لم يهذّب صوته يوماً في كونسرفاتوار، ولم يتابع دروساً في الموسيقى في أيّ من المعاهد، إلا أنه يصرّ على الغناء. في نوفمبر/ تشرين الثاني من عام 2014، وقف للمرّة الأولى على خشبة المسرح ليؤدّي أغاني بلغات مختلفة ويرقص ويهتف للأمل والحياة. وفي ديسمبر/ كانون الأوّل 2015، عاد إلى خشبة المسرح نفسه، ليغنّي من جديد للأمل نفسه وللحياة.
هو فراس، مراهق في السابعة عشرة من عمره، "نجحت في تحقيق حلمي" وتنظيم حفل موسيقي، لا بل حفلَين لدعم الأطفال الذين يعانون من السرطان. "مذ كنت صغيراً، كان موضوع السرطان يثير فيّ شيئاً لا أعرف كيف أصفه". لكن ذلك الشعور ليس سلبياً، بحسب ما يؤكّد، بل هو ما يدفعه إلى "الغناء من أجل قضيّة".
بعد نقاش مع والده، قرّر إثارة الموضوع مع طبيبته الدكتورة رلى فرح صيّاد المتخصّصة في طبّ الأطفال وفي أمراض الدم والأورام. هي أيضاً رئيسة ومؤسسة جمعيّة "تشانس" واختصارها "أطفال ضد السرطان". وفي إحدى المعاينات الدوريّة، عرض فكرة الحفل الموسيقيّ عليها. "ردّ فعلها الأوّل كان أن سألتني: هل أنت واثق من قدرتك على ذلك؟". أكّد لها أنه قادر.
وكانت عائلة فراس قد تعرّفت على الجمعيّة، من خلال صدفة حزينة. في أحد المستشفيات التي تهتمّ فيها "تشانس" بتأمين علاج أطفال مصابين بالسرطان، صادفت العائلة طفلاً صغيراً يركض في الرواق. كان ظريفاً، وكانت والدته تهتمّ به وحدها، بعدما هجرهما الوالد. بعد فترة قصيرة، اختفى الصغير. سألت العائلة عنه، فقيل لها إنه توفي من جرّاء إصابته بالسرطان.
"لتأمل.. ولتحارب.. ولتكن قوياً" هذه الرسالة التي يسعى فراس إلى إيصالها. بالنسبة إليه، "الأمل موجود". ويشدّد على أنّ "لكلّ طفل الحقّ بفرصة في الحياة، بفرصة في العلاج"، مضيفاً أن هؤلاء في حاجة إلى من يساعدهم على الشعور بالسعادة، فيما هم يعانون. هم في حاجة إلى من يزورهم.
ولأن لا بدّ من مبادرة أشمل من مجرّد زيارة، للوصول إلى عدد أكبر من الصغار المصابين، كانت فكرة الحفل الموسيقي "الخيري". لكن فراس لا يتوقّف هنا، فهو يساهم في إحياء حفلتَين سنويّتَين لهؤلاء الأطفال وإخوتهم وأهلهم. كذلك، هو اليوم متطوّع في "تشانس".. المتطوّع الأصغر سناً. يشارك في نشاطات الجمعيّة في المعارض على سبيل المثال، فيبيع الشوكولاتة والروزنامة السنويّة التي تتضمّن رسمات لأطفال مصابين، لدعم علاجهم.
في حفله الأوّل، الذي نظّمه فراس من الألف إلى الياء، تمكّن من دعم علاج عدد من المصابين. وهو ما نوّهت به صيّاد في الحفل الثاني الذي أقيم أخيراً. وكان فراس قد سوّق له بين رفاق المدرسة والأصدقاء والمعارف، ونجح في جمع أكثر من 300 شخص في ذلك المسرح الصغير، ساهموا وهم يرفّهون عن أنفسهم، في معالجة صغار استهدفهم ذلك الخبيث.
وفي الحفل الثاني، الذي أعدّ فراس أيضاً كلّ الترتيبات اللازمة له، نجح في جمع أكثر من 400 شخص. لكن هذه المرّة، "رأيت وجوهاً غريبة. كثيرون لا أعرفهم تحمّسوا لدعم الأطفال. وهذا أفرحني". تجدر الإشارة إلى أنّ التحضير للحفل الأخير لم يكن سهلاً بالنسبة إليه. هو كان قد تعرّض إلى حادث قبل أقلّ من شهر، وأصيب بكسور في ذراعَيه الاثنتَين، استلزمت عمليات جراحيّة عدّة. على الرغم من وجعه، تدرّب على الأغاني التي تنوّعت، "لتدعو كلها إلى الأمل وتحتفي بالحياة".
في حفله الأخير، شاركه جورج الشيخ من خلال عزف على الناي. كذلك، شاركته ماري صعب في أكثر من أغنية. لكن المشاركة الأبرز، كانت من قبل جويا ميا. هي في السابعة من عمرها، وواحدة من هؤلاء الأطفال المصابين. بعدما كانت حالتها متدهورة خلال الحفل الأوّل، تحسّنت بأشواط خلال الثاني، وشاركت بثوبها الأبيض وجناحَي الملاك في افتتاح الحفل. من أجل جويا ميا وكثيرين غيرها، قطع فراس وعداً على نفسه.. "حفل سنويّ للأمل".
أطفال ضدّ السرطان
في حفلَيه الموسيقيّين، أراد فراس دعم الأطفال المصابين بالسرطان، من خلال جمعيّة "تشانس" وهي اختصار "أطفال ضدّ السرطان". والجمعيّة التي ترأسها الدكتورة رلى فرح صيّاد المتخصّصة في أمراض دم الأطفال والأورام، تعمل على دعم علاج أطفال في أجنحة متخصصة بالسرطان في عدد من المستشفيات اللبنانيّة. وهي كانت قد انطلقت في عام 2002، "لأننا أقوى معاً" بحسب صيّاد.
اقرأ أيضاً: الجميلة والوحش