لبنان... خطف شرعي

15 ديسمبر 2015
تم خطف القذافي من دمشق وإحضارة إلى لبنان (Getty)
+ الخط -
أعلنت وسائل إعلام لبنانيّة أن أحد انتحاريي برج البراجنة في الضاحية الجنوبية طبيب أسنان، فيما الثاني حائز على ماجستير في الاقتصاد. يُثبت هذا واقع أن أسباب اتجاه الشبان إلى التطرف لا تقتصر على العوامل الاقتصادية، بل تتعداها إلى الشعور بالإقصاء السياسي. يُفترض أن يكون هذا الأمر مسلماً به، ويُفترض أن تعمل أجهزة ومؤسسات الدولة من ضمن روحية التخفيف من كل ما يدفع باتجاه التطرف إذا ما كانت الدولة جدية في محاربة التطرف، وآثاره القاتلة على اللبنانيين. هذا إذا افترضنا أن المسؤولين اللبنانيّين الرسميين وغير الرسميين اقتنعوا بأن الحلول الأمنية لا تكفي لضرب الإرهاب.

بعد أيّام من نشر هذا الخبر، تبارت وسائل إعلام لبنانيّة في نشر تسجيل فيديو لهنيبعل معمر القذافي يُظهره مخطوفاً وقد تعرّض لتعذيب واضح. بعد وقت قليل، تُعلن وسائل الإعلام ذاتها، أن الخاطفين سلّموا هنيبعل القذافي إلى السلطات اللبنانيّة، التي حققت معه لكشف ما يملكه من معلومات عن اختطاف نظام القذافي للسيد موسى الصدر عام 1978، حين كان عمر هنيبعل ثلاث سنوات. ما يعنينا هنا، أن القذافي اختطف في دمشق، وأحضره الخاطفون إلى لبنان، بحسب الرواية الإعلامية، حيث سُلّم للأجهزة الأمنيّة. السؤال الأساسي هنا، كيف أُدخل القذافي إلى لبنان؟ هل مرّ مع خاطفيه المسلّحين، على النقاط الحدوديّة، وختموا جوازات السفر؟ أم أُدخل بطريقة غير شرعية؟

هناك من اعتبر في لبنان أن عمليّة التبادل مع جبهة النصرة قبل فترة انتقصت من السيادة اللبنانيّة، وهو مُصيب في ذلك، إن لجهة مشهد المسلحين في الأراضي اللبنانيّة، أو القبول بإطلاق سراح متهمين بقتل لبنانيين، وبقائهم على الأرض اللبنانيّة. وإدخال القذافي من سورية إلى لبنان بهذا الشكل، واستلامه من قبل الأجهزة الأمنيّة، فضيحة سياديّة أيضاً. أسوأ ما في هذه الفضيحة السياديّة، أن الأجهزة الرسميّة من أمن وقضاء، تعاملت مع الأمر كأنه واقع مقبول.

يُذكّر المشهد باستقبال رئيس وحدة التنسيق والارتباط لحزب الله وفيق صفا على طاولة اجتماع قادة الأجهزة الأمنية في وزارة الداخليّة، بحضور وزير الداخلية نهاد المشنوق. بين هذا الاجتماع وصفقة تبادل العسكريين وقصة اختطاف القذافي، يتكامل واقع السيادة اللبنانية المنقوصة.
المساهمون