يواصل أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الصباح، جهوده المضنية لاحتواء الأزمة الخليجية، التي تتصاعد يوماً بعد يوم، حيث من المنتظر أن يتنقل بين أبو ظبي والدوحة، اليوم الأربعاء، بعدما أنهى زيارة سريعة لمدينة جدة السعودية، التقى خلالها الملك سلمان بن عبد العزيز.
وبحسب مصادر "العربي الجديد"، فإنّ القيادة الكويتية، ترى أنّ "الأمور قد تعقّدت"، بسبب التصعيد الذي يسلكه محور "أبو ظبي - الرياض"، وإصراره على موقفه من التدخّل، في توجيه السياسات القطرية الخارجية، مقابل رفض الدوحة الوصاية على أي قرار لها، رفضاً قاطعاً.
لكن ذلك لا يمنع مواصلة أمير الكويت جهوده، انطلاقاً من معرفته بأنّه في حال نجحت الحملة ضدّ قطر اليوم، وفي حال تنازلت الدوحة في موضوع سيادي، فإنّ الحملة ستصل عاجلاً أم آجلاً إلى بلاده لاحقاً.
وكان موقف الكويت واضحاً تجاه الأزمة، منذ اليوم الأول لها، حيث أعلنت رفضها لأي قرار يتم اتخاذه ضدّ دولة قطر، كما وجهت القيادة السياسية الكويتية، وكالة الأنباء الرسمية والصحف الكويتية الخاصة، بعدم الانجرار خلف الحرب الإعلامية على قطر، بأي طريقة، كما فتحَ الطيران المدني الكويتي الأجواء أمام الطيران القطري، لنقل المواطنين مع تقديم تسهيلات لهم.
وشهدت جلسة البرلمان الكويتي، أمس الثلاثاء، تصريحات للعديد من النواب الذين أشادوا بجهود أمير البلاد، في حل الأزمة الخليجية، وأكدوا تمسّك الكويت بوحدة الخليج التي دشنها أمير البلاد الراحل الشيخ جابر الأحمد الصباح، لمواجهة الخطر الإيراني المحدق بالمنطقة آنذاك.
وقال ممثل "الحركة الدستورية الإسلامية" (الجناح السياسي للإخوان المسلمين في الكويت) النائب جمعان الحربش، داخل البرلمان، أمس الثلاثاء، إنّ "الأنظار متجهة إلى سمو الأمير لرأب الصدع وإنهاء هذه المشكلة في الخليج، ولا نريد أن نسجّل موقفاً لدولة ضد دولة، لكن يجب أن نقول إنّ قطر والسعودية هما عينان في رؤوسنا".
وأضاف الحربش، في وقت لاحق، ردّاً على تصريحات وزير الخارجية السعودي عادل الجبير، حول وجوب وقف قطر دعمها لحركة "حماس" الفلسطينية، أنّ "حماس ليست حركة إرهابية كما يروّج البعض، مع الأسف الشديد، بل هي حركة مقاومة تشرّفنا، والإرهابي هو من احتلّ فلسطين وأحرق أولى القبلتين المسجد الأقصى وثالث الحرمين، وشرّد الفلسطينيين، وحاصر قطاع غزة".
بدوره، قال أمين مجلس الأمة (البرلمان) النائب عودة الرويعي، أمس الثلاثاء، إنّ "ما يحدث هو أمر مخجل جداً، والتعويل لا يكون إلا على حكمة أمير الكويت في هذه الأزمة التي تعصف بالخليج وتهدّد وحدته".
وأضاف الرويعي، أنّ "قطع العلاقات الدبلوماسية يجب أن لا يمتد إلى قطع العلاقات الإنسانية والأسرية والاجتماعية، كما يحدث اليوم وفي هذه المرحلة، ونحن ككويتيين نحب قطر وشعبها، كما نحب الشعوب الخليجية الأخرى".
ويرى مراقبون في الكويت، أنّ نجاح معسكر "أبو ظبي - الرياض"، يعني فقدان مجلس التعاون الخليجي لدوره الحقيقي، وحصر قيادته بين عاصمتين فقط، وبالتالي فإنّ الكويت ستكون القادمة في سلسلة الإخضاع بعد قطر، وهو أمر قد يهدّد وجودها، بسبب ظروفها السياسية والجغرافية، وشريطها الحدودي البري البحري، مع العراق وإيران.
بدوره، قال أستاذ العلوم السياسية في جامعة الكويت، الدكتور فيصل أبو صليب المطيري، لـ"العربي الجديد، إنّ "المفاوضات تنطلق من إدراك الكويت، بأنّ بقاء منظومة مجلس التعاون الخليجي خيار استراتيجي لهذه الدول، وبالتحديد لدولة صغيرة مثل الكويت، شهدت دور دول المجلس في تحريرها من الغزو العراقي عام 1991، على المستوى الدبلوماسي والعسكري، حينما شاركت القوات القطرية في معركة الخفجي".
وأضاف أنّ "الكويت تدرك أنّ هناك قواسم مشتركة بينها وبين قطر، لذلك لم تقم بسحب السفراء عام 2014، ولم تقم بقطع العلاقات الآن"، مشيراً إلى أنّ "الكويت تدرك أيضاً، أنّ الضغط على دولة صغيرة في منظومة مجلس التعاون الخليجي ليس في مصلحة دولة صغيرة أخرى مثلها، تشترك مع قطر في معطيات سياسية وجغرافية متشابهة".
وقال المطيري إنّ "مبرّرات خطوة المقاطعة غير علنية، والرأي العام الخليجي لا يعرف المبررات الحقيقية لهذه الخطوة غير المسبوقة"، لافتاً إلى أنّ "عدم شفافية باتخاذ هكذا خطوة، يفقد المصداقية في النظام المؤسسي لمنظومة مجلس التعاون الخليجي، حيث لا نعرف على ماذا يقوم اتخاذ القرار في هذه المنظومة، وأين هو دور الأمانة العامة، ودور اجتماع القادة، وهل تتخذ القرارات بهذه السرعة، ومن دون تنسيق مع بقية الدول الأخرى، مثل الكويت وعُمان".