ويتخوّف حقوقيون وناشطون من حدوث "كارثة إنسانية" في حال بدء معركة الموصل المرتقبة لعدم تخصيص الحكومة العراقية ممرات آمنة لخروج النازحين حتى الآن، فضلاً عن تخوفهم من مشاركة مليشيات الحشد الشعبي في المعركة.
وقال محمد الحديدي، أحد وجهاء الموصل، إنّ "مليونين ونصف المليون مدني في الموصل ينتظرون مصيراً مجهولاً حال بدء المعركة التي تستهدف استعادة المدينة من قبضة تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" الذي يسيطر عليها منذ منتصف 2014 ".
وأضاف الحديدي لـ"العربي الجديد" أن" عدم وجود ممرات آمنة لخروج النازحين من الموصل ينذر بكارثة إنسانية خطرة نخشى وقوعها بحق أهالي الموصل، وهذا ما يجب أن تتحملة الأمم المتحدة والتحالف الدولي والحكومة العراقية، وهم يتحملون المسؤولية الكاملة عن حياة المدنيين في المدينة".
واعترف وزير الهجرة والمهجرين العراقي، جاسم محمد، في تصريح صحافي بعدم امتلاكه معلومات عن وجود ممرات آمنة لنازحي الموصل، والتي كانت قيادة عمليات نينوى قد أعلنت عن تأمينها للنازحين.
وقال في مؤتمر صحافي أمس، إنّ "هناك عدداً من الأماكن التي تم تخصيصها لاستقبال نازحي الموصل، وهي بلدة مخمور، وسد الموصل، ومناطق جنوب بلدة سنجار، وتلعفر، وبلدات أخرى شمال محافظة صلاح الدين".
وأضاف الوزير "هناك مشكلة أمام وزارة الهجرة والمهجرين بخصوص تمويل عمليات إغاثة النازحين".
يأتي ذلك في وقت كشفت فيه الأمم المتحدة عن عدم وجود تمويل لعمليات إغاثة نازحي الموصل، في حال بدء المعركة المرتقبة لاستعادة المدينة من سيطرة تنظيم "داعش".
وأوضحت رئيسة بعثة الأمم المتحدة "يونامي" في العراق، ليزا كراند، في تصريح صحافي أن" هناك مشكلة تواجه الأمم المتحدة بخصوص تمويل إغاثة النازحين من الموصل لعدم وجود أموال مخصصة لذلك".
وكانت قيادة عمليات نينوى قد أعلنت عن تخصيص ممرات آمنة لخروج نازحي مدينة الموصل (405 كلم شمال غرب العاصمة العراقية بغداد) لكنّ وجهاء وناشطين وحقوقيين نفوا أن تكون هناك ممرات آمنة قد خصصت لهذا الغرض.
وفي هذا الوقت، تستمر الاستعدادات للحكومة العراقية والتحالف الدولي بقيادة واشنطن لوضع اللمسات الأخيرة على خطة استعادة مدينة الموصل من سيطرة تنظيم "داعش"، وسط تخوفات كبيرة مما ستؤول إليه المعركة.
يضاف إلى ذلك تخوف أهالي الموصل من مشاركة مليشيات الحشد الشعبي في المعركة المرتقبة، معتبرين أنها أخذت الضوء الأخضر من واشنطن للمشاركة في المعركة، ما يعني تكرار ما حصل في تكريت وبيجي وجرف الصخر وديالى والفلوجة من عمليات قتل للمدنيين ونهب وحرق وسلب للممتلكات، بحسب الأهالي.
وكان التحالف الدولي بقيادة واشنطن قد أعلن قبل أسابيع أن مشاركة الحشد الشعبي في معركة الموصل المرتقبة شأن عراقي داخلي، وقرار تابع للحكومة العراقية، ما أثار حفيظة المراقبين والمحللين تجاه آليات المعركة.
وما يثير مخاوف وجهاء الموصل وأهلها هو عدد سكانها الكبير، والذي يفوق مليونين ونصف المليون نسمة، ما قد يسبب كوارث إنسانية في ظل عدم وجود اهتمام دولي بقضية نازحي الموصل.
وبحسب المحللين، فإن معركة الموصل قد تشهد أكبر عملية نزوح في تاريخ العراق منذ سقوط بغداد بيد المغول عام 1258 ميلادية، إذا لم تقم الأمم المتحدة بالضغط على الحكومة العراقية لتحمل مسؤولية إيواء النازحين وتأمين سبل العيش لهم من مياه شرب وطعام ودواء.
وما يضاعف هذه المخاوف لدى أهالي الموصل، ما حدث لنازحي بلدتي الشرقاط والحويجة مؤخراً، فقد توفي العشرات منهم، أغلبهم أطفال بسبب العطش خلال نزوحهم من مناطقهم التي تجري فيها عمليات عسكرية منذ أسابيع خشية تكرار ما حصل لهم مرة أخرى.
وكان تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" قد سيطر على مدينة الموصل، ثاني أكبر مدن البلاد من حيث عدد السكان في العاشر من يونيو/حزيران عام 2014 بعد انسحاب القوات العراقية وأجهزة الأمن من المدينة بالكامل.