كيف تصبح مثل مايكل ستيفنز؟

لماذا نحب التقبيل؟

لماذا نشتم؟

أسئلة غريبة يرى مايكل ستيفنز أنها الطريقة الأفضل لتقديم العلوم، يبدأ بلفت انتباهك لموضوع مثير للفضول، بعدها تقرر التعرف على الإجابات، ثم تنصدم بكم ضخم من الحقائق والنظريات العلمية والورقات البحثية ذات العلاقة بأسئلة غريبة كـ "ما هي سرعة الظلام؟" أو "هل حدث الماضي حقاً"!

كل هذا تجده على موقع ستيفنز Vsauce الذي ينتج من خلاله فيديوهاته الخاصة، والذي وصل عدد متابعيه إلى 10 ملايين تقريباً، مع عدد مشاهدات يقترب من مليار مرة، وتنوع الجمهور بين أطفال في الـ 13 ومسنين في الـ65.

يكمن سر مايكل ستيفنز بأمر واحد يتقنه، وهو المزيج البسيط ما بين العلوم الحقيقية والإبهار، وهي المعادلة صعبة التحقيق، لأن تبسيط العلوم بشدة قد يفقدها رصانة المحتوى ودقته، والتركيز على رصانة المحتوى ودقته قد يفقده البساطة، لكن ستيفنز نجح ببساطة في تحقيق المعادلة.

هو ينشر مثلا فيديو بعنوان: "هل الأحمر الذي تراه هو الأحمر الذي أراه؟" ثم ينطلق بك إلى الحديث عن مبدأ هام للغاية لطالما حير الفلاسفة والعلماء، وهو ما ندعوه الـ Qualia، هل ما نراه هو العالم الحقيقي أم العالم معرض لفلتر حواسنا؟

البداية

ولد مايكل ستيفنز في مدينة كانساس الأميركية في يناير/ كانون الثاني 1986، في المرحلة الثانوية اهتم بالدراما ثم انضم لجامعة شيكاغو لدراسة كل من علم النفس العصبي واللغة الإنكليزية والآداب معاً.

صب اهتمامه على تحرير الفيديوهات من الأفلام أو المناسبات السياسية، ثم أطلق قناته الأولى بعنوان Pooplicker888, ثم القناة الثانية Campain2008 التي نال بعض الشهرة من خلالها.

لم يكن نشاط مايكل علميا في البداية بل كان سياسيا وفنيا، وحينما انطلقت Vsauce في عام 2010 لم تكن إلا قناة لألعاب الفيديو، بعدها بدأ يتخذ مكاناً صلباً تحت اسم Vsauce. وهي كلمة لا معنى لها، هي أحد نتائج مُخلق أسماء مستعارة إلكتروني. ويعمل ستيفنز حاليا في يعمل حالياً في شركة غوغل ويحقق من فيديوهاته ما يقرب من 1.2 مليون دولار سنوياً.


اقرأ أيضاً: المجرة الحلزونية..نظرة إلى تدريس العلوم في مصر

كيف تكون؟

قد تكون لديك الرغبة كشاب أو مراهق أو حتى طفل، في أن تكون مبهرا وناجحا مثل مايكل ستيفنز، ولتحقيق ذلك هناك بعض النصائح البسيطة:

1- ألا تكون مايكل ستيفنز. أهم أسباب نجاح مايكل هو أنه "مايكل"، على طبعه لا يتصنع ولا يقلد بأي شكل، بل يضع إنتاجاً أصيلاً خاصاً به. كن كما أنت، اربط إنتاجك بذاتك وثقافتك بحيث لا يؤثر ذلك على المحتوى. لقد أبدع أعظم أدباء العالم حينما كانوا محليين، مرتبطين بتقديم فلسفاتهم الخاصة من خلال حكايات مجتمعاتهم.

2- ليكن لك إنتاج جوهري. ليكن قصيدة، مقالاً، شرحاً لكتاب، أغنية، أي شيء. من المهم أن تكون غزير الإنتاج، لا تنتظر تلك اللحظة التي تكون فيها كاملاً قبل أن تصنع أول فيديو مثلاً، بل باشر فوراً بالإنتاج معتمداً على ما لديك من قدرات. الموضوع هو نوع من الجدل ما بين أعمالك والنقد الموجه لها، ينقلك ذلك لأعمال أفضل تواجه نقداً من نوع آخر... وهكذا.

3- ركّز على ما تحب. لا يمكن للإنسان أن يحقق إنتاجاً قوياً إلا إن كان فيما يحب، لا يمكنه بذل مجهود حقيقي في شيء لا يحبه، ذلك لأن الشغف للتعلم هو الدافع الأقوى لبذل المجهود.

4- لتعمل كثيراً وكثيراً جداً. إن كنت تود اختيار خطوة واحدة لتطبيقها فهي تلك الخاصة بالعمل. لا يمكن أن تحصد إنتاجا حقيقيا من أي نوع إلا ببذل ساعات متوالية من الجهد المنظم في تلخيص أو فهم مادة علمية ما، ثم صناعة مسودات أولية وتلخيصات خاصة بك.

5- تواصل مع مجتمع محبي العلم الذي تود تعلمه. لكل مادة علمية أو فلسفية مجموعة من الهواة يصنعون مجتمعاً نشطاً على وسائل التواصل الاجتماعي. التواصل مع الآخرين والاستفادة من خبراتهم وتوجيهاتهم هو نقطة قوة.

6- اكسر حاجز اللغة، بحث بسيط عن أحد موضوعات الميكانيك الكمومي أو فلسفة فيتغنشتين مثلاً على الويب المكتوب بالعربي سوف ينتهي بعد دقائق بينما البحث في المحتوى المكتوب بالإنجليزية ربما لا ينتهي أبداً.. الفارق ليس فقط في الكم بل في الكيف ومدى التنوع.

اقرأ أيضاً: أبواب السماء..كيف للعلم أن يدخل أبواب البيوت

7- تفهّم جمهورك. إن كانت رغبتك هي توصيل الكيمياء العضوية للعامة فذلك يعني أن النص الذي تكتبه ذو ملكية مشتركة بينكم لذلك سوف يكون استعراضك لكل عضلاتك المعرفية هو كارثة في كل الأحوال، لا يمكن تقديم العلم للجمهور من دون التعرف على مستوى معارفه ورغباته وما الذي يثير انتباهه؟.. لذلك:

أ- كن بسيطاً لكن ارفع من شأن تصورك عن ذكائهم، لا تتعامل معهم كأغبياء. كبشر، نحب أن يتم تحدي ذكائنا.

ب- قلل من شأن تصورك عن محتوياتهم اللغوية، اقصد قدرتهم على فهم كلمات معقدة، استخدم أكبر قدر ممكن من الكلمات البسيطة لشرح المعاني المعقدة، تلك القدرة نتيجة فهم تام للمحتوى الذي تقدمه.

جـ - وأخيراً، لتستثر فضولهم قدر الإمكان، لأنك تسأل أسئلة غريبة كـ "ما هو لون المرآة؟" أو "ماذا لو قفز كل البشر فجأة؟".

8- المصادر الموثوقة، لا يمكن اعتبار صفحات العلم الشعبي Popular Science أو مقالات الهواة مصدراً موثوقاً. تحتاج لورقات بحثية ومراجع علمية وكتب العلماء أو الفلاسفة الخاصة بهم. المصادر سر الاحترافية.

9- اعترف إن بدر منك خطأ ما. احذف فوراً ما تنشره إن علمت أن فيه خطأ، مهما كان المجهود الذي تم بذله، لا تجادل ولا تقع في خطأ التبرير.

10- لا تتخل عن الاستمتاع بما تعمل، في اليوم الذي يتوقف ذلك "اللعب" ويتحول لمهمات شاقة يجب عليك ممارستها بشكل يومي ينتهي مشروعك. قال ألبرت أينشتاين لمارسيل غروسمان حينما ضاقت به الدنيا ولم يجد مكاناً في أية جامعة: "لم أترك حجراً إلا وقلبته، ولم أتخل عن روح المرح، فلقد خلق الله الحمار وخلق قدرته على التحمل".