تخشى الفلسطينية آمال شعبان (45 عاماً) المريضة بـسرطان الثدي الخروج من منزلها لاستكمال علاجها في قسم الأورام بمستشفى الرنتيسي في حي النصر شمالي مدينة غزة، رغم أنّ حظر التجول الذي تفرضه الجهات الحكومية في القطاع لمكافحة تفشي فيروس كورونا يسمح للحالات الطارئة بالخروج لقضاء حوائجها.
آمال وهي أم لخمسة من الأبناء، تسكن مخيم الشاطئ للاجئين غربي مدينة غزة، وتشعر بالخوف والقلق الشديدين على حياتها بسبب تزايد الإصابات في قطاع غزة بعد اكتشاف الفيروس محلياً منذ أكثر من أسبوع.
ويعاني أكثر من ثمانية آلاف مريض سرطان في قطاع غزة بشدة بسبب عدم توفر العلاج اللازم لهم، وذلك في ظل القيود المشدّدة المفروضة على غزة وحصارها، والإجراءات على المعابر الحدودية بعد إعلان حالة الطوارئ.
وتقول شعبان لـ"العربي الجديد"، إنّ "معاناتها هي ومثيلاتها من مرضى ومريضات السرطان في قطاع غزة لم تعد تتوقف على عدم توفر العلاج والأدوية اللازمة، أو توقف التحويلات، بل تعدت ذلك الآن لتصل إلى تهديد حياتنا بفيروس كورونا الذي يعرف بسرعة انتشاره واستهدافه لأصحاب المناعة الضعيفة كمرضى السرطان وغيرهم من أصحاب الأمراض المزمنة.
وأعلنت الجهات الحكومية في القطاع ليل الإثنين الثلاثاء حظراً للتجول في كافة مناطق قطاع غزة، بعد اكتشاف إصابات محلية بفيروس كورونا بعد سبعة أشهر من محاولة إبعاده عن السكان بإجراءات عبر إغلاق الحدود والمعابر.
ويقول الفلسطيني باسل شتات وهو مريض بسرطان الرئة وورم في الدماغ، إنّ حالته تزداد صعوبة يوماً بعد يوماً وهو الذي كان من المقرر أن يستكمل علاجه الإشعاعي بمستشفى المطلع بالقدس المحتلة قبل حلول جائحة كورونا بسبب صعوبة حالته.
وتخشى عائلة شتات أن يفقد ابنها باسل (50 عاماً) حياته بسبب الورم الدماغي نتيجة حاجته لتلقي العلاج بشكل ينهي يوقف معاناته مع السرطان، بعد أن توقف التنسيق بين السلطة الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي لتحويل الحالات المرضية من قطاع غزة إلى القدس والداخل المحتل.
وتأمل عائلة المريض الفلسطيني أنّ توفر وزارة الصحة بدائل لأجل تلقي المرضى العلاج بعيداً عن قلق الخروج من المنزل، خوفاً من تفشي الفيروس الذي يهدد حياة ضعيفي المناعة من أمثال مرضى السرطان.
وتعتمد وزارة الصحة الفلسطينية في غزة، منذ بداية جائحة كورونا مطلع مارس/ آذار الماضي، خطة بديلة للمحافظة على حياة مرضى السرطان وحياة الطواقم الطبية من العدوى بفيروس كورونا.
ويؤكّد رئيس قسم الأورام بمستشفى الرنتيسي الطبيب خالد ثابت، أنّ طواقم وزارة الصحة في انعقاد دائم لتقييم الأوضاع العلاجية لمرضى السرطان، ومنع إصابة أحدهم بفيروس كورونا الذي قد يسبب له مضاعفات صحية قد تصل به إلى الوفاة.
ويوضح ثابت لـ"العربي الجديد" أنّ الوزارة اتخذت قراراً بتأجيل جلسات العلاج الكيميائي لمئات المرضى وفق بروتوكولات صحية معينة لا تضر بصحة المريض، موضحاً أنّ "تأجيل العلاج لأسبوع لا يضر بصحة المريض، ونأخذ بالقرار الأسلم للحفاظ على حياة المرضى."
ويشير إلى أنّ صحة مرضى السرطان على وجه التحديد لا تقبل المخاطرة، ويبيّن: "نعمل على تقييم الأوضاع بين حينٍ وآخر حتى نوفر لهم الخطة الأمثل لمنع الإصابة بفيروس كورونا".
وتعتمد وزارة الصحة في غزة مستشفى الرنتيسي لعلاج مرضى أورام السرطان، إذ تظهر آخر الإحصائيات أنّ هناك زيادة مطّردة في عدد حالات مرض السرطان في القطاع بنسبة تتراوح بين 10-15 في المائة سنوياً، ويتم اكتشاف ما بين 120-130 حالة جديدة شهريا.
في المقابل، فإنّ النقص في إمكانات العلاج والرعاية الصحية اللازمة والسريعة يتزايد مع عدم توفر العلاج، ووقف التحويلات الطبية لمستشفيات الضفة الغربية وإسرائيل.
ويقول الطبيب الفلسطيني، إنّ وزارة الصحة اعتمدت صرف المسكنات والأدوية والمضادات الحيوية لمرضى السرطان، في اللحظة التي توقفوا فيها عن استقبال حالات السرطان القابلة لتأجيل علاجها.
ويلفت ثابت، إلى أنّ واقع مرضى السرطان قائم على التقييم المستمر إلى حين ترتيب أوراق هؤلاء المرضى، ويشير إلى أنّ الاهتمام بصحة المرضى وعدم انتقال العدوى إليهم هو الأمر الأشد أهمية لدى وزارة الصحة.
ووفقاً للمركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، فإنّه تلقى عشرات الشكاوى والمناشدات من مرضى السرطان يطالبون فيها بالتدخل العاجل لضمان سفرهم لتلقي العلاج في الخارج بعد أن عجزت مستشفيات القطاع لعلاج مرضى السرطان عن تقديم الخدمة العلاجية الملائمة لهم، وعجزت كذلك عن توفير الأدوية والمستلزمات الطبية والعلاج الإشعاعي لهؤلاء المرضى.