تجد الطواقم الطبية المغربية نفسها منهكة في ظل ارتفاع الإصابات بفيروس كورونا، بعضها حالات حرجة، في ظل ضعف تجهيزات المستشفيات وقلة الكوادر المتخصصة
مع ارتفاع عدد حالات الإصابة الحرجة بفيروس كورونا في المغرب خلال الأيام الأخيرة، تعيش الطواقم الطبية والتمريضية في أقسام الإنعاش والتخدير في المستشفيات تحت ضغط استثنائي، في وقت تُطرح تساؤلات حول قدرتها على تحمّل ذلك الضغط بعد خمسة أشهر على بدء تفشي الفيروس.
وسارعت الفيدرالية الوطنية لأطباء التخدير والإنعاش في المغرب إلى إطلاق تحذير لإثارة انتباه المسؤولين، في ظل ما سجلته من ارتفاع متسارع في عدد الحالات الحرجة، وسط نقص كبير في الموارد البشرية المتخصصة في التخدير والإنعاش، إضافة إلى المواد الطبية الأساسية.
في هذا السياق، يقول رئيس الفيدرالية الوطنية لأطباء التخدير والإنعاش في المغرب، جمال الدين الكوهن: "الحالات الحرجة والصعبة المصابة بكورونا تزايدت بشكل مطرد خلال الأيام الأخيرة، ما فرض ضغوطاً على الكوادر الصحية العاملة في قسم التخدير والإنعاش"، لافتاً إلى أن "الوباء بات مقلقاً حالياً، ويتطلب تضافراً للجهود لإنقاذ أرواح المواطنين".
يتابع في حديثه لـ "العربي الجديد": "يصل المصابون إلى المستشفيات وهم في حالة حرجة جداً، وسرعان ما يفارقون الحياة بعد ساعات أو أيام قليلة من وصولهم. كما أنّ العديد من الجهات تشكو وجود نقص كبير في أسرّة الإنعاش في العناية المركزة".
وساهم تخفيف إجراءات الحجر الصحي وبالتالي السماح للمواطنين بالتنقل خلال عطلة عيد الأضحى في ارتفاع عدد الإصابات بالفيروس مع تسجيل حالات خطرة. إلا أن الحصيلة المسجلة في الأيام الأخيرة، والتي تعدت عتبة الألف إصابة يومياً، جعلت الطواقم الطبية والتمريضية تحت ضغط كبير، لا سيما في ظل ضعف قدرات مستشفيات المغرب وإنهاك الكوادر الطبية التي تعاملت مع الفيروس منذ تفشيه في مارس/ آذار الماضي.
في هذا السياق، يقول ممرض يعمل في قسم الإنعاش في مستشفى محمد السادس في طنجة، طلب عدم الكشف عن اسمه، إنه بعد التزايد الكبير في عدد المصابين بفيروس كورونا، نواجه عجزاً في بعض الأجهزة، لا سيما أجهزة التنفس الاصطناعي في مختلف المستشفيات الحكومية، ما يزيد الضغوط على الطواقم الطبية والتمريضية. ويوضح لـ "العربي الجديد" أن تلك الطواقم وجدت نفسها في وضع لا تحسد عليه في مستشفى محمد السادس في طنجة، نتيجة عجزها عن مواجهة الارتفاع المتصاعد في الإصابات الذي شهدته المدينة خلال الشهر الماضي، وعدم قدرتها عن الحيلولة دون تسجيل وفيات في صفوف المصابين، بعدما أصبح الحصول على جهاز تنفسي أمراً تعجيزياً.
وما يزيد من الضغط على العاملين في أقسام الإنعاش، بحسب المصدر نفسه، أن الأمر لم يعد يقتصر على المتقدمين في السن والمصابين بأمراض مزمنة، بعدما باتت أقسام الإنعاش تستقبل مصابين من الشباب. كما أن عدداً منهم أصبحوا يلجؤون مباشرة إلى أقسام الإنعاش والعناية المركزة بسبب توفر أجهزة التنفس الاصطناعي.
يضيف الممرض: "الكوادر التمريضية العاملة في أقسام الإنعاش تعمل لساعات طويلة ومتواصلة، كما تعمل في ظروف صعبة في ظل ما يقتضيه علاج المصابين بالفيروس من إجراءات واحتياطات، بعيداً عن عائلاتها. ووصلت اليوم إلى مرحلة الإنهاك من دون إغفال معاناتهم النفسية من جراء الموت المحيط بهم". ويقول: "أخال أن ما نعيشه اليوم، من تزايد الحالات الحرجة في أقسام الإنعاش يجعلنا في وضع صعب جداً ما لم يتم تدارك الأمر".
ويرى الكوهن أن الوضع الحالي يفرض اتخاذ إجراءات عاجلة وشجاعة لأن الأمر ليس مؤقتاً، محذّراً من أن "الأشهر المقبلة قد تكون صعبة في ظل انتشار فيروسات أخرى". ويؤكد "ضرورة التعامل بصرامة مع الجائحة، وأن نكون واقعيين لأنها لن تنتهي في القريب العاجل، والحل الوحيد هو التعايش مع الفيروس". يضيف: "الوفيات هو أمر واقع، لكن التحدي المطروح اليوم هو إنقاذ أكبر عدد من الأرواح، ما يتطلب شراكة حقيقية بين مستشفيات القطاع العام والخاص، وانخراط الجميع، كل من موقعه سواء، بالتوعية، ويتحمل المواطن مسؤوليته، ويلتزم بإجراءات الوقاية الصحية لأنه سيساهم في إنقاذ نفسه وأرواح المحيطين به والبلد". يتابع الكوهن أن الحفاظ على المنظومة الصحية سيجنب سيناريوهات كارثية وانهياراً اقتصادياً واجتماعياً.
موت
أعلن أطباء ومتخصصون مغاربة في أقسام الإنعاش، خلال ندوة افتراضية نظمتها الجمعية المغربية للعلوم الطبية في 13 أغسطس/ آب الحالي، أن 23 في المائة من الحالات الحرجة المصابة بكورونا تتوفى بعد دقائق أو ساعات من الوصول إلى المستشفيات. كما أن 80 في المائة من الحالات التي تحتاج إلى أجهزة تنفس اصطناعية تموت.