعاون الانمائي والمساعدة الاجتماعية والإغاثة وإعادة الإعمار قالت، في تقرير نشرته في إبريل/ نيسان الماضي، إن "أزمة انعدام الأمن الغذائي في لبنان تتفاقم، ما يزيد الحاجة إلى مساعدات غذائية، كما يستمر ارتفاع البطالة في وقت يعمل أكثر من 60 في المائة من الأشخاص الذين لديهم وظائف في الاقتصاد غير الرسمي، حيث يعتبر الأمن الوظيفي منخفضاً. وبالتالي، يتوقع أن تنمو الحاجة إلى المساعدات النقدية ودعم سبل العيش".
أيضاً، وصف التقرير "الوضع الصحي في لبنان بأنه مزرٍ بعدما انخفض الإنفاق الحكومي على الرعاية الصحية، وانهارت قيمة الليرة اللبنانية ما جعل الأموال المخصصة عديمة القيمة. كما ارتفعت أسعار الأدوية، وأي محاولة لتلبية الحاجة إلى أدوية مجانية أو منخفضة التكلفة لسكان يعانون من الفقر ومرضى يزداد عددهم باستمرار تشكل تحدياً هائلاً".
وأشارت المنظمة إلى أن "برنامج الغذاء العالمي خفض المساعدات النقدية للاجئين السوريين بنسبة 30 في المائة، وأوقف المساعدات الغذائية لـ33 في المائة من الأسر اللبنانية، أما الوضع بالنسبة إلى اللاجئين الفلسطينيين الذين يقدّر عددهم بنحو 250 ألفاً، فمحفوف بالمخاطر، وإذا توقفت برامج الأمم المتحدة الحالية في مجالات التعليم والرعاية الصحية وشبكات الأمان الاجتماعي، فستنشأ فجوة إنسانية هائلة يصعب سدّها".

لبنان فعلياً في قلب الكوارث، في حين لا يمنع شيء إسرائيل من الاستمرار في تجاوز حدود قواعد الحرب، كما فعلت على مدى عام في غزة عبر قصف المستشفيات ومخيمات النازحين وعمال الإغاثة والمستجيبين الأوائل. أيضاً، يعلم الجميع أن الحرب هي وقت مثالي للمحتكرين ومن يستغلون انعدام الأمن واليأس لدى الناس، وغالبيتهم ضعفاء.

المساهمون