لماذا يفشل المغنّون السوريون في تحقيق نجاح حقيقي؟

13 يونيو 2020
لم يستطع حازم الشريف تصدّر المشهد (فيسبوك)
+ الخط -

تمتلك سورية خامات صوتية مميزة، واستطاعت تصدير ثقافة فنية جديرة بالاحترام بدءاً من الطرب الحلبي وقدوده مع صباح فخري، إضافة إلى صوت ميادة الحناوي، وحنجرة أصالة الذهبية التي امتدت على مساحات واسعة من الوطن العربي.
ورغم ذلك، قدمت، وما زالت تقدم، سورية أصواتا مهمة للساحة الفنية، سواء على صعيد برامج المواهب أو من خلال إنتاجات فردية شخصية. لكن، يعاني الفنانون السوريون من تخبط يمنعهم من الوصول للنجومية، وهذا التخبط يعود إلى عدم قدرتهم على تصدير نفسهم جيداً، بالإضافة لعدم اختيارهم الصحيح لإدارات أعمالهم، ما يجعلهم واقفين في الصفوف الثانية. كما أن عامل الحرب في بلادهم، غطى على انتشار أصواتهم بسبب الانقسامات السياسية، لكن هناك من حالفه الحظ، وآخرون من بقوا في مكانهم دون تطور.

سارة فرح ورويدا عطيَّة
ولعل تجربة سارة فرح الأخيرة تظهر ذلك. فقد أصدرت، أخيرًا، أغنية بعنوان "يا خسارة"، لكنها لم تحظَ بانتشار واسع أو مشاهدات مرتفعة رغم أنها أغنية جيدة. وما أساء لها هو الفيديو كليب الذي لم يعجب الكثيرين، بسبب استخدام سارة لجسدها بطريقة اعتبرت مستفزة. ويأتي عدم انتشار الأغنية مع أن فرح صاحبة صوت قوي ورخيم رسمت معالمه منذ أن كانت طالبة في "ستار أكاديمي". ورغم مرور عشر سنوات على ظهورها، إلا أنها لم تستطع صنع هالة تقدمها بشكل جيد، وذلك بسبب سوء خياراتها لبعض الأغاني وعدم الترويج الكافي.


وحال رويدا عطية ليس بالأفضل، فنجمة "سوبر ستار"، وبعد مرور سنوات طويلة على الموسم الأول من ذلك البرنامج الذي أثار ضجة كبيرة في الوطن العربي، لم تتصدر المهرجانات الكبيرة أو يتم التسويق لاسمها بشكل أكبر، رغم صوتها القوي والعريض، وأغانيها المميزة. كما أن رويدا مرت بمرحلة حرجة مع إدارة أعمالها السابقة، ما شكّل ذلك عائقاً إضافياً. وأخيرًا، رُزقت بابنها "زين" بزواج مخفي فاجأ الإعلانُ عنه الجميع، وانشغلت أكثر بابنها وعائلتها الصغيرة، فتراجعت خطوات لكنها قد تستعيدُ قدرتها على التقدم من جديد بعد مدة.

نجاح جزئي لم يبلغ القمة
كما أصدرت نور عرقسوسي أغنية جديدة بعنوان "عيونك الحلوة". ونور صاحبة صوت مميز وشاركت ببرنامج "ذا فويس". لكن الغريب أنها اهتمت باللهجة العراقية في إصداراتها أكثر من باقي اللهجات، فَحَجَّمَت من انتشارها بخَياراتها.


أما فرح يوسف فوقفت في الخلف تماماً، بعد أن لفتت الأنظار لصوتها في شارتَي مسلسلَي "الولادة من الخاصرة" و"الأميمي"، ثم أثبتت نفسها أكثر أثناء مشاركتها في برنامج "أراب أيدول"، وكان صوتها واضحاً في فخامته لدرجة أنها شُبِّهَت بأصالة. وبعد البرنامج خفت وهج فرح بسبب تصرفاتها غير المحسوبة على وسائل التواصل الاجتماعي، واستقرارها في أميركا، وبقي الغناء ثانوياً بالنسبة لها، إذْ كانت إصداراتها خجولة ولم تحقق انتشاراً.


ورغم حصول حازم الشريف على لقب "أراب أيدول"، لكن خلافه مع MBC عاد به خطوات للوراء، ولم يستطع تصدّر المشهد أو الساحة الغنائية رغم بعض الإصدارات الناجحة التي قدّمها، ولم تُوَفَّقْ إدارة أعماله في تقديمه بالشكل الصحيح حتى اليوم. في حين تسعى سهر أبو شروف أيضاً لتصدير نفسها بصوتها الرقيق، بعد أن خسرت المنافسة باكراً في "أراب أيدول"، فأصدرت ألبومين غنائيَّين من إنتاجها الخاص، لكنها أيضاً لم تحقق انتشاراً كبيراً وبقيت ضمن الإطار المحلي في سورية، ولا تعرف سهر كيف تدير حساباتها على السوشال ميديا، فتتصرف بعفوية غير مدروسة في عدد من المنشورات.



أسباب التعثُّر
تتعدد أسباب بقاء الأصوات السورية في الخلف دون أن تتصدر ساحات كبرى يستحقونها، فبعضهم انشغل بأمور عائلية، أو لم يصدّر نفسه بشكل جيد على وسائل التواصل الاجتماعي، أو لم تسعفه إدارة أعماله بالترويج الصحيح، كما يلعب سوء اختيار بعض الأغاني دوراً مهماً أيضاً. إضافة طبعًا إلى غياب دعم الفنان السوري في بلاده أو تقديمه بالشكل الصحيح الذي يليق به، بسبب عدم وجود نقابة فنانين تحميه وتطالب بحقوقه. لكن رغم الظروف الصعبة التي تعيشها الأصوات السورية المهمة التي ذكرناها، وغيرهم أيضاً ممن لم نذكرهم، استطاعت عدة أسماء إثبات وجودها، مثل ناصيف زيتون الذي حقق نجومية واسعة واستطاع أن يكون رمزاً للشباب العربي والتجديد. وأيضاً فايا يونان التي عرفت استخدام "السوشال ميديا" بذكاء، إذْ صدّرت نفسها بنجاح، ووصلت لأهم المهرجانات منها قرطاج التونسي وحفل افتتاح مهرجان الجونة السينمائي في مصر، ومحمد مجذوب الذي حققت أغانيه نجاحاً كبيراً، وبالأخص أغنية "طلع النهار" بالإضافة لهادي أسود الذي سيطرت أغنيته يا كل العمر على عدد كبير وواسع من الجمهور، نتيجة اختياره الجيد، فأضاف لنفسه خطوة جديدة جيدة.
قد يلعب الحظ دوره في هذا الوسط مع البعض، لكن إن لم يتم توظيفه بذكاء فإنه لن يستمر حتماً. وغالباً كانت الأصوات السورية غير محظوظة في تصدير حناجرها، رغم أنها تستحق ذلك، ولكن تبقى الفرصة قائمة طالما كانت الأصوات حاضرة بقوة.
دلالات
المساهمون