لا لبوتين أم لروسيا؟

01 مايو 2015
مقاطعة أوروبا لاحتفالات النصر على النازية يخدم بوتين(فرانس برس)
+ الخط -
ماذا يعني امتناع الغرب الأطلسي عن مشاركة موسكو احتفالاتها في الذكرى السبعين للنصر على النازية؟ وهل على الشعب الروسي أن يرى في ذلك موقفاً سلبياً من الكرملين فقط أم من تضحيات شعوب الاتحاد السوفييتي والشعب الروسي في مقدمتها لهزيمة ألمانيا النازية؟ يصعب على المواطن الروسي تقبل الاستهانة بتضحيات آبائه وأجداده الذين لا تزال ميدالياتهم المعمدة بالدم من أهم كنوز العائلات الروسية.

يصعب على الروسي قبول الاستهانة بتاريخه خاصة مع ضعف الحاضر وافتقاره للانتصارات، ولا يعنيه كثيراً أن يستغل الكرملين هذه الصفحة من التاريخ لانتهاج سياسات تراها المعارضة الروسية فاسدة، بل يمده ذلك بحجة إضافية للوقوف مع النظام ضد المعارضة التي تدافع عن قيم الليبرالية الغربية "اللاوطنية"، وتسخر من "وطنية" السلطة. النصر على ألمانيا النازية، من أعمدة الدولة الروسية، وليس فقط من ركائز التاريخ الروسي الحديث، وأي تعامل بخفة مع هذه الورقة يؤسس لعلاقات لن تكون في أحسن حالها، حتى مع تبدل الزعماء والقادة السياسيين. وعلى المستوى السياسي، يصعب على قيادة تسلحت بهذا النصر لاستنهاض بلاد كادت تتفتت وتفقد سيطرتها على نفسها، التنازل عن النصر لغيرها أو التقليل من شأنه.

معلوم أن عهد يلتسين نحا بالبلاد نحو نسيان، وليس فقط تجاهل، مقومات الوحدة والقوة، فنشأت أجيال تجهل تاريخها، ولم يبخل الغرب الأطلسي، وخاصة الولايات المتحدة، في مسخ دور روسيا في تلك الحرب، بل في مساواة الستالينية بالنازية. فهل حقاً الشيوعية والنازية شيء واحد من منظور الخطر على البشرية؟ يكفي الإعلام الغربي نصراً أن يتم طرح مثل هذا السؤال.

امتناع زعماء الغرب عن مشاركة موسكو احتفالات النصر، بحجة تورط الكرملين في أوكرانيا وسلوكها العدواني هناك، يعني من منظور شعبي روسي معاقبة شعوب روسيا بسلبها أغلى ما لديها، ما يعني مزيداً من التفاف الروس حول زعامة بوتين، في تضخيمه صورة "الغرب الأطلسي" عدواً، وانتهاجه سياسات داخلية تقوم على الأمن والسلاح، ويعني بالتالي مزيداً من تراجع الحريات والديمقراطية في روسيا. فهل ذلك ما يريده الغرب الأطلسي؟