كيف تعاملت شبكات التواصل الإيرانية مع اغتيال سليماني؟

09 يناير 2020
وسوم تدعم الدعاية الإيرانية (محمد زكير/هندستان تايمز)
+ الخط -
تفاعلت شبكات التواصل الاجتماعي في إيران، على مدى الأيام الماضية، مع المستجدات الساخنة بشكل كثيف، بدءا من اغتيال قائد "فيلق القدس"، قاسم سليماني، في غارة أميركية بالقرب من مطار بغداد الدولي، فجر الجمعة الماضي، مروراً بالهجمات الصاروخية الإيرانية، فجر الأربعاء، رداً على الاغتيال، ووصولاً إلى كلمة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، مساء الأربعاء، تعليقاً على هذه الهجمات، والتي انتظرها الكثيرون، وسط مخاوف من أن يعلن فيها قرارا بالرد، كما توعّد سابقاً، لتدخل المنطقة في أتون حرب جديدة، مختلفة عن سابقاتها، قد ترتقي إلى حرب عالمية ثالثة، كما حذّر مستخدمون على مواقع التواصل الاجتماعي.

فبعدما اغتال سلاح الجو الأميركي، أبرز الجنرالات الإيرانية، اجتاحت دعوات الثأر والانتقام الفضاءات الافتراضية، مع انتشار واسع لوسوم #انتقام و#انتقام_سخت و#قاسم_سليماني #حاج_قاسم على منصات "تويتر" و"إنستغرام" و"تليغرام"، وغيرها من شبكات التواصل.

ووفقاً لبيانات نشرتها شبكة "راه دانا" للإعلام الإيرانية، فإن 70 في المائة من المواد المنشورة على "إنستغرام الفارسي" ارتبطت بسليماني، خلال الأيام الثلاثة الأولى من اغتياله، أي من الجمعة إلى الأحد الماضي. وذلك على الرغم من قيود صارمة فرضتها شركة "فيسبوك" الأميركية، المالكة لمنصة إنستغرام، على نشر صور ومضامين مرتبطة بسليماني، لتقوم بإغلاق حسابات أو حذف صور ومواد منتشرة من على الكثير من الصفحات. وطاولت هذه القيود حسابات وكالات أنباء ووسائل إعلام، ولم تسلم صفحة سليماني نفسه من ذلك.

إلى ذلك، قامت منصة "تويتر" أيضاً بإغلاق حسابات، في مقدمتها حساب المرشد الإيراني علي خامنئي، الأربعاء.

وفيما كانت تتصاعد، خلال الأيام الماضية، دعوات الثأر، خاصة خلال مراسم التشييع، في خمس مدن إيرانية جابها الجثمان، هي الأهواز ومشهد وطهران وقم وآخرها كانت مدينة كرمان، مسقط رأس سليماني والتي وري الثرى فيها فجر الأربعاء، كانت تجري نقاشات ساخنة على شبكات التواصل، حول طبيعة الرد والانتقام الإيرانيين، فهناك من كان يدعو إلى رد مباشر "مزلزل" عبر قصف كافة القواعد والسفن والبوارج الأميركية في المنطقة، ومن كان يدعو إلى رد لا يؤدي إلى حرب، وسط مخاوف من اندلاعها.

وسط هذه المطالبات، كانت تجتاح شبكات التواصل وسوم أخرى، مثل #عمودي_أفقي، في إشارةٍ إلى الجنود الأميركيين الذي جاؤوا إلى المنطقة عمودياً "يجب أن يرحلوا منها أفقياً"، بحسب مستخدمين.



إلا أنه بينما كان الإيرانيون يحبسون أنفاسهم بانتظار موعد الرد "القاسي" على اغتيال سليماني، على ضوء وصول التهديدات العسكرية الإيرانية إلى ذروتها، الإثنين الماضي، ردت القوات الجوية التابعة للحرس الثوري الإيراني، فجر الأربعاء، بإطلاقها رشقات من الصواريخ الباليستية (أرض ـ أرض) من نوع "قيام" و"ذوالفقار"، صوب قاعدتين أميركيتين في العراق.
وسرعان ما تحول الهجوم الصاروخي الإيراني إلى قضية ساخنة في شبكات التواصل الثلاث، أي "تويتر" و"إنستغرام" و"تليغرام"، ليتصدر #IranvsUSA ترند "تويتر"، الأربعاء، شارك فيه مغردون إيرانيون بكثافة.

هنا اعتبر البعض أن الهجوم "انتقام قاس" وآخرون رأوا فيه "مجرد صفعة"، حيث قال المغرد مهدي إيرجي، إن الهجمات ليست إلا "صفعة صغيرة".



كما أن هناك مغردين اعتبروا الهجمات دون سقف التهديدات التي أطلقها القادة الإيرانيون على مدى الأيام الماضية، وسط حديث للبعض عن "تنسيق مسبق" بين إيران والولايات المتحدة لمهاجمة أهداف من دون أن تخلّف قتلى كمخرج من المأزق.



في السياق، قال مغرد يحمل اسم عبد "لا حرب في الأفق. أقله في الوقت الحاضر، يمكن أن يكون قد حدث نوع من التنسيق بين إيران وأميركا، لتشن الأولى هجوما صاروخيا من دون أن يخلف قتلى لإقناع الرأي العام الإيراني".


إلا أن مستخدمين استهزأو بهذا الرأي، ورفضوه، ليقول المغرد هادي إن "البعض يريد أن يسوق أن إيران بتنسيق مع أميركا وإذنها قامت بضرب أهداف أميركية في العراق، فإن كان ذلك صحيحا، فيدل على ذروة الحقارة والرذالة للأميركيين #الصفقة_الأولى".



من جهتها، اتخذت القوات المسلحة الإيرانية، موقفاً من الرأي القائل بوجود تنسيق بين طهران وواشنطن قبل الهجوم، واصفة إياه بـ"مزاعم مضحكة وكذب محض".



إلى جانب هذا الجدل، اجتاحت وسوم أخرى مثل #عين_الأسد، الفضاءات الافتراضية، والجميع كان يسأل هنا وهناك عن الخسائر في صفوف القوات الأميركية وفي معداتها العسكرية. وبينما كانت تنقل حسابات عن مصادر إيرانية مقتل 80 جندياً أميركياً وتحطم مقاتلات، شككت حسابات أخرى في هذه الأرقام وصحتها، داعيةً إلى انتظار كلمة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، ليعلن عن عدد الضحايا والجرحى من جهة، ويكشف عن طبيعة القرار الذي اتخذه في التعامل مع الهجمات الإيرانية، من جهة ثانية، وسط تكهنات وتوقعات بشأنها، حيث تحدّث البعض عن احتمال أن يتخذ قرارا بشن حرب وآخرون قالوا إنه لن يفعل شيئا واللعبة ستنتهي.

وفيما انشغل المستخدمون الإيرانيون بهذه التكهنات، أعلن البيت الأبيض، أن ترامب سيلقي كلمة بشأن إيران في تمام الساعة 1600 بتوقيت غرينتش. وكان سوق التوقعات منتعشاً حتى قبل دقائق من هذه الكلمة، ليكتب المغرد "ميعاد" أن "ترامب سيلقي خطابا بعد خمس دقائق. أنا لا اتوقع أن يأمر بشن هجوم أو يفعل مثله".



وأعلن الرئيس الأميركي أن "لا قتلى ولا جرحى" في صفوف الجنود الأميركيين على خلفية الهجمات الصاروخية الإيرانية، ليكتشف سريعاً بهذا القول أنه لا يعتزم التصعيد والرد على الهجوم الإيراني، وهو ما فسره إيرانيون على شبكات التواصل بتدبير ترامبي للخروج من المأزق بسبب التكلفة الباهضة للحرب اقتصاديا وسياسيا بالنسبة له، حسب قولهم.


ودعا ترامب طهران إلى العمل معا لمواجهة "داعش" والسلام، على عكس توقعات الكثيرين، وسط تهديده بفرض مزيد من العقوبات على إيران.
وتعامل المغردون الإيرانيون بازدراء واستهزاء مع كلمة الرئيس الأميركي، ليقول مغرد إن "ترامب أصبح كالفأر. صوته كان مرتعشا (مرتجفا). بعد ذلك لمّ نفسه وقال إن الجميع بخير ولم يقتل أحد من الأميركيين والعراقيين ولا جرحى. ثم بدأ يتبجح بنفسه".



وكتب شخص آخر أن "ملخص كلام ترامب أنه قال سامحوني ... حدث شيء وحليناه مع مساعديي.... من الآن فصاعدا سنكون أولاد طيبيين".


كما أن مغردا آخر قال إن "كلمة ترامب قد انتهت. لقد عدنا إلى نقطة الصفر لكن من دون قاسم سليماني".


وعلى منصة "إنستغرام" أيضا، كانت الردود نفسها اتخذت طابع الاستهزاء، ليقول مستخدم إن ترامب كان قد هدد بعد اغتيال الجنرال سليماني بأنه سيرد على أي هجوم إيراني بقصف 52 موقعا، إلا أنه خلال كلمته دعا إيران إلى "التعاون حول الهواجس المشتركة"!!

Instagram Post
المساهمون