للقوامة وجوه كثيرة!

القاهرة

سولافة سلام

avata
سولافة سلام
14 يناير 2015
+ الخط -
تتعالى بين الحين والآخر مطالبات بتحجيم دور المرأة في المجال العام، وتسعى إلى دحر المكتسبات البسيطة التي حققتها المرأة المصرية، بفضل دورها الذي فرضته الظروف، من قبل أن تفرضه نداءات "حقوق وحريات المرأة". فالواقع يقول إن المرأة، في مصر، صارت في مقدمة صفوف العمل والإنتاج.. حتى حديث "القوامة"، الذي يعتمد عليه من يطالبون بتقليص حريات المرأة، من منطلق ديني، لم يعد مجديًا في مثل هذه الظروف.. القوامة أساسها إنفاق الرجل على زوجته، والبيت عمومًا، وعندما يختل هذا الميزان، يصبح الوضع كما هو الآن في مصر.
هن زوجات وأمهات تركهن أزواجهن كي يواجهن مصيرا مجهولا ومجتمعا لا يولي اهتماما إلا للأفكار الذكورية المتحجرة، فاضطررن إلى مواجهة كل ذلك بكسب قوتهن وكرامتهن.
"عين الحياة" سيدة في العقد الرابع من العمر تعمل بمهنة الحدادة، تتحدث لـ"جيل العربي الجديد" قائلة: "ورثت هذه المهنة عن أبي وجدي.. لديّ ابن وابنة عكفت على تربيتهما منذ سبعة وعشرين عاما بعد أن تركني زوجي، أعمل بالحدادة منذ أن كنت في الحادية عشرة من عمري". مضيفة "لم ألق اعتراضا على مهنتي من قبل ولديّ، بل يكنان لي كل الفخر، ويقدران بشكل كبير كل ما أفعله من أجلهما، ولكن هذا الفخر لا يمنعهما من الخوف عليّ من حيث كوني امرأه أعمل في مجال لا وجود للسيدات فيه".
وأضافت، "لم أبحث عن مهنة أخرى؛ لأنني لم أتعلم سوى مهنة الحدادة، بخلاف أنني ولدت ووجدتها مهنة أبي وأجدادي، وأتمنى أن أظل أعمل بها حتى آخر لحظة في عمري، بل وأطمح إلى أن يرزقني الله محلا صغيرا أمتلكه، حتى لا أكون مضطرة إلى العمل عند أحد وأنا في عمري هذا، فمنذ خمسة وثلاثين عاما كانت ورشتنا تعمل على صب أسلحة الجيش المصري، ولكن الآن لا يوجد عمل معهم، فالاستيراد من الخارج طغى على الصناعة المصرية". مؤكدة بفخر، "أنا لا أخفي مهنتي ولا أخجل منها".
"أم كريم".. امرأه في أوائل الخمسينيات، "أعمل في الجزارة منذ عشر سنوات، أبي كان جزارا، وورثت المهنة عنه، ولكن أبنائي لا يعملون بها، ربيت أبنائي وأعمل على تعليمهم، وهم لا يخجلون من مهنتي، بل يرون أنني مصدر قوة بالنسبه لهم".
"سهام حسين"، أو أم باسم، كما ينعتها كل من حولها، سيدة في منتصف الخمسينيات "لدي ابنتان وابن وعشرة أحفاد، عملت بعدة مهن، مثل الخياطة والميكانيكا، وكوافيرة للسيدات وحلاقة للرجال وكوي الملابس، وأيضا في مطعم فول وطعمية، لكن أولى المهن التى عملت بها كانت طلاء المعادن في ورشة والدي. التحقت بدورة تعلم السباكة وأنا في الخمسين من عمري، وبدأت العمل بها منذ عشر سنوات. في بداية الأمر واجهت الكثير من الاستغراب من قبل المحيطين بي كلما شاهدوني مارّة ممسكة بمعدات السباكة، ومن ثم أثيرت تساؤلاتهم: انتي بتشتغلي إيه؟! فأجيبهم بابتسامة أنا سبّاكة. في البداية، واجهت مخاوف من حولي من التعامل معي أو الاتصال بي لإصلاح تلفيات سباكة المنازل، ولكنني قررت القيام بإصلاح التلفيات في منازل بعض الأصدقاء والمعارف. ومن هنا بدأت دائرة معارفي تتسع. وهذا ساعدني كثيرا في الحصول على فرص أكثر لممارسة ما تعلمته في السباكة". وأوضحت أم باسم، "بعد فترة وجيزة تمكنت من فتح دكان صغير، وقمت بشراء المعدات المستخدمة في المهنة، واشتهرت في منطقة سكني بكوني أم باسم السباكة".
لافتة النظر إلى "لم أتمكن من مواجهة أبنائي بطبيعة عملي بشكل واضح، ولكنهم على علم بأنني أعمل في إحدى الورش". مؤكدة: "هم فخورون بي، ويكفيني أنني متحملة عبء مصاريفي الشخصية، فضلا عن تمكنني من مساعدتهم مادياً". وأضافت أم باسم خلال حديثها "اضطررت إلى العمل في تلك المهن بعد انفصالي عن زوجي، أو بالأحرى بعد تخليه عني وعن أبنائه منذ عشرين عاما".

*مصر
المساهمون