تؤكد دول مطلة على البحر الأبيض المتوسط أنها اتخذت خطوة رئيسية نحو معرفة مصير آلاف المهاجرين، العديد منهم فروا من الحرب في سورية، وفقد أثر بعضهم أثناء محاولة الوصول بحراً إلى أوروبا.
وفي اجتماع للجنة الدولية لشؤون المفقودين عقد في لاهاي هذا الأسبوع، تعهدت كل من قبرص واليونان ومالطا تنسيق وتعزيز جهودها لمعرفة مصير قرابة 18500 مهاجر سري اختفوا منذ عام 2014 أثناء قيامهم بالرحلة المحفوفة بالمخاطر في البحر المتوسط.
ولم توقع إيطاليا التي اتخذت نهجا متشددا حيال الهجرة، مع وصول حكومتها الشعبوية ووزير الداخلية ماتيو سالفيني إلى الحكم، الإعلان المشترك الجديد بسبب ما وصفته اللجنة بمسائل حكومية داخلية.
وتمثل الدول الأربع نقاط العبور الرئيسة إلى أوروبا بالنسبة للعديد من المهاجرين الفارين من الحرب في سورية ومناطق أخرى. ومعرفة مصير أولئك المفقودين، إن وُجدوا أحياء أو تأكد موتهم وعثر على رفاتهم، تمثل خطوة مهمة للعائلات في طي صفحة في محنتهم.
وقالت الملكة نور الحسين، وهي مفوضة في اللجنة لوكالة "فرانس برس" في مقابلة: "نحن بصدد إطلاق عملية بغاية الأهمية". واعتبرت أن "مساعدة الأشخاص والمجتمعات التي فقدت أفراداً منها في نزاع، يمكن أن تفتح طريقا أمام معرفة الحقيقة وتحقيق العدالة والمصالحة، وحيث هو ممكن، المحاسبة".
واللجنة التي أنشئت في أعقاب نزاعات في يوغسلافيا السابقة وأسسها عام 1996 في ساراييفو الرئيس الأميركي آنذاك بيل كلينتون، تستخدم تكنولوجيا الحمض النووي الريبي المتطورة لمعرفة مصير مفقودين. ونجحت اللجنة حتى الآن في تحديد مصير 70 في المائة من 40 ألف مفقود في نزاعات البلقان في تسعينيات القرن الماضي، بينهم قرابة 90 في المائة من نحو 8 آلاف شخص قتلوا في مجزرة سربرينيتسا عام 1995.
لكن اللجنة تصب تركيزها اليوم على واحدة من أكبر الكوارث الإنسانية في التاريخ الحديث، وهي أزمة الهجرة التي تضرب الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وأوروبا منذ 2014.
وأُطلقت خطة معرفة مصير وتحديد مكان المهاجرين المفقودين الفارين من النزاعات والضائقة الاقتصادية في الشرق الأوسط وأفريقيا، العام الماضي في روما. لكن الاجتماع الذي ضم هذا الأسبوع دولاً من جنوب أوروبا كان مصيريا في الدفع بهذه الخطة قدما.غير أن كبار الممثلين في اللجنة الدولية لشؤون المهاجرين دعوا إلى بذل المزيد من الجهود لمعرفة مصير المهاجرين وخصوصا أولئك الذين فروا من النزاع في سورية وحيث يقدر عدد الأشخاص المجهولي المصير بنحو 85 ألف شخص.
وقال وزير الخارجية الهولندي السابق بيرت كونديرز، لوكالة "فرانس برس": "الذي نقوله صراحة للدول هو أنه تقع على عاتقها مسؤولية التعامل مع المسألة، بل نقول أيضا إن من مصلحتها التعامل معها".
وتريد اللجنة أيضا الحصول على إذن من الدول المجاورة لسورية لبدء تسجيل آلاف اللاجئين الذين فروا من النزاع الدامي الذي تفجر قبل ثمانية أعوام، في خطوة يمكن أن تساعد يوما ما في تحديد جرائم حرب، وفقا للملكة نور.
وقالت إن جمع معلومات والوصول إليها بشأن أولئك اللاجئين سيسهّل في المستقبل تحديد "حصول جرائم إن كانت وقعت، ومواقع قبور جماعية، ومكان وجود عائلات وأقارب". لكن الهدف الأبعد هو إعادة ملايين النازحين إلى ديارهم.
وتابعت الملكة نور "يمكنني أن أرى في مستقبل يؤمل ألا يكون بعيدا جدا، أن بإمكاننا بدء خطوات يمكن أن تمنح أملا أكبر للعديد من النازحين والمهاجرين الذين قصدوا أوروبا". وأضافت "أن نمنحهم الأمل في أن بإمكانهم العودة إلى ديارهم".
(فرانس برس)