لبنان: تراجع المؤشرات الاقتصادية في النصف الأول من 2014

27 يوليو 2014
+ الخط -

لا تزال الأوضاع السياسية والتوترات، التي تشهدها المنطقة العربية، تسيطر على أداء الاقتصاد اللبناني، خصوصاً مع استمرار الأزمة السورية وتداعياتها الاقتصادية على لبنان، الذي يتحمل فاتورة النازحين السوريين.

وأظهر النصف الأول من العام الحالي تباطؤا في بعض القطاعات الاقتصادية، على الرغم من الانفراج السياسي في لبنان، وتأليف حكومة تجمع مكونات الاحزاب السياسية المختلفة، لكن غياب التوافق على انتخاب رئيس للجمهورية اللبنانية، منذ شهر ايار/ مايو الماضي، والتوترات الأمنية في منتصف شهر حزيران/ يونيو، ساهمت في تراجع العديد من مؤشرات القطاعات الاقتصادية.

وفي هذا الاطار توقعت وزارة الاقتصاد والتجارة اللبنانية في أحدث تقرير لها، صادر عن شهر أيار/ مايو وحزيران/ يونيو، والذي يرصد المؤشرات الاقتصادية، ارتفاع نسب النمو في لبنان للعام الجاري، مقارنة مع الأعوام السابقة، على الرغم من الجمود الحاصل في العديد من القطاعات، حيث سجلت نسبة النمو 1.2 في المائة في عام 2012، و0.9 في المائة في عام 2013، فيما يتوقع أن يسجل النمو هذا العام 2.2 في المائة.

ورصد التقرير حركة أبرز القطاعات الاقتصادية في لبنان، كالقطاع السياحي، والتجاري والعقاري، حيث سجلت هذه القطاعات تراجعات متباينة بين الاشهر الخمسة الاولى من العام، مقارنة مع الفترة نفسها من العام الماضي.

قطاع العقارات والبناء

يشكل قطاع العقارات في لبنان العمود الفقري للاقتصاد، بالإضافة إلى القطاع المصرفي، وساهمت المصارف إلى حد كبير في دعم القطاع العقاري عن طريق تقديم القروض الميسرة للمواطنين، فمصرف لبنان، " البنك المركزي"، أقرّ سلة حوافز لدعم الاقتصاد ( نحو 1.4 مليار دولار في اعام 2013، وحزمة اخرى بقيمة مليار دولار في اعام 2014، منها 54 في المائة للتسليفات السكنية بفوائد مخفضة) إلا ان الجمود لا يزال مسيطراً على نشاط القطاع.

وفي هذا الإطار، لفت الخبير الاقتصادي، لويس حبيقة، إلى أنه توجد في لبنان سوقان عقاريتان، الاولى للعقارات ذات المساحة الكبيرة، التي تصل مساحتها الى 300 متر مربع، والسوق الثانية تتعلق بالعقارات ذات المساحات الصغيرة.

وقال حبيقة لـ " العربي الجديد":" منذ بداية العام، هناك حال من الجمود في القطاع العقاري بشكل عام، على الرغم من التقارير الاقتصادية، التي تشير الى تحسن القطاع، والسبب في ذلك يعود الى ارتفاع العرض مقابل الطلب".

وأشار إلى أن السوق العقارية للشقق ذات المساحة الكبيرة تعاني من الجمود، منذ أكثر من 3 سنوات، أما بالنسبة الى أسعار العقارات والشقق ذات المساحات الصغيرة والمتوسطة، فإن الإقبال عليها ضعيف، وليس معدوماً.

وأضاف:" قام مصرف لبنان بضخ حزمات مالية لتحريك العجلة الاقتصادية، وشكلت نسبة القروض السكنية ما يقارب 54 في المائة، الا ان ذلك لم يحرك الجمود في القطاع بشكل عام، فقد ساهمت هذه القروض في تحريك القطاع العقاري ذي المساحات المساحات الصغيرة، فيما لا تزال الشقق ذات المساحات الكبيرة والمتوسطة على حالها، نتيجة ارتفاع أسعارها."

من جهة أخرى لفت حبيقة إلى أن ارتفاع الاسعار يشكل عائقاً أمام عملية الشراء، وقال :"يبدأ سعر المتر من 2000 دولار ويصل الى 15000 دولار أميركي، مما يجعل من الصعب على المواطن اللبناني، خصوصاً ذوي الدخل المحدود، شراء هذه المساكن بهذه الأسعار."

من جهة أخرى، تطرق حبيقة إلى تقرير وزارة الاقتصاد، الذي تناول ارتفاع قيمة المبيعات العقارية بنسبة 5.26 في المائة في الاشهر الخمسة الاولى من عام 2014، مقارنة بالفترة نفسها من عام 2013، وارتفع عدد المعاملات العقارية بنسبة 9 في المائة.

 وقال:" إن هذه الأرقام تعتمد على حجم مبيع العقارات صغيرة الحجم، ولا تنطبق على السوق العقارية بشكل عام".

من جهة أخرى، قال حبيقة :" إن الطلب على المحال التجارية، والمكاتب، لا يزال ضعيفاً بسبب الاوضاع السياسية وغياب الانشطة التجارية في لبنان".

واقترح للخروج من هذا الجمود، ضرورة خفض الأسعار، وإن بنسبة 10 في المائة في سعر المتر، لكي يتمكن القطاع من تحريك الجمود".

السياحة والتجارة

وأفاد تقرير الوزارة انه للسنة الرابعة على التوالي، شهد عدد السياح انخفاضاً ليصل الى 443.071 سائح في الاشهر الخمسة الاولى من عام 2014، مقابل 732.855 سائح في الفترة نفسها من عام 2010.

أما عدد العابرين عبر مطار بيروت الدولي، فانخفض لغاية شهر مايو/أيار من عام 2014 بنسبة 3.8 في المائة، مقارنة بعام 2013، وعلى الرغم من الارتفاع المستمر، الذي شهده طوال الخمس سنوات الماضية.

اما القطاع التجاري، فقد شهد نتائج ايجابية وسلبية، فمن الناحية الايجابية، شهد مرفأ بيروت تحسناً في حركة الحاويات، وكذلك في ايراداته نتيجة للازمة السورية واغلاق معظم المعابر البرية. أما من الناحية السلبية، فواصل العجز التجاري تسجيل ارتفاع خلال هذا العام.

ويلاحظ ان الواردات شهدت ارتفاعاً بنسبة 2.7 في المائة في الاشهر الخمسة الاولى من عام 2014، مقارنة بالعام الماضي، ويأتي هذا الارتفاع في حجم الواردات نتيجة ارتفاع حجم واردات منتجات سبائك الصلب (63 في المائة) وفحم البترول (52 في المائة).

اما بالنسبة إلى قيمة الصادرات، فشهدت انخفاضاً بنسبة 29.4 في المائة في الاشهر الخمسة الاولى من عام 2014، لتبلغ 1.386 مليون دولار، مقارنة بعام 2013، حيث بلغت 1.968 مليون دولار ويأتي ذلك نتيجة الانخفاض في صادرات الذهب والنحاس، ومنتجات الماس.

واظهرت قيمة العجز التجاري ارتفاعاً بنسبة 1.9 في المائة في الاشهر الخمسة الاولى من عام 2014، مقارنة بعام 2013، وشهد ميزان المدفوعات في الاشهر الخمسة الاولى من عام 2014 تحسناً في نتائجه حيث سجل فائضاً بقيمة 776 مليون دولار مقارنة بالعجز، الذي بلغت قيمته 149 مليون دولار في عام 2013.

 

المؤشرات المصرفية والمالية

شهدت القروض المصرفية الى القطاعين العام والخاص ارتفاعاً بنسبة 1.9 في المائة، لتبلغ 86 مليار دولار، نتيجة لارتفاع ودائع القطاع الخاص، التي سجلت نموا نتيجة رزمة الحوافز، التي قدمها المصرف المركزي في عام 2013.

وكذلك ارتفعت قيمة وعدد قروض كفالات في الاشهر الخمسة الاولى من عام 2014، لتصل الى 44.7 مليون دولار، أي بارتفاع بلغت نسبته 5.9 في المائة و15.2 في المائة على التوالي، مع الفترة نفسها من عام 2013.

وارتفعت ودائع القطاع الخاص بنسبة 2 في المائة حتى شهر ايار/ مايو 2014 مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي لتبلغ 138.8 مليار دولار.

ويأتي هذا نتيجة لارتفاع ودائع القطاع الخاص بنسبة 3 في المائة في الفترة نفسها من عام 2013، ويرجع ذلك الى ارتفاع قيمة احتياطي العملات الاجنبية واحتياطي الذهب بنسبة 4.9 في المائة و4.2 في المائة على التوالي.

 

المساهمون