انقسمت النخبة السودانية، في تعاطيها مع انقلاب يوليو/تموزالفاشل في تركيا، بين مؤيد لما جرى نكاية بالنظام الإسلامي الحاكم في السودان ورفضاً لسياسات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، في مقابل معارضي الانقلاب، تأييداً للديمقراطية ولحزب العدالة والتنمية التركي، إذ ألقى انقلاب تركيا الفاشل حجرا في مياه الحياة السياسية السودانية، ودفع مثقفي السودان باتجاهاتهم المختلفة، إلى بحث مواقفهم من الديمقراطية، ومدى مبدئيتها، كما أدى إلى نقاشات جادة تحاول تفسير ما جرى في تركيا في ضوء تجربة انقلاب الجبهة الإسلامية القومية في عام 1989.
وبلورت أحداث انقلاب تركيا فريقين أساسين في السودان؛ الأول لا يرى في الديمقراطية التركية سوى ممارسات أردوغان السلطوية، في مقابل من يدافعون عن الديمقراطية التركية، حلوها ومرّها.
اختبار القيم والمبادئ
من بين المدافعين عن التجربة التركية عضو المكتب السياسي لجماعة الإخوان المسلمين في السودان، عمر الحبر نور الدائم، والذي يرى أن انقلاب تركيا الفاشل أسقط تيارات فكرية وكيانات سياسية كاملة في السودان والإقليم، في اختبار الالتزام بالقيم والمبادئ الديمقراطية، إذ أيدت كيانات علمانية وليبرالية ويسارية، انقلاب تركيا، من دون أدنى اعتبار للشعب التركي، واختيارته عبر صندوق الانتخاب، إذ تعاملت مع تلك الاختيارات وكأنها خطأ في الاختيار، ولا قيمة لها.
وتابع السياسي السوداني أن تبرير بعضهم لانقلاب تركيا، بما شهده السودان من انقلاب الجبهة الإسلامية القومية في 1989، يعد خطأ فادحا، ويسهل الرد عليه بأنه إذا كان إسلاميو السودان قد سقطوا في وحل الانقلابات، فلا يعني هذا تبرير انقلاب آخر في أي مكان.
ويتفق الطيب عبدالسلام؛ الروائي السوداني ومؤسس حركة الليبراليين الخضر مع عمر الدائم، في أن التجربة السودانية مع العسكر مريرة، بدءا من انقلاب عبود مرورا بانقلاب مايو وأخيراً بانقلاب الإنقاذ، متابعاً: "أي تغيير يأتي عن طريق العسكر له مخاطر وسيعيق تقدم الدولة أكثر من نجاحها أو تطورها، اللهم إلا إذا كان هذا الانقلاب يحمل نوايا تقدمية قادرة على أن تحدث قطيعة مع الجهل والتخلف الذي يمكن أن تؤدي إليه الديمقراطية الميكانيكية التي تقوم على الولاء الطائفي والقبلي، وهو ما يندر حدوثه".
وعاد عبد السلام ووصف ما حدث في تركيا بـ"حرب تصفية بين الإسلاميين" من جماعة أردوغان وجماعة غولن الرجعية الظلامية على حد قوله، وأكمل متابعا "ننظر لجماعات الإسلام السياسي كلها بعين السوء، لكن نعتقد أن هناك من هو أقل سوءاً مثل أردوغان وحزب النهضة التونسي ولكن إجراءات أردوغان ما بعد الانقلاب من فصل آلاف الأتراك من وظائفهم وسجن المئات وتدمير السلطة القضائية خطر يهدد مستقبل الديمقراطية التركية".
اقــرأ أيضاً
وبحسب مؤسس حركة الليبراليين الخضر، فإن العلمانيين الأتراك نزلوا إلى الشارع بكثافة لأنهم يدركون أن أي طرف سينتصر في صراع غولن وأردوغان كان سيستهدفهم، قائلا في النهاية: "أردوغان مدني واستبداده أفضل من الاستبداد العسكري التابع لغولن الذي لا يلقي بالا للشعب".
ويعتقد الدكتور محمد فقيري، منسق الدراسات في مجموعة آلاء الثقافية، أن الانقلاب التركي الأخير كان سيسقط حتما تحت وطأة الغضب الجماهيري الشعبي؛ بسبب تحولات في البنية الاجتماعية التركية، إذ ظهرت طبقة برجوازية واسعة خرجت عن سيطرة المؤسسة العسكرية ونفوذها المتحكم في مؤسسات الدولة. وأضاف: "التيار الحاكم في تركيا جاء من رحم الثقافة الإسلامية المتمثلة في البعد الصوفي، وتطور بعيدا عن نفوذ السيطرة العسكرية".
ولفت إلى أن الانقلاب في تركيا تحول إلى مناكفة وخصومة بين النخبة السودانية، على أساس قاعدة الولاء والكراهية الأيديولوجية، لا على أساس القيم والمبادئ، ما يؤشر إلى تعقيد المشهد السياسي في السودان، وعجز نخبه السياسية الواضح، والتي تستدعي خصوماتها وصراعاتها الأيديولوجية في أحكامها القيمية، بينما تغيب المبادئ عن تلك الرؤى والأحكام.
انقلاب تركيا لا يشبه ما جرى في مصر
بالمقابل يرى محمد ضياء الدين، القيادي في حزب البعث العربي الاشتراكي في السودان، أن ما جرى في تركيا لا يشابه ما حدث في مصر في صيف عام 2013، إذ إن الدكتور محمد مرسي الذي جاء بانتخابات ديمقراطية، لديه ممارسات تتعارض مع الديمقراطية، ما أدى إلى خروج شعبي عليه، انحازت له القوات المسلحة، على حد قوله.
وأضاف: "لايجب أن نخلط بين ما حدث في مصر وتركيا، إذ خرج الشعب بإحدى أدوات الديمقراطية وهي التظاهرات، ليعدل مسار الديمقراطية، وهو ما وقع في عام 1985 في السودان بعد انحياز المشير سوار الذهب للديمقراطية وتسليم الحكم لحكومة مدنية منتخبة، بعد الانقلاب على الرئيس جعفر نميري".
وتابع "الشعب التركي حمى ديمقراطيته، وخروجه ليس لحماية أردوغان أو نظامه، وما حصل من الجيش التركي لا يمكن وصفه بغير الانقلاب على الديمقراطية، بغض النظر عن الرأي في سياسات تركيا في محيطها العربي".
اقــرأ أيضاً
أما معمر موسى؛ الناشط المؤسس للحركة السودانية للتغيير، فقال إن لدينا اعتراضات كثيرة على تحويل أردوغان الديمقراطية التركية إلى تصرفات شعبوية، لكن بشكل مبدئي نرفض الانقلابات ونعتبرها خيانة للرغبة الشعبية. وتابع: "بعض النشطاء السياسيين السودانيين الذين سارعوا للتهليل بالانقلاب، قاموا بهذا نكاية بالنظام الإسلامي الحاكم في السودان وممارساته غير الديمقراطية".
وبلورت أحداث انقلاب تركيا فريقين أساسين في السودان؛ الأول لا يرى في الديمقراطية التركية سوى ممارسات أردوغان السلطوية، في مقابل من يدافعون عن الديمقراطية التركية، حلوها ومرّها.
اختبار القيم والمبادئ
من بين المدافعين عن التجربة التركية عضو المكتب السياسي لجماعة الإخوان المسلمين في السودان، عمر الحبر نور الدائم، والذي يرى أن انقلاب تركيا الفاشل أسقط تيارات فكرية وكيانات سياسية كاملة في السودان والإقليم، في اختبار الالتزام بالقيم والمبادئ الديمقراطية، إذ أيدت كيانات علمانية وليبرالية ويسارية، انقلاب تركيا، من دون أدنى اعتبار للشعب التركي، واختيارته عبر صندوق الانتخاب، إذ تعاملت مع تلك الاختيارات وكأنها خطأ في الاختيار، ولا قيمة لها.
وتابع السياسي السوداني أن تبرير بعضهم لانقلاب تركيا، بما شهده السودان من انقلاب الجبهة الإسلامية القومية في 1989، يعد خطأ فادحا، ويسهل الرد عليه بأنه إذا كان إسلاميو السودان قد سقطوا في وحل الانقلابات، فلا يعني هذا تبرير انقلاب آخر في أي مكان.
ويتفق الطيب عبدالسلام؛ الروائي السوداني ومؤسس حركة الليبراليين الخضر مع عمر الدائم، في أن التجربة السودانية مع العسكر مريرة، بدءا من انقلاب عبود مرورا بانقلاب مايو وأخيراً بانقلاب الإنقاذ، متابعاً: "أي تغيير يأتي عن طريق العسكر له مخاطر وسيعيق تقدم الدولة أكثر من نجاحها أو تطورها، اللهم إلا إذا كان هذا الانقلاب يحمل نوايا تقدمية قادرة على أن تحدث قطيعة مع الجهل والتخلف الذي يمكن أن تؤدي إليه الديمقراطية الميكانيكية التي تقوم على الولاء الطائفي والقبلي، وهو ما يندر حدوثه".
وعاد عبد السلام ووصف ما حدث في تركيا بـ"حرب تصفية بين الإسلاميين" من جماعة أردوغان وجماعة غولن الرجعية الظلامية على حد قوله، وأكمل متابعا "ننظر لجماعات الإسلام السياسي كلها بعين السوء، لكن نعتقد أن هناك من هو أقل سوءاً مثل أردوغان وحزب النهضة التونسي ولكن إجراءات أردوغان ما بعد الانقلاب من فصل آلاف الأتراك من وظائفهم وسجن المئات وتدمير السلطة القضائية خطر يهدد مستقبل الديمقراطية التركية".
وبحسب مؤسس حركة الليبراليين الخضر، فإن العلمانيين الأتراك نزلوا إلى الشارع بكثافة لأنهم يدركون أن أي طرف سينتصر في صراع غولن وأردوغان كان سيستهدفهم، قائلا في النهاية: "أردوغان مدني واستبداده أفضل من الاستبداد العسكري التابع لغولن الذي لا يلقي بالا للشعب".
ويعتقد الدكتور محمد فقيري، منسق الدراسات في مجموعة آلاء الثقافية، أن الانقلاب التركي الأخير كان سيسقط حتما تحت وطأة الغضب الجماهيري الشعبي؛ بسبب تحولات في البنية الاجتماعية التركية، إذ ظهرت طبقة برجوازية واسعة خرجت عن سيطرة المؤسسة العسكرية ونفوذها المتحكم في مؤسسات الدولة. وأضاف: "التيار الحاكم في تركيا جاء من رحم الثقافة الإسلامية المتمثلة في البعد الصوفي، وتطور بعيدا عن نفوذ السيطرة العسكرية".
ولفت إلى أن الانقلاب في تركيا تحول إلى مناكفة وخصومة بين النخبة السودانية، على أساس قاعدة الولاء والكراهية الأيديولوجية، لا على أساس القيم والمبادئ، ما يؤشر إلى تعقيد المشهد السياسي في السودان، وعجز نخبه السياسية الواضح، والتي تستدعي خصوماتها وصراعاتها الأيديولوجية في أحكامها القيمية، بينما تغيب المبادئ عن تلك الرؤى والأحكام.
انقلاب تركيا لا يشبه ما جرى في مصر
بالمقابل يرى محمد ضياء الدين، القيادي في حزب البعث العربي الاشتراكي في السودان، أن ما جرى في تركيا لا يشابه ما حدث في مصر في صيف عام 2013، إذ إن الدكتور محمد مرسي الذي جاء بانتخابات ديمقراطية، لديه ممارسات تتعارض مع الديمقراطية، ما أدى إلى خروج شعبي عليه، انحازت له القوات المسلحة، على حد قوله.
وأضاف: "لايجب أن نخلط بين ما حدث في مصر وتركيا، إذ خرج الشعب بإحدى أدوات الديمقراطية وهي التظاهرات، ليعدل مسار الديمقراطية، وهو ما وقع في عام 1985 في السودان بعد انحياز المشير سوار الذهب للديمقراطية وتسليم الحكم لحكومة مدنية منتخبة، بعد الانقلاب على الرئيس جعفر نميري".
وتابع "الشعب التركي حمى ديمقراطيته، وخروجه ليس لحماية أردوغان أو نظامه، وما حصل من الجيش التركي لا يمكن وصفه بغير الانقلاب على الديمقراطية، بغض النظر عن الرأي في سياسات تركيا في محيطها العربي".
أما معمر موسى؛ الناشط المؤسس للحركة السودانية للتغيير، فقال إن لدينا اعتراضات كثيرة على تحويل أردوغان الديمقراطية التركية إلى تصرفات شعبوية، لكن بشكل مبدئي نرفض الانقلابات ونعتبرها خيانة للرغبة الشعبية. وتابع: "بعض النشطاء السياسيين السودانيين الذين سارعوا للتهليل بالانقلاب، قاموا بهذا نكاية بالنظام الإسلامي الحاكم في السودان وممارساته غير الديمقراطية".