لبنان: عرسال تنتفض انتخابياً وتكذّب المحرّضين

10 مايو 2016
مرت الانتخابات بعراسل في أجواء هادئة (الأناضول)
+ الخط -
فوجئ معظم المتابعين بمرور الانتخابات البلدية، أمس الأول الأحد، في بلدة عرسال (قضاء بعلبك، على الحدود الشرقية بين لبنان وسورية) بهدوء تام بلا ضجيج أمني. مرّ اليوم الانتخابي على عرسال بكثير من السلاسة، وسط انتشار أمني أحاط بمراكز الاقتراع. كان الخوف من عرسال وعليها مستمراً لكون ماكينة سياسية تابعة لفريق 8 آذار لطالما نجحت في تصوير البلدة على أنها "وكر للإرهابيين"، حتى بعد انسحاب المجموعات السورية من البلدة بعد اجتياحها في أغسطس/آب 2014.

عرسال، التي تحتضن حوالى أكثر من 100 ألف لاجئ سوري، ظلّت هدفاً عسكرياً لحزب الله تحديداً بعد انطلاق معركة القلمون في سورية، على اعتبار أنها امتداد جغرافي وطبيعي للأراضي السورية. بدأت الحكاية بتصريح لوزير الدفاع السابق، فايز غصن، الذي قال إنّ البلدة "ممرّ للإرهابيين وتنظيم القاعدة". واستكملت القصة مع اتهام الأمين العام لحزب الله، حسن نصرالله، أهالي البلدة واللاجئين إليها بإيواء المقاتلين السوريين ومدّهم بمختلف أنواع الدعم، لتتحوّل البلدة بالنسبة للبعض إلى "قندهار" أو "طورا بورا"، يجوز فرض الحصار عليها، ومنع المزارعين فيها من التوجّه إلى بساتينهم، وفصل معامل الحجر (مورد الرزق الأوّل للأهالي) عن المدينة.

دخلت الدولة اللبنانية بصناديق اقتراعها إلى عرسال، الأحد، من دون تسجيل أي إشكال، فتجاوزت نسبة الاقتراع 55 في المائة، إذ اقترع أكثر من 8000 ناخب. لكن ما جاء لينسف كل هذه الأفكار واتهامات الانتماءات "الإرهابية" للبلدة، هو أنّ العرساليين منحوا المرشّحة، ريما كرمبي، العدد الأكبر من أصواتهم. أولاً، تمّ انتخاب عنصر نسائي للمجلس البلدي وهو ما لم يحصل في بلدات أخرى. ثانياً، إنّ الفائزة الكرمبي غير محجّبة لا بل إنّها قريبة من الأجواء اليسارية في البلدة، التي كانت قوّة كبيرة ومؤثرة في عرسال قبل عقدين تحديداً في إطار الحزب الشيوعي اللبناني ومنظمة العمل الشيوعي، في إطار "جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية" التي سقط فيها العديد من أبناء البلدة خلال مواجهة العدو الإسرائيلي.

وإذا كان هدف عرسال نفض هذه الادّعاءات عنها، إلا أنها قامت، في الوقت عينه، بردّة فعل نوعية على تيار "المستقبل" (بزعامة سعد الحريري)، القوّة السياسية الأكبر في البلدة السنّية. تخلّل المعركة الانتخابية تنافسٌ بين ثلاث لوائح؛ الأولى "مستقبل عرسال" ومدعومة من تيار المستقبل وبرئاسة رئيس البلدية السابق، علي الحجيري، والثانية "عرسال أولاً" شكّلتها عائلات عرسال ومستقبليون ناقمون على القرارات المركزية الصادرة عن قياداتهم، والثالثة المدعومة من قبل رئيس البلدية الأسبق، باسل الحجيري، ومن الجماعة الإسلامية ومستقلّين وقريبين من أجواء اليسار.

وجاءت النتيجة بفوز اللائحة الثالثة وتسجيل خرق وحيد من قبل لائحة المستقبليين الناقمين، ليكون تيار المستقبل قد خسر عرسال بالكامل. ويعيد عدد من العرساليين هذه النتيجة إلى تحكّم القيادة المركزية في المستقبل بالقرار من دون العودة إلى أعضائها وأنصارها في المناطق. ويضاف إلى ذلك، اعتبار العرساليين أنّ "المستقبل" ترك بلدتهم لقمة سائغة في فم البحر الشعبي والعسكري والسياسي التابع لحزب الله في منطقة البقاع الشمالي. لم ينس العرساليون بعد قول وزير الداخلية التابع للمستقبل، نهاد المشنوق، إنّ "عرسال بلدة محتلّة".

المساهمون