لبنان: حكومة تمام سلام تلفظ أنفاسها الأخيرة

11 مارس 2014
سلام قد يُقدم استقالته (أنور عمرو، أ ف ب)
+ الخط -

انتهى الاجتماع الأخير للجنة الحكوميّة اللبنانية المكلّفة صياغة البيان الوزاري لحكومة تمام سلام، كما كان متوقعاً: عدم القدرة على التوافق على صيغة مشتركة في ما يخص البند المتعلّق بحزب الله أو بالمقاومة. لا يزال الخلاف على حاله. فريق 14 آذار، يُريد أن يربط أي عمل مقاوم لإسرائيل بإشراف الدولة. وبذلك طرح وزراء هذا الفريق صيغة تنص على أنه يحق للدولة مقاومة الاحتلال، ويقوم الجيش اللبناني بذلك ويساعده اللبنانيّون. وهذا ما رفضه وزراء فريق 8 آذار. وزراء هذا الفريق طرحوا صيغة مشابهة لتلك التي استعملها وزير الخارجيّة، جبران باسيل، في اجتماع وزراء خارجية الدول العربيّة في الاجتماع التحضيري للقمة العربية قبل أيام، ونصّت على أنه يحق للبنان واللبنانيين مقاومة الاحتلال. طلب فريق 14 آذار إضافة عبارة "تحت إشراف الدولة" وهو ما رفضه الفريق الآخر. هذا بحسب ما نقله عدد من الوزراء لـ"العربي الجديد".

وعليه رفعت اللجنة الوزاريّة الأمر للحكومة لتبت فيه، وهي ستجتمع يوم الخميس المقبل، قبل أيّام من انتهاء مهلة الثلاثين يوماً الملزمة لتقديم الحكومة لبيانها الوزاري لمجلس النواب. وتنتهي هذه المهلة يوم الإثنين المقبل (17 مارس/ آذار) أي بعد أقلّ من أسبوع. ولا يبدو أن الأمر سيكون أسهل في داخل الحكومة، إذ كرر عدد من الوزراء لـ"العربي الجديد" أن مجلس الوزراء لا يستطيع أن يُقرّ ما فشلت بإقراره اللجنة الوزارية، إلا إذا جرى اتفاق سياسي.

في هذا السياق، يقول وزير الاتصالات، عضو اللجنة الوزاريّة، بطرس حرب، لـ"العربي الجديد"، بضرورة احترام المهل الدستوريّة وعدم تجاوزها، في إشارةٍ إلى مهلة الثلاثين يوماً، إذ إن تيّار المستقبل، يرى أن هذه المهلة غير ملزمة. ويُعبّر حرب عن الموضوع بصريح العبارة "نحن أمام خيارين، إما اتفاق سياسي، أو إسقاط الحكومة. لا خيار ثالثاً". ويبدو أن هناك اتجاهاً لدى تيّار المستقبل والرئيس تمام سلام للاستقالة في الجلسة المقبلة للحكومة يوم الخميس، لعدم الخوض في هذا الجدل القانوني، وبالتالي تُصبح الحكومة مستقيلة، وتقوم بتصريف الأعمال. 

تضيق الاحتمالات كثيراً. فإذا لم تحصل معجزة سياسيّة يقودها رئيس مجلس النواب نبيه بري، والنائب وليد جنبلاط، فمصير هذه الحكومة بات تصريف الأعمال. لا يزال جنبلاط متفائلاً بإمكانيّة إنقاذ الحكومة، وبرأيه لم يُغلق الباب نهائياً. ويُعلّق ساخراً: "إن الله مع الصابرين".
ففي لحظة تشكيل الحكومة، استغرب اللبنانيّون أن يتمكن الفريقان "الآذاريان" من الاتفاق على هذه الحكومة. ظن البعض أن في الأمر تسويّة إقليميّة. لم يكن الأمر كذلك. تنازل زعيم تيّار المستقبل سعد الحريري، كان هدفه الأساسي، إزالة حكومة نجيب ميقاتي من السلطة نهائياً. بعبارة أخرى، لم يكن مسموحاً لحكومة ميقاتي أن تُصرّف الأعمال في ظل الفراغ الرئاسي. لبنان، على أبواب انتخابات رئاسة الجمهوريّة، ومن يفشل بالاتفاق على بيان وزاري لن يتمكن من انتخاب رئيس في نهاية مايو/ أيار من العام الحالي. 

إذا، ستكون الصورة على الشكل التالي: محاولات حثيثة للوصول إلى اتفاق سياسي قبل يوم الخميس المقبل. الأمر ليس سهلاً. إذا ما حصل الاتفاق، ستتمكن الحكومة من إقرار بيانها الوزاري ورفعه إلى مجلس النواب. لكن هذا الأمر ليس سهلاً. أمّا في حال الفشل، فستكون حكومة سلام بحكم المستقيلة ابتداءً من الأسبوع المقبل. وسيتعيّن على رئيس الجمهوريّة أن يبدأ جولة جديدة من الاستشارات النيابيّة، ليتم تكليف شخصيّة جديدة تأليف الحكومة، ثم يبدأ بعد ذلك باستشارات التأليف. لكن هذا يبقى مرتبطاً بموعد انتخابات رئاسة الجمهوريّة، إذ إن مجلس النواب يُصبح بحكم المنعقد لانتخاب رئيس في 25 من الشهر الحالي، ولا يحقّ له القيام بأي مهمة تشريعية أو غير تشريعية أخرى. بالتالي، سيكون الفراغ سيّد الموقف في لبنان في الأشهر المقبلة.

دلالات