لبنان: ميشال عون بعيون تيار المستقبل

11 فبراير 2014
لا لقاء جمع عون والحريري
+ الخط -
لم يلتقِ زعيم تيار المستقبل، سعد الحريري، برئيس "تكتل التغيير والإصلاح"، النائب ميشال عون، لا في روما ولا في أية عاصمة أخرى. ووسط صمت مكتبه الإعلامي، نفى الحريري صحة النبأ لعدد من نواب كتلته بشكل قاطع. مع هذا النفي، هدأ بال "المستقبليين" وأُثلجت قلوبهم، إلا أنّ هذا الهدوء لم يستمرّ إلا لبرهة من الزمن، إذ استكمل الحريري كلامه: "اتّصل بي عون وتحدثنا لدقائق على الهاتف لا أكثر ولا أقلّ".
بادر عون إذاً واتصل، وتحدث عن الأزمة التي يعيشها البلد وعن الحاجة الماسة إلى تجاوز هذه الظروف الصعبة، معلناً انفتاحه على كل الأطراف بغية تجنيب لبنان المزيد من الفراغ والآثار السلبية لكل التوتر الحاصل في المنطقة. جاء ردّ الحريري أيضاً في السياق نفسه، إذ أكد مبدأ الشراكة في السلطة، آملاً تذليل العقبات أمام التشكيلة الحكومية العتيدة.
هذه أجواء بديهية في اتصال هاتفي يجمع قطبين لبنانيين متخاصمين منذ أيار/مايو  2005، وسبق لهما أن خاضا المعارك وجهاً لوجه في الحكومة والمجلس النيابي وفي كل ساحات الصراع السياسي، بما فيها "هيئة الحوار الوطني" في القصر الرئاسي في بعبدا. يمكن اختصار كل هذا بأنّ عون فتح قناة التواصل مع الحريري على عتبة الانتخابات الرئاسية المقررة في أيار/مايو 2014. وكأن عون يحاول، في غضون أسابيع، محو سجله "الأسود" في العلاقة مع تيار المستقبل المتراكم منذ تسع سنوات. والهدف من كل هذا: الطموح الرئاسي.
قبل التواصل المباشر مع الحريري، كان عون قد طرق أبواب السفارة السعودية في بيروت، ووجد رداً إيجابياً من المسؤولين فيها. ويؤكد نواب في تيار المستقبل أن اتصالات مكثفة يُجريها الوزير جبران باسيل، صهر النائب عون، مع الدبلوماسيين السعوديين في بيروت، إضافةً إلى لقاءات شبه دورية بين الطرفين. يمكن اختصار هذه اللقاءات بما يؤكده عون ويردده دوماً بأن "تكتل الإصلاح والتغيير ليس في محور الممانعة، وهو غير راضٍ عن الكثير من الممارسات والمواقف التي تصدر عن الحلفاء (حزب الله تحديداً) أو حلفاء الحلفاء (رئيس مجلس النواب نبيه بري)". نواب في التكتل العوني يرفضون التعليق على كل هذه المعلومات، مضيفين أنّ تكتلهم اتّخذ منذ الخلوة التنظيمية في تشرين الأول/أكتوبر الماضي (خلوة دير القلعة)، "قراراً بتأدية دور إيجابي بين الأطراف كافة".
"بات عون يشعر بالخطر"، على حد تعبير مسؤولين في تيار المستقبل. خطر على موقعه، وعلى تحالفه، وعلى مستقبله في المعادلة اللبنانية، وعلى واقعه بين المسيحيين بعد الحرب السورية، ومشاركة حليفه فيها، لذلك تراه يحاول اليوم "إقناع الجميع بأنه أقرب إلى الوسط منه إلى فريق 8 آذار المرتبط بسوريا وإيران".
أمام كل ما يحصل في سوريا ولبنان، أمنياً وعسكرياً وسياسياً، يقرأ المستقبليون أنّ الخطر على عون ناتج عن النكسات المتتالية التي مُني بها بفعل قرارات حليفه حزب الله: في القانون الانتخابي والتمديد للمجلس النيابي، داخل حكومة اللون الواحد (حكومة الرئيس نجيب ميقاتي التي لم تُشارك فيها قوى 14 آذار)، في قيادة الجيش، في ملف النفط. ويتوقع "المستقبليون" أنه "قريباً، في انتخابات رئاسة الجمهورية، سيكون عون على موعد مع نكسة جديدة".
هكذا، يلاحظ محاوِر رموز فريق "المستقبل" بأنهم متفائلون بإمكانية تسجيل خروق في صفوف 8 آذار، بفعل الضغوط الإقليمية ونتيجة التصدعات الداخلية. هم متفائلون كالعادة. بطبيعتهم متفائلون. يوم رُتّب اتفاق الدوحة على وقع أحداث أيار/مايو 2008، تفاءلوا على الرغم من "جرح" اجتياح حزب الله لبيروت. يوم فُرضت حكومة الوحدة الوطنية عليهم بعد انتخابات 2009، تفاءلوا بالقدرة على إدارة البلد. يوم أُسقط الحريري من الحكومة في كانون الثاني/يناير 2010، تفاءلوا بفشل خصومهم في السلطة. واليوم هم متفائلون بإمكانية سقوط 8 آذار على الرغم من تأكيدهم، في السرّ والعلن، على قدرة خصمهم على شلّ البلد سياسياً وحكومياً ونيابياً، وحتى في الشارع. ربما هم ينتظرون المزيد من عون ومن الحلفاء المفترضين لحزب الله.
المساهمون