لم يتوقع أشد المتشائمين ببرشلونة أن يخسر أمام ريال بيتيس وبأربعة أهداف في ملعب "كامب نو". نتيجة قاسية وكارثية على دفاع النادي "الكتالوني" الذي فشل في التعامل مع طريقة لعب بيتيس الخارقة بقيادة المدرب كيكي سيتيان. لكن هذا التفوق لم يأتِ من فرغ بل من عمل كبير صنعه كيكي سيتيان، حيثُ لعب بأسلوب برشلونة وروح "عرابه" الراحل يوهان كريوف.
الفكرة لا تموت
لم يكن أداء ريال بيتيس مفاجئاً أمام برشلونة، فكيكي سيتيان بدأ يلفت الأنظار في الفترة الأخيرة بطريقة لعبه المُميزة وطريقة إدارته للمباريات، فهو يُحرك المجموعة على أرض الملعب وكأنها تتحرك على الورق. لعب كيكي في معظم مباريات الموسم حتى الآن بطريقة (3-5-2) أو (3-4-2-1) معتمداً على طريقة يوهان كرويف في التعامل على أرض الملعب.
بدايةً من ثلاثي خط الظهر الذين يجب أن يجيدوا التحرك بالكرة من الخلف والصبر في بناء الهجمات دون تسرع. ودائماً ما يُركز كيكي على سقوط لاعب خط الوسط المدافع إلى الخلف لاستلام الكرات من المدافعين وبناء الهجمات بدون تسرع. هذا بالإضافة إلى الدور الكبير الذي يلعبه غواردادو وكريستيان تيو وخواكين في منطقة العمليات الهجومية، وخصوصاً عبر الأجنحة.
كيكي من المدربين الذين يحبذون فكرة خلق المثلثات دائماً وذلك من أجل تمرير الكرة بين اللاعبين بسرعة وإيجاد الحلول دائماً حتى تحت ضغط الخصم، وهو ما بدا واضحاً أمام برشلونة في مباراة أمس. من النادر أن يلعب حارس مرمى بيتيس الكرات الطويلة، فمع كيكي عملية البناء تبدأ من الخلف وحتى لو تطلب الأمر اقتراب المدافعين من منطقة الجزاء لاستلام الكرة وتدويرها.
هو نظام مشابه لبرشلونة ويُشبه كثيراً أفكار يوهان كرويف، وهو الأمر الذي أكده كيكي في المؤتمر الصحافي بعد المباراة عندما قال: "نحن فخورون للغاية ونعلم أن الفوز دائماً ما يكون مهما، ولكن في أوقات مثل اليوم تكون مباراة للتاريخ سواء بالنسبة لبيتيس أو لبرشلونة، وأعتقد أن كرويف كان سيسعد بذلك بالرغم من خسارة فريقه". باختصار أفكار كرويف الذي يعتبره كيكي مثله الأعلى في التدريب حولته إلى واحد من المدربين الأذكياء حالياً، وأثبت أن الفكرة مهما مر عليها الزمن لا تموت.
مهارات برشلونة؟
بدون شرح مطول يمكن اكتشاف مدى توافق كيكي مع أسلوب لعب برشلونة، لأنه يملك مهارات الفريق "الكتالوني" دون منازع. البناء من الخلف، السرعة في الانتقال من الدفاع إلى الهجوم، الضغط العالي بلاعبين أو أكثر، خط الدفاع المتقدم لإيقاع الخصم في مصيدة التسلل، التمريرات في المثلثات، التمريرات القصيرة في كل أرجاء الملعب، وغيرها من الأمور الكثيرة التي لطالما استفرد بها برشلونة.
ولعل أبرز هذه الصفات التي تُقرب كيكي من برشلونة هي أنه من الطلاب المجتهدين في مدرسة يوهان كرويف، وهي المدرسة التي صنعت أمجاد النادي "الكتالوني"، وطورها بيب غوارديولا بعد ذلك وصولاً إلى أن أمست ركيزة أساسية لأي مدرب يقود الفريق.
"الكرة الشاملة" يا كيكي هي يوهان كرويف. كيفية استخدام المساحات، تمركز اللاعبين مع كرة وبدونها، تكبير مساحة الملعب عند الهجوم وتقليص مساحته عند الدفاع، هذا بالإضافة لتبديل المراكز باستمرار مع ميزة الضغط المباشر على الخصم. كلها ميزات حولت برشلونة في السنوات الأخيرة إلى أفضل فريق في العالم وأكثرها إمتاعاً خصوصاً في عهد غوارديولا، فهل حان الوقت لكي يُحضر الرئيس بارتوميو عقداً لكيكي في موسم 2019-2020؟