"عندما أشار لي الأصدقاء إلى أن أبعث باللوحة إلى الملكة، ظننتها دعابة غايتها الضحك، لم آخذ الأمر على محمل الجد أبداً، فأكبر مسؤول فكرت في مخاطبته في بلدي، كان مختار الحي الذي أقطنه... وكان بعيد المنال"، يقول سيف ساخراً لـ"العربي الجديد".
بعد رحلة اللجوء المريرة التي خاضها الفنان سيف الدين الطحان، متنقلاً من سورية إلى السعودية إلى مصر، لم يجد مفراً بعدها، من الدخول في لعبة الموت التي اضطر أبناء مواطنيه على خوضها، فركب "البلم" باحثاً عن إنسانيته.
قضى سيف في البحر 8 أيام قبل أن يصل إلى شواطئ إيطاليا، ومنها إلى الدنمارك مستقره الأخير، حيث وجد "محيطاً متفهماً لآلامه، ومسانداً له"، الأمر الذي دفعه للتعبير عن شكره وامتنانه للدنماركيين، برسم لوحة لملكتهم مارغريت الثانية.
ويوضح سيف لـ"العربي الجديد"، الأسباب التي دفعته إلى رسم الملكة تحديداً، "لا سلطة سياسية لملكة الدنمارك، هي شخصية اعتبارية ليس إلا، وما دفعني لرسمها أمران، مدى محبة الدنماركيين لها، حتى أنها تعتبر رمزاً وفخراً لهم، ولشغفها بالفن، فقد مارست الرسم عندما كانت شابة".
قرأ سيف نصاً مختصراً عن حياة الملكة، فحول كلماته العربية إلى لوحة شخصية لها "بورتريه"، مستخدماً تقنية "فن الديجيتال". اللوحة التي تركها في زاوية غرفته، أثارت أصدقاءه الدنماركيين، فأشاروا إليه أن يقدمها هدية للملكة، لكن سيف اعتبر الأمر مجرد دعابة، حتى أصرت إحدى الصحافيات على أن يقوم بهذه الخطوة.
وبعد 5 أشهر، تلقى سيف رسالة بريدية من القصر الملكي، موقعة باسم سكرتير القصر الملكي، جاء في نصها: "عزيزي سيف الدين الطحان، جلالة الملكة كلفتني بشكرك على اللوحة الجميلة والودودة التي كنت قد أرسلتها لجلالتها، وإنه من دواعي سرور الملكة، أن تتمتع وزوجتك بحياة جيدة في الدنمارك".
لا يخفي سيف فرحته بالخطاب، ويقول "لم أتخيل أن ترد الملكة علي وتخصني برسالة، وأكثر ما أسعدني بها أنها منحتني شعوراً بالعدالة الاجتماعية، فالجميع متساوون، ولا يقل الإنسان العادي مكانة عن غيره، كما يسعدني أن يكون ما فعلته، برهاناً آخر على تميز السوريين، ومقدرتهم على الإبداع عندما تتاح لهم الظروف المناسبة".
جدير بالذكر أن سيف سبق وأثار اهتمام الصحافة العالمية، بمجموعة التصاميم التي عمل على تنفيذها، والتي كانت بعنوان "سورية غو"، مستغلاً غزو لعبة "بوكيمون غو" للعالم، لتسليط الضوء على الأوضاع الإنسانية المأساوية في سورية.
وأقام سيف معرضين، الأول في مدينة بورغ، عرض فيه تصاميم "سورية غو"، إضافة إلى لوحات أخرى تحت عنوان "فكر بأطفال سورية"، ومعرضاً ثانياً بكوبنهاغن، تضمن لوحات مختلفة عن سورية.
كما يحضر اليوم مع زوجته الفنانة زهر ميرو، لمعرض قادم، الشهر المقبل، يشارك من خلاله بلوحات عن أطفال سورية، ويسلط الضوء على أوضاعهم الإنسانية في المخيمات اللجوء، وأماكن الصراع، وسيخصص ريع المعرض للأطفال في مخيمات اللجوء.