04 مايو 2016
لنساهم في مكافحة التغير المناخي
بعد فشل المجتمعين في مؤتمر كوبنهاغن لمكافحة التغير المناخي عام 2009 في التوصل إلى خطوات ملموسة لمواجهة الاحتباس الحراري، يأتي مؤتمر باريس، اليوم، ليعيد بريق الأمل بإمكانية اتخاذ إجراءات دولية حاسمة للتصدي لهذا الخطر البيئي المحدق، فالمشاركة الدولية على مستوى الرؤساء في المؤتمر تمثل عاملاً رئيسياً في إمكانية نجاح المحادثات، ولها أيضاً دلالة رمزية على تزايد التزام المجتمع الدولي في هذا الملف، فخطر التغير المناخي بات جدياً للغاية، إذ ترتفع حرارة كوكبنا بشكل مضطرد، الأمر الذي يؤدي إلى تسارع في ذوبان الجليد في المنطقة القطبية الشمالية، وبالتالي، ارتفاع في منسوب مياه المحيطات. وكم من الجزر والدول التي باتت مهددة بالغرق تحت المحيط، مثل بنغلاديش التي يؤكد الخبراء أن أكثر من 50% من سواحلها ستغمرها المياه، في حال ارتفع مستوى البحر متراً واحداً فقط!
وفي السنوات الماضية، أبدى المجتمع الدولي تقاعساً كبيراً في تبني سياسات غير مضرّة بالبيئة، ما يعود، بشكل رئيسي، إلى رغبة زعماء الدول الصناعية والصاعدة، على حد سواء، في ضمان النمو الاقتصادي في دولهم، وإن على حساب المناخ. لكن، يبدو أن الحال تغير اليوم. فالرئيس الأميركي باراك أوباما أكد هذا الأمر في كلمته أمام المجتمعين، حيث وصف المؤتمر بأنه نقطة تحول في الجهود الدولية الهادفة إلى مكافحة التغير المناخي. وقد اصطدمت حماسة أوباما بواقعية نظيره الصيني، شي جين بينغ، الذي اعتبر أن محادثات باريس نقطة بداية جديدة، وليس خط النهاية. وعلى الرغم من هذا التباين البسيط بين الرئيسين، إلا أن الاتفاقية البيئية التي وقعها الطرفان، الأميركي والصيني، في نوفمبر/تشرين الثاني من العام الماضي، تشكل دلالة واضحة على رغبة الطرفين في مكافحة تهديد التغير المناخي. ولعل المفاجأة الأبرز، كان موقف الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، الذي أبدى اهتماماً بالغاً بهذا الملف الذي لم توله موسكو أي أهمية في السابق.
ومن المتوقع أن يتركز أكبر قدر من المفاوضات في باريس على التوصل إلى اتفاق لخفض معدلات الاحتباس الحراري بنسبة درجتين مئويتين. وما يوحي بالتفاؤل التزام الدول بخطوات ملموسة غير مسبوقة، لتدارك المخاطر البيئية. فالصين، المسؤولة عما يقارب ربع الانبعاثات الدفيئة على مستوى العالم، تعهدت، للمرة الأولى، بالحد من انبعاثاتها من الكربون بنسبة 60% بحلول العام 2030 مقارنة بما كانت عليه في العام 2005. وفي هذا السياق، تجدر الإشارة إلى أن الصين باتت، في السنوات الأخيرة، أكبر مستثمر في مصادر الطاقة البديلة في العالم.
أما الولايات المتحدة، فتعتزم تخفيض انبعاثاتها بما يتراوح بين 26 و28% بحلول العام 2025، مقارنة بما كان في العام 2005. ويبدو واضحاً أن الرئيس الأميركي، ومنذ توليه سدة الرئاسة، يبدي التزاماً واضحاً بخيار مكافحة التغير المناخي، على خلاف سلفه جورج بوش الابن، وهو التزام ترجمه أوباما في سياساته الداخلية، أولاً، حيث قدم البيت الأبيض دعماً كاملاً لوكالة حماية البيئة الأميركية لتفرض قيوداً على شركات إنتاج الطاقة في الولايات المتحدة. كما أنه رفض التوقيع على بناء خط كيستون لنقل الوقود الأحفوري الملوث للبيئة من كندا. وعلى الصعيد الخارجي، وقع أوباما اتفاقية تاريخية مع نظيره الصيني للحد من الانبعاثات الدفيئة.
وتعهد الاتحاد الأوروبي بتقليص الانبعاثات بما لا يقل عن 40% بحلول العام 2030 مقارنة مع ما كانت عليه في 1990، أما روسيا فتعتزم تقليص انبعاثاتها بنسبة تتراوح بين 25 % و30% بحلول العام 2030.
في ضوء هذا الحشد الدولي الذي نراه، اليوم، للتصدي لهذه التحديات البيئية، نجد أن المساهمات العربية في هذا المجال ما زالت في طور التقدم، وتحتاج إلى تكثيف وتعزيز بشكل أكبر في السنوات المقبلة. وتبرز بضعة مشاريع ناجحة، ينبغي البناء عليها في المستقبل، مثل محطة الطاقة الشمسية الحرارية في مدينة ورزازات المغربية ومشروع مدينة مصدر التي تعتمد بالكامل على الطاقة المتجدّدة في أبو ظبي، غير أن تلك الجهود لا ترتقي إلى حجم هذا التحدي الكبير الذي يواجهه العالم اليوم، فوطننا العربي ليس في منأى عن تأثيرات التغير المناخي، إذ إن موجة الجفاف التي ضربت سورية بين عامي 2006 و2009، والفيضانات التي شهدتها المملكة العربية السعودية عام 2009، وموجات الحر التي طاولت مصر هذا العام، وأودت بحياة نحو 80 شخصاً، تجليات التغيرات المناخية التي يشهدها عالمنا اليوم.
لدى وطننا العربي مآسٍ وتحديات جمة كثيرة يواجهها، بدءاً من الإرهاب، وصولاً إلى الفقر وضعف الالتزام بالتنمية المستدامة، غير أنه، ومع ذلك، لا بد للحكومات والمجتمعات المدنية العربية من أن تنخرط في معركة مكافحة التغير المناخي، من أجل الارتقاء إلى طموحات وآمال للأجيال القادمة.
وفي السنوات الماضية، أبدى المجتمع الدولي تقاعساً كبيراً في تبني سياسات غير مضرّة بالبيئة، ما يعود، بشكل رئيسي، إلى رغبة زعماء الدول الصناعية والصاعدة، على حد سواء، في ضمان النمو الاقتصادي في دولهم، وإن على حساب المناخ. لكن، يبدو أن الحال تغير اليوم. فالرئيس الأميركي باراك أوباما أكد هذا الأمر في كلمته أمام المجتمعين، حيث وصف المؤتمر بأنه نقطة تحول في الجهود الدولية الهادفة إلى مكافحة التغير المناخي. وقد اصطدمت حماسة أوباما بواقعية نظيره الصيني، شي جين بينغ، الذي اعتبر أن محادثات باريس نقطة بداية جديدة، وليس خط النهاية. وعلى الرغم من هذا التباين البسيط بين الرئيسين، إلا أن الاتفاقية البيئية التي وقعها الطرفان، الأميركي والصيني، في نوفمبر/تشرين الثاني من العام الماضي، تشكل دلالة واضحة على رغبة الطرفين في مكافحة تهديد التغير المناخي. ولعل المفاجأة الأبرز، كان موقف الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، الذي أبدى اهتماماً بالغاً بهذا الملف الذي لم توله موسكو أي أهمية في السابق.
ومن المتوقع أن يتركز أكبر قدر من المفاوضات في باريس على التوصل إلى اتفاق لخفض معدلات الاحتباس الحراري بنسبة درجتين مئويتين. وما يوحي بالتفاؤل التزام الدول بخطوات ملموسة غير مسبوقة، لتدارك المخاطر البيئية. فالصين، المسؤولة عما يقارب ربع الانبعاثات الدفيئة على مستوى العالم، تعهدت، للمرة الأولى، بالحد من انبعاثاتها من الكربون بنسبة 60% بحلول العام 2030 مقارنة بما كانت عليه في العام 2005. وفي هذا السياق، تجدر الإشارة إلى أن الصين باتت، في السنوات الأخيرة، أكبر مستثمر في مصادر الطاقة البديلة في العالم.
أما الولايات المتحدة، فتعتزم تخفيض انبعاثاتها بما يتراوح بين 26 و28% بحلول العام 2025، مقارنة بما كان في العام 2005. ويبدو واضحاً أن الرئيس الأميركي، ومنذ توليه سدة الرئاسة، يبدي التزاماً واضحاً بخيار مكافحة التغير المناخي، على خلاف سلفه جورج بوش الابن، وهو التزام ترجمه أوباما في سياساته الداخلية، أولاً، حيث قدم البيت الأبيض دعماً كاملاً لوكالة حماية البيئة الأميركية لتفرض قيوداً على شركات إنتاج الطاقة في الولايات المتحدة. كما أنه رفض التوقيع على بناء خط كيستون لنقل الوقود الأحفوري الملوث للبيئة من كندا. وعلى الصعيد الخارجي، وقع أوباما اتفاقية تاريخية مع نظيره الصيني للحد من الانبعاثات الدفيئة.
وتعهد الاتحاد الأوروبي بتقليص الانبعاثات بما لا يقل عن 40% بحلول العام 2030 مقارنة مع ما كانت عليه في 1990، أما روسيا فتعتزم تقليص انبعاثاتها بنسبة تتراوح بين 25 % و30% بحلول العام 2030.
في ضوء هذا الحشد الدولي الذي نراه، اليوم، للتصدي لهذه التحديات البيئية، نجد أن المساهمات العربية في هذا المجال ما زالت في طور التقدم، وتحتاج إلى تكثيف وتعزيز بشكل أكبر في السنوات المقبلة. وتبرز بضعة مشاريع ناجحة، ينبغي البناء عليها في المستقبل، مثل محطة الطاقة الشمسية الحرارية في مدينة ورزازات المغربية ومشروع مدينة مصدر التي تعتمد بالكامل على الطاقة المتجدّدة في أبو ظبي، غير أن تلك الجهود لا ترتقي إلى حجم هذا التحدي الكبير الذي يواجهه العالم اليوم، فوطننا العربي ليس في منأى عن تأثيرات التغير المناخي، إذ إن موجة الجفاف التي ضربت سورية بين عامي 2006 و2009، والفيضانات التي شهدتها المملكة العربية السعودية عام 2009، وموجات الحر التي طاولت مصر هذا العام، وأودت بحياة نحو 80 شخصاً، تجليات التغيرات المناخية التي يشهدها عالمنا اليوم.
لدى وطننا العربي مآسٍ وتحديات جمة كثيرة يواجهها، بدءاً من الإرهاب، وصولاً إلى الفقر وضعف الالتزام بالتنمية المستدامة، غير أنه، ومع ذلك، لا بد للحكومات والمجتمعات المدنية العربية من أن تنخرط في معركة مكافحة التغير المناخي، من أجل الارتقاء إلى طموحات وآمال للأجيال القادمة.