كي لا تصبح إدلب رقة ثانية

03 ابريل 2015
+ الخط -

شهدت مدينة إدلب تحريراً تاريخياً بفضل جهود أبنائها، الذين تركوها منذ أكثر من أربعة أعوام، ودخلوها دخول الفاتحين بعزة وإباء، ونظفوها تماماً من آل الأسد وشبيحتهم ولجانهم الشعبية وجيشهم.
لكن، كيف لثوار سورية الأحرار أن يحافظوا على المدينة حرة من بطش جيش الأسد من جهة، ومن تسلل داعش التي خطفت، آنذاك، فرحة التحرير، كون الرقة أول محافظة سورية أصبحت محررة بشكل كامل من عصابات الأسد من جهة أخرى.
على الثوار والائتلاف السوري، الآن، بذل جهد كبير للعمل على مرحلة جديدة، وفكر جديد عند كل تحرير. فسابقاً تحررت الرقة من الأسد، لكننا خسرناها من عصابات داعش، وتحولت الرقة إلى سجن كبير لأبنائها، بدلاً من الحفاظ عليها محررة. وذلك كله سببه التخبط بين الثوار وعدم وضع خطط صحيحة واستراتيجية للحفاظ عليها، وأيضاً ضعف الائتلاف السوري، وعدم قدرته على وضع صياغة جديدة ومشروع تدريبي واضح لهؤلاء الثوار الشباب، وتقصيره، بل إهماله، في دفع مبالغ كان بإمكانه توفيرها لحماية المدينة من داعش وغيرها ممن يريدون خطف الثورة السورية وتشويهها.
على الجميع، الآن، وضع نقاط جدية والعمل على فكرة واحدة، هي الحفاظ على إدلب محررة بشكل كامل حتى تحرير سورية، وتحويلها إلى نموذج يحتذى به في العيش بحرية وديمقراطية وأمان، يمكن أن يعمم على كل منطقة يتم تحريرها، بل على كل الوطن السوري بعد تحريره من رجس آل الأسد.
طبعا هي ليست مهمة سهلة. لكن، على الجميع العمل، وعلى رأسهم الائتلاف، الذي بات عليه أن يثبت اليوم للسوريين أنه الممثل الوحيد للشعب السوري، وأن يضخ بهذه المدينة الأموال والخبرات اللازمة لدعم الأهالي والثوار، ومساندتهم لتحمل جميع الأعباء، التي سيتعرضون لها في الأيام المقبلة.
أيضاً، يجب على الثوار أن يرتبوا أنفسهم على التنظيم العسكري في المدينة لضمان الأمن، من دون الوقوع بأي تخبط، كي لا يتم إفساح المجال لعصابات الأسد وداعش من التغلغل لقلب المدينة، وعمل تفجيرات فيها ونشر الفوضى، أو خرق صفوف الأهالي والثوار.
أيضاً، عليهم أن يبتعدوا عن أية خلافات قد تنشأ بينهم، بسبب غنائم أو تقاسم للسلطة داخل المدينة، وأن يفكروا فقط في مصلحة البلاد. وعليهم إكمال طريق التحرير إلى باقي المدن، وأن يكملوا مشوار الكفاح الطويل باتجاه المناطق التي انسحبت إليها عصابات الأسد، والعمل على كسب مزيد من المناطق وتحريرها.
لا نريد أن يتكرر سيناريو الرقة في إدلب، فتنظيم الصفوف والعمل من أجل الثورة هو الأساس الآن، فإن ضاعت إدلب بعد تحريرها، لا سمح الله، بسبب ضعف الإدارة السياسية والعسكرية والأمنية، عندها ستكون ضربة موجعة للثورة السورية.
على الائتلاف السوري التحرك سريعاً لدعم جبهات القتال في إدلب، وترك مهاتراتهم السياسية جانباً، وملء فراغ السلطة. عليكم الآن، أيها المعارضون السوريون الوطنيون، تقديم نموذج سياسي إداري ديمقراطي حر، وأن تثبتوا للعالم، أنتم والثوار، أنكم قادرون على إدارة أية منطقة محررة، ليثق العالم بكم وبأن سورية، بعد تحريرها، ستكون بأيد أمينة قادرة على حماية مؤسسات الدولة والشعب.
والأهم من ذلك إسقاط مقولة النظام، "إما الأسد أو الفوضى"، وإسقاط مقولة الغرب والمجتمع الدولي، "إما الأسد أو داعش".
ربما، الآن وبعد تحرير إدلب بجهد سوري خالص، أصبحنا بحاجة ماسة لحظر جوي. وعلى الجميع التحرك باتجاه هذا الأمر، والضغط من جديد على المجتمع الدولي من أجل الحفاظ على مدينة إدلب من الدمار، فالأسد لا بد من أن يصب جام حقده، الآن، على الثوار وعلى أهالي المدينة، وسيقوم بقصف جوي عليها ليدمرها كما دمر غيرها، طبعاً ليس لاستعادتها لأنه لن يقوى على ذلك، لكن فقط انتقاماً من خروجه المذل منها.
إذن، المهمة صعبة. وعلى الجميع العمل بكل صدق وحب وإخلاص، من أجل مئات آلاف الشهداء الذين ضحوا من أجل الحرية، من أجل المعتقلين، من أجل المهجرين، من أجل انتصار الثورة السورية اليتيمة. فأنتم، يا ثوار سورية، عليكم أن تثبتوا، للعالم أجمع، أنكم قادرون على التنظيم العسكري والإداري والأمني لأية مدينة سوف يتم تحريرها.
ورسالة أخيرة لائتلاف الثورة: ربما هذه فرصتكم الأخيرة، لتثبتوا للجميع أنكم قادرون على التنظيم السياسي والإداري للمدينة، والعمل من أجل الحفاظ على وحدة الشعب السوري، والضغط في المحافل الدولية لعمل حظر جوي بمساعدة تركيا، حماية لإدلب من قصف الأسد الانتقامي والهمجي، الذي سيسبب مزيداً من الدمار والشهداء.
فالحظر الجوي، إن تم، عندها سيبدأ عمل الحكومة المؤقتة، ولأول مرة بعد تحرير إدلب، من الداخل السوري. وبذلك، يكون التنظيم الإداري والسياسي أفضل. ويمكن عندها القول إنه أصبح بالإمكان إعادة جزء لا بأس منه من اللاجئين السوريين إلى ديارهم، ليشعروا بالأمان. ولتخفيف الضغط على دول الجوار. 
الآن، وبعد تحرير إدلب نقول "أنقذوا إدلب".

 

avata
avata
رائد الجندي (سورية)
رائد الجندي (سورية)