كورونا يهدد مصر بالتخلف عن سداد الديون

12 مارس 2020
الديون تقفز بشكل غير مسبوق في عهد السيسي (Getty)
+ الخط -

 

يهدد فيروس كورونا سريع الانتشار مصر بالتخلف عن سداد الديون، بعد إصابته قطاعات حيوية تمثل المورد الرئيسي للنقد الأجنبي للدولة، التي فتحت باب الاقتراض على مصراعيه منذ وصول الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى الحكم قبل نحو ست سنوات، رغم التحذيرات المتزايدة من خطورة ذلك.

وتزداد الضغوط على السياحة وقناة السويس وصادرات الغاز وكذلك تحويلات المصريين العاملين في الخارج، ما ينذر بفقدان الدولة مليارات الدولارات خلال الأشهر المقبلة.

في حين كشفت بيانات حديثة صادرة عن البنك الدولي أن الديون المقرر أن تسددها مصر خلال العام الجاري تتجاوز 18.6 مليار دولار، تمثل إجمالي الأقساط والفوائد التي تتحملها الدولة.

ووفق تقرير صادر عن البنك المركزي أخيرا، فإن حجم الديون قصيرة الأجل المستحقة حتى نهاية مارس/آذار الجاري تقدّر بنحو 4 مليارات دولار، موزعة بواقع 3.98 مليارات دولار في صورة أقساط، و32.14 مليون دولار في صورة فوائد.

وقبل يومين، كشفت مصادر مطلعة عن تراجع أكثر من 70 في المائة من الحجوزات السياحية الجديدة لمصر، بسبب انتشار فيروس كورونا، بينما كانت الحكومة تنتظر تعافيا للقطاع المأزوم منذ سنوات عدّة لتعزيز موارد النقد الأجنبي. ويتم الحجز في العادة قبل ستة إلى ثمانية أشهر من موعد الرحلات.

ووفق إحصاءات البنك المركزي، فإن إيرادات السياحة بلغت خلال العام المالي الماضي (انقضى بنهاية يونيو/حزيران 2019) نحو 12.6 مليار دولار، مقابل قرابة 10 مليارات دولار في العام المالي السابق له.

بينما تتوقع مصادر، انهيار العائدات حال استمرار كورونا في حجب السائحين عن مصر، التي سجلت، الأحد الماضي، أول وفاة بسبب الفيروس؛ إذ فارق سائح ألماني الحياة في مدينة الغردقة على البحر الأحمر (شرق)، كما أعلنت الحكومة عن رصد 59 حالة إصابة بالفيروس، من بينها 45 حالة على متن باخرة سياحية في نهر النيل بمدينة الأقصر (جنوب)، التي تعد المعابد الفرعونية فيها من أهم عوامل الجذب السياحي، حيث كانت تقلّ سياحا فرنسيين وأميركيين وهنوداً.

وقال اقتصاديون، إن تداعيات الفيروس على الاقتصاد قد تكون كارثية في أسوأ الأحوال. وقال أنجوس بلير، رئيس مركز سيجنت البحثي لتوقعات الأعمال والاقتصاد، وفق رويترز، أمس، "نحن في خضمّ حدث. إنه لا يزال في حالة تطور".

ومن المرجح أيضا أن تزحف أضرار كورونا إلى عوائد قناة السويس، الممر الملاحي العالمي. وكانت "العربي الجديد" قد نقلت، في الثاني من فبراير/شباط الماضي، عن مصادر ملاحية قولها إن "فيروس كورونا سيتسبب حتماً في تراجع حركة شحن البضائع عالميا، لا سيما بين آسيا وأوروبا، وهو ما سيلقي بظلال سلبية على حركة عبور السفن في القناة". ووصلت عائدات الممر الملاحي إلى نحو 5.7 مليارات دولار في العام الماضي.

ومن المرجح أيضا أن تتضرر تحويلات العاملين المصريين في الخارج، والتي وصلت العام الماضي إلى نحو 26 مليار دولار، وفق بيانات البنك المركزي.

وقد أوقفت بعض الدول الخليجية رحلاتها الجوية إلى مصر، واشترطت على المصريين المسافرين إليها الحصول على شهادة تثبت خلوّهم من كورونا. وحدث تزاحم شديد في مقر الحصول على الشهادات في القاهرة، يوم الأحد الماضي.

ومع تزايد مخاطر انحسار موارد النقد الأجنبي، أضحت الحكومة في مأزق شديد لإيجاد بدائل، بينما القنوات التي اعتمدت عليها في السابق أضحت نفسها مهددة بجفاف العائدات، خاصة الدول الخليجية التي يهدد انهيار أسعار النفط بارتفاع عجوزاتها المالية وتقليص الإنفاق.

وتأتي دول الخليج، كثاني أكبر دائن لمصر، بنسبة 21.4 في المائة بقيمة 23.5 مليار دولار، لتمتلك السعودية 8.3 في المائة من إجمالي الدين الخارجي لمصر، والإمارات 8.1 في المائة، والكويت 5 في المائة.

وقفز الدين الخارجي للبلاد، وفق بيانات البنك المركزي، بنسبة 18 في المائة على أساس سنوي، بنهاية الربع الأول من العام المالي الحالي 2019/ 2020 (نهاية سبتمبر/أيلول) إلى 109.36 مليارات دولار، كما ارتفع الدين المحلي بنسبة 8 في المائة إلى 4.18 تريليونات جنيه (270 مليار دولار).

ووفق رصد لـ"العربي الجديد"، قفز الدين الخارجي بنسبة تصل إلى 138 في المائة، منذ وصول السيسي للحكم، حيث لم يكن يتجاوز 46 مليار دولار.

ولا يبدو أن توجه مصر نحو الاقتراض من السوق الدولية لسداد ديون مستحقة لن يكون سهلاً، وفق المحللين، لا سيما في ظل عزوف المستثمرين عن الأسواق الناشئة، الأكثر هشاشة في مواجهة تداعيات كورونا.

المساهمون