لا أثر لهدنة كيري اليمنية... والأمم المتحدة تستعين بالسعودية

19 نوفمبر 2016
الشرعية تسعى لتقدم عسكري يغير المعادلة السياسية(عبد الناصر الصديق/الأناضول)
+ الخط -
مع تعثر الهدنة اليمنية التي أعلن عنها وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، بالتنسيق مع سلطنة عُمان، يبدو مصير "خارطة الطريق" التي تقدم بها المبعوث الأممي إلى اليمن، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، غامضاً، في ظل غياب المبعوث نفسه عن واجهة التطورات الأخيرة، فيما تتواصل المواجهات الميدانية والضربات الجوية لـ"التحالف العربي" في أكثر من محافظة يمنية بوتيرة متفاوتة.

وحسمت تطورات الـ24 ساعة الماضية الجدل حول الهدنة التي كان من المفترض أن تبدأ الخميس الماضي. لكن الحكومة اعتبرت أنها ولدت ميتة، في وقت لم تصدر فيه الأمم المتحدة أي موقف يؤكد وجود هدنة من عدمه. ومن شأن هذا الأمر أن يؤدي إلى الحؤول دون تفعيل نتائج جولة كيري الأخيرة إلى المنطقة، والتي كان أبرزها الإعلان عن موافقة جماعة أنصار الله (الحوثيين) والتحالف الذي تقوده السعودية، على هدنة اعتباراً من 17 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري.

ويتعدى إخفاق الجهود الأميركية ملف الهدنة إلى المخرجات الأخرى عن لقاءات مسقط. يتعلق الأمر بالاتفاق على استئناف المشاورات اليمنية قبل نهاية الشهر الجاري، بناءً على المبادرة المقدمة من المبعوث الأممي، وبما يؤدي إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية جديدة قبل نهاية عام 2016. غير أن رفض الحكومة الاعتراف بنتائج لقاءات مسقط، يضع هذه المقررات التي أطلق عليها البعض "اتفاق مسقط"، أمام مصير مجهول، ما لم تسع الولايات المتحدة لإنقاذها بمزيد من الضغوط في الأيام المقبلة.

وتفيد مصادر سياسية يمنية لـ"العربي الجديد" بأن الاتصالات والجهود التي تتولاها الأمم المتحدة عبر مبعوثها إلى اليمن، دخلت بمرحلة جمود غير معلن منذ إخفاقه بلقاء الرئيس اليمني، عبدربه منصور هادي، ومسؤولي الحكومة الشرعية خلال زيارته الأخيرة إلى السعودية، في الثامن من الشهر الجاري. وقام بعدها بزيارة إلى الصين ثم توارى عن الأنظار ليترك لوزير الخارجية الأميركي ملف اليمن في لقاءات مسقط الأخيرة. ويوم الثلاثاء الماضي نشر ولد الشيخ أحمد تغريدة مقتضبة على صفحته على موقع "تويتر"، تضمنت كلمة شكر لسلطان عُمان، قابوس بن سعيد، ووزير خارجية بلاده، يوسف بن علوي، من دون أن يشير إلى لقاءات كيري، أو النتائج التي خلصت إليها جهوده في مسقط.


ووسط هذه المعطيات، وبعد رفض الشرعية لنتائج لقاءات مسقط، وفي ظل رفضها المستمر لمبادرة المبعوث الأممي، المدعومة من الدول الكبرى، يبدو أن المسار السياسي الذي ترعاه الأمم المتحدة في اليمن، وصل إلى طريق مسدود، مجدداً، إلا إذا تم إنقاذه بخطوات مفاجئة قريباً، تحرك الركود في الجانب السياسي.

في المقابل، يعكس الموقف الراهن وصول الشرعية ومعها بعض دول التحالف إلى ما يمكن تسميته بـ"مرحلة كسر العظم" بمواجهة الضغوط الدولية التي تقودها الولايات المتحدة. وبالتالي إن الأيام والأسابيع القليلة المقبلة ستكون حاسمة لمعرفة مدى قدرة الحكومة الشرعية على الصمود في رفضها للمبادرة الدولية، أو مدى إمكانية أن تكون هناك تعديلات تجعل من "خارطة الطريق" مقترحاً مقبولاً بالنسبة للشرعية. ويندرج ما ما أعلنته الأمم المتحدة أمس الجمعة، عن أنها تعمل مع السعودية لمحاولة إقناع الحكومة اليمنية بالعودة إلى مفاوضات السلام، في خانة هذه الضغوط. وقال نائب الأمين العام للأمم المتحدة يان إلياسون من جنيف: "نحن نعمل عن كثب مع السعودية وغيرها من دول المنطقة القادرة على التأثير على أطراف الصراع لنعيدهم إلى طاولة المفاوضات".

في غضون ذلك، تتواصل المواجهات الميدانية بين قوات الشرعية من جهة، والحوثيين وحلفائهم من جهة أخرى، مع فشل الهدنة والضغوط السياسية الحاصلة على الشرعية، والتي تسعى لإثبات قدرتها على تحقيق تقدم عسكري يغير من واقع المعادلة السياسية ويفرض معطيات جديدة، وهو ما انعكس من خلال تصعيد قوات الشرعية عملياتها في محافظة تعز، أبرز الجبهات المشتعلة بمعارك كر وفر منذ ما يقرب من عام ونصف العام.

ويتزامن التصعيد في تعز مع معارك بوتيرة متقطعة تشمل أبرز جبهات المواجهات شمالاً، وتحديداً أطراف مأرب الغربية، ومديرية "نِهم" غرب صنعاء، ومناطق متفرقة بمحافظة الجوف، بالإضافة إلى جبهة "ميدي" في محافظة حجة الساحلية والحدودية مع السعودية، والتي تحاول قوات الجيش والمقاومة التقدم فيها من جهة السعودية، بعدما سيطرت على مواقع في المديرية أواخر العام الماضي. وعلى الجانب الحدودي مع السعودية، تتواصل المواجهات وتبادل القصف بوتيرة خفتت بشكل نسبي في الأيام الأخيرة، في حين تتواصل الغارات الجوية لدعم قوات الشرعية في المناطق القريبة من المواجهات بمختلف المحافظات.